صفحة جزء
[ ص: 291 ] باب الإحرام

وهو نية النسك ، لا ينعقد إلا بنية ، وللشافعي قول ضعيف : ينعقد بالتلبية ونية النسك كافية ، نص عليه ( و م ش ) وفي الانتصار رواية : مع تلبية أو سوق هدي ( و هـ ) اختارها شيخنا ، وقاله جماعة من المالكية ، وحكى قولا للشافعي ، وبعضهم حكى قولا : يجب ، وحكي عن مالك وجماعة من الشافعية ، وابن حبيب المالكي اعتبر مع النية التلبية . وجه الأول عبادة بدنية ليس في آخرها نطق واجب ، فكذا أولها ، كصوم ، بخلاف الصلاة وبخلاف هدي وأضحية فإنه إيجاب مال ، كالنذر . ورفع الصوت بها لا يجب فلا يجب تابعه ، ثم للندب ، لما سبق ، ويتوجه احتمال : تجب التلبية ، والاعتبار بما نواه لا بما سبق لسانه إليه ( و ) قال ابن المنذر : أجمع عليه كل من يحفظ عنه من أهل العلم .

وقال مالك : الاعتبار بالعقد دون النية . ويستحب لمن أراده التنظف له بأخذ شعر وظفر ونحوهما وقطع رائحة ، قال إبراهيم : كانوا يستحبون ذلك . ثم يلبسون أحسن ثيابهم رواه سعيد . وسبق أنه يغتسل له . وهل يتيمم لعدم أم لا ؟ ولا يضر حدثه بعد غسله قبل إحرامه . وفي جوامع الفقه للحنفية : لم ينل فضله ، كالجمعة ، كذا في كلامهم . ويستحب له التطيب ، سواء بقي عينه .

[ ص: 292 ] كالمسك ، أو أثره كالبخور ( و هـ ش ) ولفظ أحمد ، لا بأس أن يتطيب قبل أن يحرم ، { لقول عائشة رضي الله عنها كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم ، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك } . ولمسلم : { كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرقه وهو محرم وهذا في حجة الوداع } ، وكرهه مالك وجماعة . وروي عن عمر وابنه وعثمان ، وذكر القاضي وأصحابه عن مالك : لا يجوز . وإن استدامه فلا كفارة ، لخبر يعلى بن أمية { أن رجلا أحرم في جبة ، متضمخ بالخلوق . وأنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال . أما الطيب فاغسله ثلاث مرات . وأما الجبة فانزعها } متفق عليه ، وهذا عام حنين سنة ثمان بلا خلاف ، قاله ابن عبد البر ، مع أن التزعفر منهي عنه للرجل مطلقا . ولا يلزم من منع ابتدائه منع استدامته ، كالنكاح . والرجل والمرأة سواء . عن عائشة { : كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنضمد جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام ، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها ، فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا } . رواه أبو داود .

[ ص: 293 ] والمذهب : يكره تطييب ثوبه . وحرمه الآجري . وقيل : هو كبدنه ، وهو أصح قولي الشافعي . وإن نقله من بدنه من مكان إلى آخر أو نقله عنه ثم رده أو مسه بيده أو نزعه ثم لبسه فدى ، بخلاف سيلان بعرق وشمس . ويستحب لبسه إزارا ورداء أبيضين نظيفين ، ونعلين ، بعد تجرد الرجل عن المخيط ، لفعله عليه السلام ، وعن ابن عمر مرفوعا { ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين } رواه أحمد ، قال ابن المنذر : ثبت ذلك . وفي تبصرة الحلواني : إخراج كتفه الأيمن من الرداء أولى ، ويجوز إحرامه في ثوب واحد . وفي التبصرة : بعضه على عاتقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية