صفحة جزء
فصل

التمتع أن يحرم بالعمرة ، أطلقه جماعة ، وجزم آخرون من الميقات أي ميقات بلده ، أطلقه جماعة منهم الكافي ، ومرادهم ما جزم به آخرون في أشهر الحج ، وهو نص أحمد ; لأن العمرة عنده في الشهر الذي يهل [ بها ] فيه ، وروي معناه بإسناد جيد عن جابر ، لا الشهر الذي يحل منها فيه ، قال الأصحاب : ويفرغ منها ، قال في المستوعب : ويتحلل ، قالوا : [ ص: 307 ] ثم يحرم بالحج من عامه ، زاد جماعة : من مكة ، زاد بعضهم : أو قربها ، ونقله حرب وأبو داود . والإفراد أن يحج ثم يعتمر ، ذكره جماعة والشافعية ، قال جماعة : يحرم به من الميقات ، ثم يحرم بها من أدنى الحل ، زاد بعضهم : وعنه : بل من الميقات .

وفي المحرر أن لا يأتي في أشهر الحج بغيره ، قال القاضي وغيره : ولو تحلل منه في يوم النحر ثم أحرم فيه بعمرة فليس بمتمتع ، في ظاهر ما نقله ابن هانئ : ليس على معتمر بعد الحج هدي ; لأنه في حكم ما ليس من أشهره ، بدليل فوت الحج فيه ، وكذا في مفردات ابن عقيل ، فدل أنه لو أحرم بعد تحلله من الأول صح . وفي الفصول : الإفراد أن يحرم بالحج في أشهره ، فإذا تحلل منه أحرم بالعمرة من أدنى الحل . والقران أن يحرم بهما معا ، قال جماعة : من الميقات ، أو بالعمرة منه ثم بالحج ، قال جماعة : من مكة أو [ من ] قربها . وإن شرع في طوافها لم يصح ( و ش ) كما لو سعى ، إلا لمن معه هدي فيصح ويصير قارنا ، بناء على المذهب أنه لا يجوز له التحلل ، ولا يعتبر لصحة إدخاله الإحرام به في أشهره ، على المذهب ، واعتبره الشافعية على أصلهم ، ولهم وجهان لو أدخله فيها وكان أحرم بها قبلها ، لتردد النظر هل هو أحرم به قبل أشهره ؟ ومن أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح ولم يصر قارنا ، بناء .

[ ص: 308 ] على أنه لا يلزمه بالإحرام الثاني شيء ( و م ش ) وفيه خلاف لنا ، والصحة قول الحنفية مع أنه أخطأ السنة وأساء عندهم ، قالوا : فإن كان طاف للحج طواف القدوم فعليه دم ، لجمعه بينهما ; لأنه بان أفعال العمرة على أفعال الحج من وجه . ويستحب أن يرفضها لتأكد الحج بفعل بعضه ، وعليه لرفضها دم ويقضيها . ومذهبنا أن عمل القارن كالمفرد في الإجزاء ، نقله الجماعة ، ويسقط ترتيب العمرة ويصير الترتيب للحج ، كما يتأخر الحلاق إلى يوم النحر ، فوطؤه قبل طوافه لا يفسد عمرته ، قالت عائشة : وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا ، متفق عليه ، وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم { يسعك طوافك لحجك وعمرتك فأبت ، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج } .

وفي لفظ { يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك } رواهما مسلم . وفي الصحيحين من حديث جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : قد حللت من حجك وعمرتك جميعا قالت : أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت ، قال فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم } زاد مسلم : { وكان رجلا سهلا ، إذا هويت الشيء تابعها عليه } . وعن ابن عمر مرفوعا { من قرن بين حجه وعمرته أجزأه لهما طواف واحد } إسناده جيد ، رواه أحمد [ وأبو داود ] وابن ماجه . وفي لفظ { من [ ص: 309 ] أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما حتى يحل منهما جميعا } إسناده جيد ، رواه النسائي ، والترمذي وقال : حسن غريب .

وقال : رواه عن عبيد الله بن عمر عن نافع غير واحد ولم يرفعوه ، وهو أصح ، كذا قال ، ورفعه جماعة عن نافع من رواية النسائي وغيره . وكعمرة المتمتع ، وكما يجزئه الحج ، وعن أحمد : على القارن طوافان وسعيان ( و هـ ) رواه سعيد والأثرم عن علي ، وفي صحته نظر ، مع أنه لا يرى إدخال العمرة على الحج ، فعلى هذه الرواية يقدم القارن فعل العمرة على فعل الحج ( و هـ ) كمتمتع ساق هديا ، فلو وقف بعرفة قبل طوافه وسعيه لها فقيل : تنتقض عمرته ويصير مفردا بالحج يتمه ثم يعتمر ( و هـ ) ، وقيل : لا تنتقض ، فإذا رمى الجمرة طاف لها ثم سعى ثم طاف له ثم سعى ( م 1 ) ويأتي فيمن حاضت فخشيت فوات الحج بعد [ فصل ] فسخ القارن والمفرد وعن أحمد : على القارن عمرة مفردة ، اختارها أبو بكر وأبو حفص ، لعدم طوافها ، ولاعتمار عائشة ، وسبق رواية ضعيفة : لا تجزئ العمرة من أدنى [ ص: 310 ] الحل ، والحج يجزئ للمتمتع من مكة ، فالعمرة للمفرد من أدنى الحل أولى .


[ ص: 309 ] باب الإحرام

( مسألة 1 ) قوله : وعن أحمد : على القارن طوافان وسعيان فعلى هذه الرواية يقدم القارن فعل العمرة على فعل الحج ، كمتمتع ساق هديا ، فلو وقف بعرفة قبل طوافه وسعيه لها ثم سعى ثم طاف له ثم سعى ، انتهى .

( القول الأول ) قدمه في الرعاية الكبرى .

( والقول الثاني ) لم أر من اختاره ( قلت ) : وهو الصواب ، وظاهر كلام أكثر الأصحاب . [ ص: 310 ] تنبيهات : ( الأول ) قوله : فدل أنه لو أحرم بعد تحلله من الأول صح ، انتهى ، لعله " بعد تحلله الأول " بإسقاط " من " أو يقال : وتقديره بعد تحلله من النسك الأول

التالي السابق


الخدمات العلمية