صفحة جزء
[ ص: 443 ] ويجتنب المحرم ما نهى الله تعالى عنه مما فسر به الرفث والفسوق [ وهو ] السباب وقيل : المعاصي . والجدال : المراء ، روي عن جماعة منهم ابن عمر وعطاء وإبراهيم . قال ابن عباس : هو أن تماري صاحبك حتى تغضبه ، قال الشيخ : المحرم ممنوع من ذلك كله .

وقال في الفصول : يجب اجتناب الجدال وهو الممارة فيما لا يعني .

وفي المستوعب : يحرم عليه الفسوق وهو السباب ، والجدال وهو المماراة فيما لا يعني .

وفي الرعاية : يكره له كل جدال ومراء فيما لا يعنيه ، وكل سباب ، وقيل : يحرم كما يحرم على المحل ، وأولى ، كذا قال ، وفي تفسير ابن الجوزي وغيره عن

[ ص: 444 ] أكثر المفسرين في قوله تعالى { ولا جدال في الحج } لا تمارين أحدا فيخرجه المراء إلى المماراة وفعل ما لا يليق في الحج ، وعن جماعة : لا شك في الحج ولا مراء ، فإنه قد عرف وقته . وفيه [ في قوله ] { وجادلهم بالتي هي أحسن } قيل : بالقرآن والتوحيد ، وقيل : غير فظ ولا غليظ ، وقيل : إنه منسوخ بآية السيف ، وهذا ضعيف ، وفيه في قوله { فلا ينازعنك في الأمر } أي في الذبائح ، والمعنى : فلا تنازعهم ، وهذا جائز في فعل لا يكون إلا من اثنين . فإذا قلت لا يجادلنك فلان ، فهو بمنزلة لا تجادلنه ، ولهذا قال { وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون } قال : وهذا أدب حسن ، علمه الله تعالى عباده ليردوا به من جادل على سبيل التعنت ولا يجيبوه ولا يناظروه . وفي الروضة وغيرها : يستحب أن يتوقى الكلام فيما لا ينفع ، والجدال والمراء واللغو وغير ذلك مما لا حاجة به إليه . وبسط هذا في الآداب الشرعية وكتاب أصول الفقه آخر القياس ، ولأحمد عن عبد الله بن نمير عن حجاج بن دينار عن أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعا { ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم قرأ { ما ضربوه لك إلا جدلا } } أبو غالب مختلف فيه ، قال ابن معين : صالح الحديث ، ووثقه الدارقطني وقال ابن عدي : لا بأس به .

وقال ابن سعيد : منكر الحديث .

وقال أبو حاتم : ليس بقوي ، وضعفه النسائي ، وبالغ ابن الجوزي فقال : لا يلتفت إلى روايته ورواه [ ص: 445 ] ابن ماجه من حديث حجاج . وكذا الترمذي . وقال : حسن صحيح .

وعن أبي هريرة مرفوعا { جدال في القرآن كفر } إسناده جيد ، رواه أحمد ، وعن مكحول عن أبي هريرة ولم يسمع منه مرفوعا { لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاحة ، ويترك المراء وإن كان صادقا } .

وعن أبي أمامة مرفوعا { أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه } حديث حسن رواه أبو داود .

ويستحب قلة الكلام إلا فيما ينفع ، وفي الرعاية : يكره له كثرته بلا نفع ، وعن أبي هريرة مرفوعا { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت } متفق عليه ، وعنه مرفوعا { من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه } حديث حسن ، رواه الترمذي وغيره ، ولأحمد من حديث الحسين بن علي مثله ، وله أيضا في لفظ { قلة الكلام إلا فيما يعنيه }

التالي السابق


الخدمات العلمية