صفحة جزء
من كرر محظورا من جنس ، مثل أن حلق ثم حلق أو قلم ثم قلم ، أو لبس ثم لبس ولو بمخيط في رأسه ، أو بدواء مطيب فيه ، أو تطيب ثم تطيب ، أو وطئ ثم وطئها أو غيرها ، ولم يكفر عن الأول ، فكفارة واحدة ، نص عليه ، وعليه الأصحاب ، تابعه أو فرقه ، فظاهره : لو قلم خمسة أظفار في خمسة أوقات لزمه دم ، وقاله القاضي ، وعلله بأنه لما بنيت الجملة فيه على الجملة في تداخل الفدية كذا الواحد على الواحد في تكميل الدم . وإن كفر عن الأول فعليه للثاني كفارة ، وعنه : لكل وطء كفارة ; لأنه سبب لها كالأول . فيتوجه تخريج في غيره ، وعنه : إن تعدد سبب

[ ص: 458 ] المحظور فلبس للحر ثم للبرد ثم للمرض فكفارات ، وإلا كفارة ، نقل الأثرم فيمن لبس قميصا وجبة وعمامة لعلة واحدة كفارة ، قلت : فإن اعتل فلبس جبة ثم برئ ثم اعتل فلبس جبة ، فقال : عليه كفارتان .

وقال ابن أبي موسى في الإرشاد : إذا لبس وغطى رأسه متفرقا فكفارتان .

وإن كان في وقت واحد فروايتان ، وعند أبي حنيفة : إن كرره في مجلس تداخلت ، لا في مجالس ، وعند مالك : تتداخل كفارة الوطء فقط . وجديد قولي الشافعي : لا تداخل ، وفي القديم : تتداخل ، وله قول : عليه للوطء الثاني شاة ، كقول أبي حنيفة . لنا ما تداخل متتابعا تداخل متفرقا كالأحداث والحدود وكفارات الأيمان ; ولأنها كفارة لا يتضمن سببها إتلاف نفس ، ككفارة اليمين ; ولأنه وطئ ، فكفر عنه كالأول ، أو محظور فكفر عنه كغيره ; ولأن الله أوجب في حلق الرأس فدية ولم يفرق ولا يمكن إلا شيئا بعد شيء . ولنا على أنه لا تداخل إذا كفر عن الأول اعتباره بالحدود والأيمان . وتتعدد كفارة الصيد بتعدده ، نقله الجماعة ، وعليه الأصحاب ( و ) لأن الآية تدل أن من قتل صيدا لزمه مثله ، ومن قتل أكثر لزمه مثل ذلك ; ولأنه لو قتل أكثر معا تعدد الجزاء ، فمتفرقا أولى ، لأن حال التفريق ليس أنقص كسائر المحظورات ; ولأنها كفارة قتل ، كقتل الآدمي ، أو بدل متلف ، كبدل مال الآدمي . ونقل حنبل : لا تتعدد إن لم يكفر عن الأول ، وحكي عنه مطلقا ، ونقل حنبل : إن تعمد قتله ثانيا فلا جزاء ، ينتقم الله منه . روي عن شريح ومجاهد وسعيد بن جبير

[ ص: 459 ] والنخعي وقتادة وقاله داود ، للآية ; لأن الجزاء إذا علق بلفظ ( من ) لم يتكرر نحو : من دخل داري فله درهم ، ولأنه قال { ومن عاد فينتقم الله منه } ولقول ابن عباس : إذا أصاب المحرم ثم عاد قيل له اذهب فينتقم الله منك . رواه النجاد . وكسائر المحظورات ; ولأن الأصل براءة الذمة ، والجواب عن الأول أن الجزاء يتكرر بتكرر شرط في محال ، نحو من دخل دوري فله بدخول كل دار درهم . والقتل يقع في صيد وصيود . وعن الثاني أنه لا يمنع ، كقوله في آية الربا : { ومن عاد فأولئك أصحاب النار } وللعائد ما سلف وأمره إلى الله ، وكقوله في آية المحاربة : { ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم } لا يمنع من العزم وعن الثالث يمنع صحته . وللدارقطني عنه في حمام الحرم : في الحمامة شاة ، وبتقديم ظاهر الكتاب والسنة عليه . وسبق جواب الرابع . ويتعدد بتعدد محظورات من أجناس متحدة الكفارة ، نص عليه وهو أشهر ( و ) كحدود مختلفة وأيمان مختلفة ، وعنه : كفارة واحدة وعنه : إن كان في وقت واحد وإلا فلكل واحد كفارة ، اختاره أبو بكر ، قال القاضي وابن عقيل : لأنها أفعال مختلفة ، وموجباتها مختلفة ، كالحدود المختلفة وقيل : إن تباعد الوقت تعدد الفداء وإلا فلا

التالي السابق


الخدمات العلمية