صفحة جزء
[ ص: 484 ] تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم تسمية بلده بالمدينة ، قال قوم : سميت مدينة ; لأنها مأخوذة من الدين ، والدين الطاعة ، ويقام بها طاعة وإليها .

وقال آخرون : لأنها دين أهلها أي ملكوا . يقال : دان فلان بني فلان أي ملكهم ، وفلان في دين فلان : في طاعته ، وفي الصحيحين من حديث أبي حميد { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه طابة } .

وعن جابر بن سمرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله سمى المدينة طابة } وعن زيد بن ثابت مرفوعا { إنها طيبة يعني المدينة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة } رواهما مسلم . سميت بذلك ; لأنها طهرت من الشرك . وروى أحمد خبر جابر وزاد في أوله قال : كان الناس يقولون يثرب والمدينة . وذكره . وعن أبي هريرة مرفوعا { أمرت بقرية تأكل القرى ، يقولون : يثرب ، وهي المدينة ، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد } متفق عليه ، فالأولى أن لا تسمى بيثرب . وهل يكره ؟ يحتمل وجهين ، ويتوجه احتمال بالمنع ( م 6 ) لما رواه أحمد عن البراء مرفوعا { من سمى المدينة [ ص: 485 ] بيثرب فليستغفر الله ، هي طابة ، هي طابة } فيه يزيد بن أبي زياد ، ضعفه الأكثر سبق أول المواقيت .

قال ابن الجوزي : قال الأزهري : كره ذكر الثرب ; لأنه فساد في كلام العرب .

وقال أبو عبيدة : يثرب اسم أرض ، ومدينة النبي صلى الله عليه وسلم في ناحية منها ، قال الفراء : نصل يثربي وأثربي ، منسوب إلى يثرب ، وإنما فتحوا الراء استيحاشا لتوالي الكسرات


[ ص: 484 ] ( مسألة 6 ) قوله بعد المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسمية المدينة : فالأولى أن لا تسمى يثرب ، وهل يكره ؟ يحتمل وجهين ، ويتوجه احتمال بالمنع . لحديث ذكره رواه الإمام أحمد .

قال الحافظ شهاب الدين بن حجر في شرح البخاري : فهم بعض العلماء من هذا الحديث كراهية تسمية المدينة يثرب ، وقالوا : ما وقع في القرآن إنما هو حكاية عن قول غير المؤمنين ، انتهى .

( قلت ) : الصواب الكراهة . للحديث الذي ذكره المصنف .

التالي السابق


الخدمات العلمية