صفحة جزء
ويحرم صيد المدينة ، نقله الجماعة ، وشجرها وحشيشها ، لخبر علي إن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا } وفي لفظ [ آخر ] { حرم من عير إلى كذا } رواهما البخاري .

ولمسلم . { حرم ما بين عير إلى ثور } .

وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المدينة حرم من كذا إلى كذا ، لا يقطع شجرها } رواه البخاري ومسلم ، ولفظه { لا يختلى خلاها ، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين } ولهما عنه مرفوعا { اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة } وعن أبي هريرة { أنه كان يقول : لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها حرام } رواه البخاري ومسلم وزاد { : وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى }

[ ص: 486 ] وعن عبد الله بن زيد بن عاصم { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها ، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا إبراهيم لأهل مكة } متفق عليه ، وعن سعد مرفوعا { إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها } رواه مسلم ورواه عن جابر مرفوعا ، وعن رافع بن خديج مرفوعا : { تحريم ما بين لابتيها } ، وعن أبي سعيد مرفوعا : { تحريم ما بين مأزميها ، ألا يهراق فيها دم ، ولا يحمل فيها سلاح لقتال ، ولا يخبط فيها شجرة إلا لعلف } . وعنه أيضا مرفوعا { إني حرمت ما بين لابتي المدينة كما حرم إبراهيم مكة وكان أبو سعيد يجد أحدنا في يده الطير فيفكه من يده ثم يرسله } ، وله أيضا عن سهل بن حنيف مرفوعا : { إنها حرم آمن } .

وعن علي مرفوعا { لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها ، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال ، ولا يصلح أن تقطع فيها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره } إسناده جيد ، رواه أحمد وأبو داود . وعن عدي بن زيد قال { : حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا في بريد لا يخبط شجره ولا يعضد ، إلا ما يساق به الجمل } . فيه سليمان بن كنانة ، روى عنه غير واحد . ولم أجد فيه كلاما ، رواه أبو داود وفي تحريمها أخبار سوى ذلك [ ثم ] قالوا : لم يبينه بيانا عاما ،

[ ص: 487 ] رد لا يعتبر . ثم بين ونقل عاما أو نقل خاصا ، كحجته عليه السلام ، ورجمه لماعز ، وصفة أذان وإقامة . قالوا { وإذا حللتم فاصطادوا } قلنا : مما حرمه الإحرام . ثم محمول على غير المدينة ، كغير مكة ، قال القاضي : تحريم صيد المدينة يدل على أنه لا تصح ذكاته ، وإن قلنا : يصح ، فلعدم تأثير هذه الحرمة في زوال ملك الصيد ، نص عليه ، ثم ذكر في الصحة احتمالين ( م 7 ) ويجوز الأخذ من شجرها وحشيشها ( المدينة ) لحاجة المساند والحرث والرحل والعلف ونحو ذلك ، لما سبق ; ولأن ذلك بقربها ، فالمنع منه ضرر ، بخلافمكة . ومن أدخلها صيدا ( المدينة ) فله إمساكه وذبحه ، نص عليه لقول أنس : { كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا ، وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال : أحسبه قال كان فطيما وكان إذا جاء قال يا أبا عمير ، ما فعل النغير نغير كان يلعب به . } متفق عليه . وفي المستوعب وغيره : حكم حرم المدينة حكم حرم مكة فيما سبق إلا في هذه المسألة والتي قبلها ولا جزاء فيما حرم من ذلك ، قال في رواية بكر بن محمد : لم يبلغنا

[ ص: 488 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحدا من أصحابه حكموا فيه بجزاء ، واختاره غير واحد ( و هـ م ش ) وأكثر العلماء ; لأنه يجوز دخوله بلا إحرام ، أو لا يصلح لأداء النسك أو لذبح الهدايا كسائر المواضع ، ولا يلزم من الحرمة الضمان ، ولا من عدمها عدمه ، ونقل الأثرم والميموني وحنبل : فيه الجزاء ، سلبه لمن وجده ، وهو المنصور عند أصحابنا في كتب الخلاف لما سبق من تحريمها كمكة وعن عامر بن سعد { أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه ، فسلبه ، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم ، فقال : معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبى أن يرد عليهم } رواه مسلم ، وعن سليمان بن أبي عبد الله قال { : رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة فسلبه ثيابه ، فجاء مواليه فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم هذا الحرم وقال من رأيتموه يصيد فيه شيئا فله سلبه فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها ، ولكن إن شئتم أعطيتكم ثمنه } . رواه أحمد وأبو داود وقال { من أخذ أحدا يصيد فيه فليسلبه } قال البخاري : سليمان أدرك المهاجرين ، سمعه يعلى بن حكيم ، ووثقه ابن حبان ، وتفرد عنه يعلى .

وقال أبو حاتم : ليس بمشهور فيعتبر بحديثه ; ولأنه يحرم لحرمة ذلك كحرم مكة والإحرام ، وسلبه : ثيابه ، قال جماعة : والسراويل ، قال في الفصول

[ ص: 489 ] وغيره : وزينة ، كمنطقة وسوار وخاتم وجبة قال : وينبغي أن منه آلة الاصطياد ; لأنها آلة الفعل المحظور ، كما قلنا في سلب المقتول ، قال غيره : وليست الدابة منه ، وأخذها قاتل الكافر لئلا يستعين بها على الحرب ، فإن لم يسلبه أحد تاب فقط ، وللشافعي قول قديم : فيه الجزاء ، وهل هو ما قلنا أو يتصدق به لمساكين المدينة ؟ فيه قولان


[ ص: 487 ] ( مسألة 7 ) قوله : قال القاضي : تحريم صيد المدينة يدل على أنه لا تصح ذكاته ، وإن قلنا تصح فلعدم تأثير هذه الحرمة في زوال [ ملك ] الصيد ، نص عليه ، ثم ذكر في الصحة احتمالين ، انتهى .

( قلت ) : الصواب صحة التذكية ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وظاهر كلام جماعة المنع . قال في المستوعب والتلخيص وغيرهما : حكم حرم المدينة حكم حرم مكة فيما سبق إلا في مسألة من أدخل صيدا أو أخذ ما تدعو الحاجة إليه من الشجر والحشيش .

التالي السابق


الخدمات العلمية