صفحة جزء
وإن قصد في طوافه غريما وقصد معه طوافا بنية حقيقية لا حكمية توجه الإجزاء في قياس قولهم . ويتوجه احتمال كعاطس قصد بحمده قراءة . وفي الإجزاء عن فرض القراءة وجهان ( م 2 و 3 ) وفي الانتصار في الضرورة : أفعال الحج لا تتبع إحرامه فتتراخى عنه ، وتنفرد بمكان وزمن ونية ، فلو مر بعرفة أو عدا [ ص: 501 ] حول البيت بنية طلب غريم أو صيد لم يجزئه ، وصححه في الخلاف وغيره في الوقوف فقط ; لأنه لا يفتقر إلى نية ، وقيل له في الانتصار في مسألة النية : المبيت بمزدلفة ورمي الجمار وطواف الوداع لا يفتقر إلى نية ؟ فقال : لا نسلم ذلك ، فإنه لو عدا خلف غريمه أو رجم إنسانا بالحصى وهو على الجمرة أو أكره على البيتوتة بمزدلفة لم يجزئه ذلك في حجه ، ولكن نية الحج تشتمل على جميع أفعاله ، كما تشتمل نية الصلاة على جميع أركانها وواجباتها ، وهذه من الواجبات ، وقد شملتها نية الحج ، وهذا بخلاف البدل عن ذلك وهو الهدي فإنه لم تشمله نية الحج ، وكذا ذكره القاضي وغيره أن نية الحج تشمل أفعاله لا البدل وهو الهدي ، وذكر غير واحد في مسألة النية أن الحج كالعبادات ، لتعلقه بأماكن وأزمان ، فيفتقر كل جزء منه إلى نية

وتشترط الطهارة من حدث ، قال القاضي وغيره : الطواف كالصلاة في جميع الأحكام إلا في إباحة النطق ، وعنه : يجبره بدم . وعنه : إن لم [ ص: 502 ] يكن بمكة ، وعنه : يصح من ناس ومعذور فقط ، وعنه : ويجبره بدم ، وعنه : وكذا حائض ، وهو ظاهر كلام القاضي وجماعة ، واختاره شيخنا وأنه لا دم لعذر ، وقال : هل هي واجبة أو سنة لها ؟ فيه قولان في مذهب أحمد وغيره ، ونقل أبو طالب : والتطوع أيسر ، وإن طاف فيما لا يجوز [ له ] لبسه صح وفدى ، ذكره الآجري ، ويلزم الناس في الأصح ، وجزم [ به ] ابن شهاب انتظارها لأجله فقط إن أمكن ، ونقل المروذي في المريض ببلد الغزو يقيمون عليه قال : لا ينبغي للوالي أن يقيم عليه .


[ ص: 500 ] مسألة 2 ، 3 ) قوله : وإن قصد في طوافه غريما وقصد معه طوافا بنية حقيقية لا حكمية توجه الإجزاء ، في قياس قولهم ، ويتوجه احتمال كعاطس قصد بحمده قراءة ، وفي الإجزاء عن فرض القراءة وجهان ، انتهى . ذكر المصنف مسألتين :

( المسألة الأولى 2 ) وهي الأصل : إذا قصد في طوافه غريما وقصد معه طوافا بنية حقيقية لا حكمية فهل يجزئه وهو قياس قولهم ؟ أو هو كعاطس قصد بحمده قراءة ؟ يعني إذا أراد المصلي الشروع في الفاتحة فعطس فقال : الحمد لله ، ينوي بذلك عن القراءة وعن العطاس ، وجه في المسألة توجيهين من عنده ، أحد التوجيهين أنه يجزئ ، في قياس لهم ، وهو الصواب ، والتوجيه الثاني حكمه حكم العاطس إذا حمد ينويهما ، وهي :

( المسألة 3 الثانية ) وقد أطلق الوجهين في الإجزاء عن فرض القراءة : أحدهما لا يجزئ ، وهو الصحيح ، ونص عليه في رواية حنبل ، وقدمه الشارح وابن حمدان وصاحب الفائق وغيرهم . [ ص: 501 ]

( والوجه الثاني ) يجزئه ، اختاره الشيخ الموفق ، وحمل كلام الإمام أحمد على الاستحباب ، فعلى الوجه الأول لا تبطل صلاته ، على الصحيح من المذهب ، وعنه : تبطل .

إذا علمت ذلك فيكون على التوجيه الثاني في المسألة الأولى وجهان مطلقان ، والصحيح منهما أنه لا يجزئه ، قياسا على مسألة العاطس . والله أعلم .

تنبيهان

( الأول ) قوله : بنية حقيقية لا حكمية ، فالحقيقية نية الطواف حقيقة ، والحكمية أن يكون له نية قبل ذلك ثم استمر حكمها من غير قطع ، وهو معنى قولهم : استصحاب حكم النية أن لا يقطعها ، نبه عليه شيخنا . [ ص: 502 ]

( الثاني ) قوله في الطواف : وإن أحدث تطهر . وفي البناء روايات الصلاة ، يعني اللاتي فيمن سبقه الحدث وهو في الصلاة ثم تطهر . والصحيح من المذهب عدم صحة البناء ، وقد قدمه المصنف . ذكروه في باب النية وغيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية