صفحة جزء
ونقل حرب : إذا قدم معتمرا فيستحب أن يقيم بمكة بعد عمرته ثلاثة أيام ، ثم يخرج ، فإن التفت ودع ، نص عليه ، وذكره أبو بكر ، وقدمه في التعليق وغيره ، وحمله جماعة على الندب ، وذكر ابن عقيل وابن الزاغوني : لا يولي ظهره حتى يغيب ، وذكر شيخنا أن هذا بدعة مكروهة ، وذكر جماعة : ثم يأتي الأبطح المحصب فيصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع به .

وتستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره وقبر صاحبيه رضي الله عنهما ، فيسلم عليه مستقبلا له لا للقبلة ( هـ ) ثم يستقبلها ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو ، ذكره أحمد ، وظاهر كلامهم قرب من الحجرة أو بعد .

وفي الفصول نقل صالح وأبو طالب : إذا حج للفرض لم يمر بالمدينة ; لأنه إن حدث به حدث الموت كان في سبيل الحج ، وإن كان تطوعا بدأ بالمدينة .

وفي المستوعب وغيره : أنه يستقبله ويدعو ، قال ابن عقيل وابن الجوزي : يكره قصد القبور للدعاء ، قال شيخنا : ووقوفه عندها له ، ولا يستحب تمسحه به ، قال في المستوعب : بل يكره ، قال أحمد : أهل العلم كانوا لا يمسونه ، نقل أبو الحارث : يدنو منه ولا يتمسح به يقوم حذاءه فيسلم ، كفعل ابن عمر ، وعنه : بلى ، ورخص في المنبر ( م ) ; لأن ابن عمر وضع يده على مقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضعها على وجهه ، قال ابن الزاغوني وغيره : وليأت المنبر . [ ص: 524 ] فليتبرك به تبركا بمن ، كان يرتقي عليه ، قال شيخنا : يحرم طوافه بغير البيت العتيق ، اتفاقا ، قال : واتفقوا أنه لا يقبله ولا يتمسح به ، فإنه من الشرك ، وقال : والشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر .

قال بعضهم : ولا ترفع الأصوات عند حجرته عليه السلام ، كما لا ترفع فوق صوته ; لأنه في التوقير والحرمة كحياته ، رأيته في مسائل لبعض أصحابنا .

وفي الفنون : قدم الشيخ أبو عمران المدينة ، فرأى ابن الجوهري الواعظ المصري يعظ ، فعلا صوته ، فصاح عليه الشيخ أبو عمران : لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبي في الحرمة والتوقير بعد موته كحال حياته ، فكما لا ترفع الأصوات بحضرته حيا ولا من وراء حجرته ، فكذا بعد موته ، انزل ، فنزل ابن الجوهري ، وفزع الناس لكلام الشيخ أبي عمران ، قال ابن عقيل : لأنه كلام صدق وحق وجاء على لسان محق ، فنحكم على سامعه .

وظاهر كلام جماعة أن هذا أدب مستحب بعد الموت ، وقاله بعض العلماء .

كما هو ظاهر كلامهم للإنصات لكلامه إذا قرأ بل قد صرحوا بأنه لا يجب للقراءة ، بل يستحب ، فهنا أولى ، وأوجبه بعض المالكية .

وفي مباحث أصحاب الحديث لابن الجوزي ما قد يؤخذ منه وجوبه ، فإنه ذكر عن حماد بن زيد . [ ص: 525 ] قال : كنا عند أيوب ، فسمع لغطا فقال : ما هذا اللغط ، أما بلغهم أن رفع الصوت عند الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كرفع الصوت عليه في حياته ؟ وعن السري بن عاصم أنه كان يحدث فسمع كلاما فقال : ما هذا كنا عند حماد بن زيد وهو يحدث فسمع كلاما فقال : ما هذا ؟ كانوا يعدون الكلام عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كرفع الصوت فوق صوته .

وإذا توجه هلل ثم قال آئبون تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده .

قال في المستوعب : وكانوا يغتنمون أدعية الحاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية