صفحة جزء
[ ص: 528 ] وأركان العمرة : الطواف .

وفي إحرامها ، وإحرامها من ميقاتها والسعي والحلق أو التقصير الخلاف في الحج ، وفي الفصول : السعي فيها ركن ، بخلاف الحج ; لأنها أحد النسكين ، فلا يتم إلا بركنين ، كالحج .

ولا يكره الاعتمار في السنة أكثر من مرة [ م ] ويكره الإكثار والموالاة بينها باتفاق السلف ، اختاره الشيخ وغيره ، قال أحمد : إن شاء كل شهر ، وقال : لا بد يحلق أو يقصر ، وفي عشرة أيام يمكن ، واستحبه جماعة .

ومن كره أطلق ، ويتوجه أن مراده إذا عوض بالطواف ، وإلا لم يكره ، خلافا لشيخنا ، وفي الفصول : له أن يعتمر في السنة ما شاء .

ويستحب تكرارها في رمضان ; لأنها تعدل حجة ، للخبر ، وكره شيخنا الخروج من مكة لعمرة تطوع ، وأنه بدعة ; لأنه لم يفعله عليه السلام هو ولا صحابي على عهده إلا عائشة ، لا في رمضان ولا غيره ، اتفاقا .

ولم يأمر عائشة ، بل أذن لها بعد المراجعة لتطييب قلبها ، قال : وطوافه ، ولا يخرج أفضل ، اتفاقا .

وخروجه عند من لم يكرهه على سبيل الجواز ، كذا قال .

وذكر أحمد في رواية صالح أن من الناس من يختارها على الطواف ، ويحتج باعتمار عائشة .

ومنهم من يختار . [ ص: 529 ] الطواف وهي أفضل في رمضان ، قال أحمد : هي فيه تعدل حجة ، قال : وهي حج أصغر .

قال شيخنا : قوله عليه السلام { من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه } يدخل فيه بإحرام العمرة ; ولهذا أنكر أحمد على من قال : إن حجة التمتع حجة مكية ، نقله الأثرم ، وهي عند أحمد بعض حجة الكامل ، بدليل صومها .

فمن ترك ركنا أو النية لم يصح نسكه ومن ترك واجبا ولو سهوا جبره بدم ، فإن عدمه فكصوم المتعة والإطعام عنه .

وفي الخلاف وغيره : الحلق والتقصير لا ينوب عنه ولا يتحلل إلا به ، على الأصح .

ومن ترك سنة فهدر ، قال في الفصول وغيره : ولم يشرع الدم عنها ; لأن جبران الصلاة أدخل ، فيتعدى إلى صلاته من صلاة غيره .

وتكره تسمية من لم يحج صرورة ، لقوله عليه السلام { لا ضرورة في الإسلام } : و ; لأنه اسم جاهلي .

وأن يقال : حجة الوداع ; لأنه اسم على أن لا يعود ، قال : وأن يقال : شوط بل طوفة وطوفتان .

وقال في فنونه : إنه لما حج صلى بين عمودي البيت إلى أربع جهات . [ ص: 530 ] لتكون الموافقة داخلة .

وسلم على قبور الأنبياء كآدم وغيره ، لما روي .

إن بمكة ألوفا من الأنبياء ولم يرجم قبر أبي لهب ، لما علم من كراهة النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حق أهله ، ونزل عن الظهر منذ لاحت مكة ، احتراما وإعظاما لها ، واختفى في الطواف عن الناس وأبعد عنهم ، ولم يملأ عينيه منها ، ولم يشتغل بذاتها ، بل باستحضار الشرف ، ولما تعلق بستورها تعلق بالعتيق ، لطول ملامسته لها ، وأذن في الحرم مدى صوته ، وأكثر المشي فيه والصلاة ، ليصادف بقعة فيها أثر الصالحين ، ولم يدع بسعة الرزق بل بالصلاح ، وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم عن الأصحاب واعتذر لهم بالعجز عن النهضة ، ونزل في الروضة وصلى في موضع المحراب الأول ، وتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء ، وأشار إلى قبره حينئذ ، ولم يعظ في الحرم ، لاغتنام الأوقات .

وليس من تمام الحج ضرب الجمالين ، خلافا للأعمش ، وحمل ابن حزم قوله على الفسقة منهم ، ويتوجه أن يمشي ناويا بذلك الإحسان إلى الدابة وصاحبها ، وأنه في سبيل الله .

وقد كان ابن المبارك يمشي كثيرا ، فسأله رجل : لم تمشي ؟ فلم يرد أن يخبره ، فقبض على كمه وقال : لا أدعك حتى تخبرني ، قال : فدعني حتى أخبرك . فقال : أليس يقال في حسن الصحبة ؟ قلت : بلى ، قال : فإن هذا من حسن الصحبة مع الجمال ، أليس يقال : من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار ؟ قلت : بلى ، قال : هذا في سبيل الله . [ ص: 531 ] ونحن نمشي فيه ، أليس يقال : : إدخال السرور على المسلم صدقة ؟ قلت : بلى ، قال : فإن هذا الجمال كلما مشينا سره قلت : بلى . قال السائل : هذا أحب إلي من ألف درهم رواه الحاكم في تاريخه .

ويعتبر في ولاية تسيير الحجيج كونه مطاعا ذا رأي وشجاعة وهداية ، وعليه جمعهم وترتيبهم وحراستهم في المسير والنزول والرفق بهم والنصح ، ويلزمهم طاعته في ذلك ، ويصلح بين الخصمين ، ولا يحكم إلا أن يفوض إليه ، فيعتبر كونه من أهله .

وقال الآجري : يلزمه علم خطب الحج والعمل بها .

قال شيخنا : ومن جرد معهم وجمع له من الجند المقطعين ما يعينه على كلفة الطريق أبيح له ، ولا ينقص أجره ، وله أجر الحج والجهاد وهذا كأخذ بعض الأقطاع ليصرفه في المصالح ، وليس في هذا خلاف ، ويلزم المعطي بذل ما أمر به .

وشهر السلاح عند قدوم تبوك بدعة ، زاد شيخنا : محرمة ، قال : وما يذكره الجهال في حصار تبوك كذب ، فلم يكن بها حصن ولا مقاتلة ، وإن مغازي النبي صلى الله عليه وسلم كانت بضعا وعشرين لم يقاتل فيها إلا في تسع : بدر ، وأحد ، والخندق ، وبني المصطلق ، والغابة ، وفتح خيبر ، وفتح مكة ، وحنين والطائف . .

التالي السابق


الخدمات العلمية