صفحة جزء
وبيع موصوف غير معين يصح في أحد الوجهين اعتبارا بلفظه ، والثاني لا ، وحكاه شيخنا عن أحمد ، كالسلم الحال . والثالث : يصح إن [ ص: 23 ] كان ملكه ( م 20 ) فعلى الأول حكمه كالسلم ، ويعتبر قبضه أو ثمنه في المجلس ، في وجه .

وفي آخر : لا ( م 21 ) فظاهره لا يعتبر تعيين ثمنه ، وظاهر المستوعب وغيره : يعتبر ، وهو أولى ، ليخرج عن بيع دين بدين ، وجوز شيخنا بيع الصفة والسلم حالا إن كان في ملكه ، قال : وهو المراد بقوله عليه السلام لحكيم بن حزام : { لا تبع ما ليس عندك } فلو لم يجز [ ص: 24 ] السلم حالا لقال : لا تبع هذا ، سواء كان عنده أو لا ، وأما إذا لم يكن عنده فإنما يفعله لقصد التجارة والربح ، فيبيعه بسعر ، ويشتريه بأرخص ، ويلزمه تسليمه في الحال ، وقد يقدر عليه وقد لا [ وقد لا ] تحصل له تلك السلعة إلا بثمن أعلى مما تسلف فيندم ، وإن حصلت بسعر أرخص من ذلك ندم المسلف . إذ كان يمكنه أن يشتريه هو بذلك الثمن ، فصار هذا من نوع الميسر والقمار والمخاطرة ، كبيع العبد الآبق والبعير الشارد يباع بدون ثمنه ، فإن حصل ندم البائع ، وإن لم يحصل ندم المشتري . وأما مخاطرة التجارة فيشتري السلعة بقصد أن يبيعها بربح ويتوكل على الله تعالى في ذلك ، فهذا الذي أحله الله ، وذكر القاضي وأصحابه : لا يصح استصناع سلعة ، لأنه باع ما ليس عنده على غير وجه السلم ، [ ص: 25 ] وأنه لا يصح بيع ثوب نسج بعضه على أن ينسج بقيته ، لأن البقية سلم في أعيان ، وإن قال : بعتك هذا البغل ، فبان فرسا ، لم يصح . وقيل : له الخيار ، وفي الانتصار : مع معرفة مشتر بجنسه منع وتسليم


[ ص: 23 ] ( مسألة 20 ) قوله : وبيع موصوف غير معين يصح في أحد الوجهين اعتبارا بلفظه ، والثاني : لا ، وحكاه شيخنا عن أحمد ، كالسلم الحال ، والثالث : يصح إن كان في ملكه ، انتهى . أحدها يصح ، وهو الصحيح ، قطع به القاضي في الجامع الكبير وصاحب المستوعب والمغني والشرح والوجيز وغيرهم ، قال في النكت : قطع به جماعة ، قال في الرعاية الكبرى : صح البيع ، في الأقيس ، انتهى . وذلك لأنه في معنى السلم . والوجه الثاني لا يصح ، وحكاه الشيخ تقي الدين رواية ، وهو ظاهر ما قطع به في التلخيص ، لأنه اقتصر عليه ، ( قلت ) : وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب . والوجه الثالث يصح إن كان في ملكه ، وإلا فلا ، اختاره الشيخ تقي الدين ( قلت ) : وهو الصواب ، وهو ظاهر كلام الشيخ في المقنع حيث قال : ولا يجوز أن يبيع ما لا يملكه ليمضي ويشتريه ويسلمه . ( تنبيه ) كان الأحسن أن يقول في العبارة يصح في أحد الوجوه أو الأوجه ، لا في أحد الوجهين ، لأنه ذكر ثلاثة أوجه ، والظاهر أنه أراد ما قلنا ولكن سبق القلم منه أو من الكاتب ، والله أعلم .

( مسألة 21 ) قوله : فعلى الأول حكمه كالسلم ويعتبر قبضه أو ثمنه في المجلس ، في وجه ، وفي آخر : لا ، انتهى . الوجه الأول هو الصحيح ، قدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى وغيرهم وجزم به في الوجيز . [ ص: 24 ] والوجه الثاني اختاره القاضي ، وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب في أول باب السلم ، فإنه قال : الثالث ما لفظه لفظ البيع ومعناه معنى السلم ، كقوله : اشتريت منك ثوبا من صفته كذا وكذا بهذه الدراهم ، ولا يكون موجودا ولا معينا ، فهذا سلم ، ويجوز التفرق فيه قبل القبض ، اعتبارا باللفظ دون المعنى ، انتهى . ولكن يحتمل قوله " بهذه الدراهم " أن القبض يحصل في المجلس والله أعلم . قال المصنف هنا على هذا الوجه : ظاهره لا يعتبر تعيين ثمنه ، وظاهر المستوعب وغيره : يعتبر ، وهو أولى ، ليخرج من بيع دين بدين ، انتهى . وهو كما قال ، والظاهر أنه عنى بظاهر المستوعب ما نقلناه عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية