صفحة جزء
ولكل من البيعين ، الخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما عرفا ، ولو كرها أو تساوقا بالمشي أو في سفينة ، ولهذا لو قبضه في الصرف وقال : امش معي لأعطيك ولم يتفرقا جاز ، نقله حرب ، وفي بقاء خيار المكره وجهان ( م 2 )


[ ص: 82 ] تنبيه )

قوله : ولو كرها ، عائد إلى عدم التفرق ، أي أكره على عدم التفرق ، وأما الإكراه على التفرق فهي التي ذكر فيها المصنف الخلاف وأطلقه ، ونبه عليه شيخنا ( قلت ) : الذي يظهر أن قوله ولو كرها عائد إلى التفرق لا إلى عدم التفرق كما قاله شيخنا ، ويقويه قوله ما لم يتفرقا بأبدانهما عرفا ، والعرف إنما يكون في التفرق لا في عدم التفرق ، وأيضا فإني لم أطلع على كلام أحد من الأصحاب نص على ما إذا أكره على عدم التفرق ، بل عموم كلامهم ذلك ، وإنما حكوا الخلاف في الإكراه على التفرق . إذا علم ذلك فيكون المصنف تابع صاحب المغني ، فقطع بأنه إذا أكرها معا بطل خيارهما ، وإذا أكره أحدهما بطل خيار صاحبه ، وفي بطلان خيار المكره وجهان ، وهذا والله أعلم مراد المصنف ، وموافق للنقل ، ويكون قوله ، " ولو كرها " عائدا إلى المفهوم ، والتقدير فلو تفرقا عرفا ولو كرها لم يكن لهما الخيار . بقي هذه الطريقة التي تبع بها صاحب المغني ، هل هي المذهب أم لا ؟ وعنده أنها المذهب ، والذي يظهر أن الصحيح أن الإكراه لا يبطل خيار المجلس ، سواء كان الإكراه لهما أو لأحدهما ، كما تقدم .

( مسألة 2 ) قوله : ولكل من البيعين الخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما عرفا ولو [ ص: 83 ] كرها وفي بقاء خيار المكره وجهان ، انتهى . اعلم أن للأصحاب في حصول الفرقة بالإكراه طريقين :

( أحدهما ) وهي طريقة الأكثر منهم الشيخ في الكافي قال الزركشي وهو أجود أن الخلاف جار فيما إذا أكرها معا أو أحدهما ، فقيل تحصل الفرقة به مطلقا ، وهو ظاهر كلام جماعة ، وهو احتمال في المغني والشرح ، وقدمه الزركشي وشرح ابن رزين ، وقيل : لا يحصل به مطلقا ، وهو الصحيح ، اختاره القاضي ، وجزم به في الفصول والمستوعب والحاويين ، وصححه في الرعاية الكبرى ، فعلى هذا القول يبقى الخيار في مجلس زال عنهما الإكراه فيه حتى يفارقاه ، وأطلقهما في الكافي والفائق . قال في المغني والشرح فيما إذا أكره أحدهما : احتمل بطلان الخيار .

وقال القاضي : لا ينقطع الخيار ، وفيه وجه ثالث : إن أمكنه ولم يتكلم بطل خياره ، وإلا فلا ، وهو احتمال في التلخيص . [ ص: 84 ] الطريق الثاني ) إن حصل الإكراه لهما انقطع خيارهما قولا واحدا ، وإن حصل لأحدهما فالخلاف ، وهي طريقة الشيخ في المغني والشارح ، وهو ظاهر كلام المصنف ، إذا علم ذلك فقد عرفت الصحيح من الوجوه المتقدمة ، فكذا الصحيح هنا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية