صفحة جزء
والرهن بيد المرتهن أمانة ولو قبل عقد الرهن ، نقله ابن منصور ، كبعد الوفاء ، وإن تعدى فكوديعة ، وفي بقاء الرهينة لأنه يجمع أمانة واستيثاقا فيبقى أحدهما وجهان ( م 25 ) ولا يسقط بتلفه شيء من [ ص: 229 ] دينه ، نص عليه كدفع عبد يبيعه ويأخذ حقه من ثمنه وكحبس عين مؤجرة بعد الفسخ على الأجرة ، بخلاف حبس البائع المتميز على ثمنه ، فإنه يسقط في إحدى الروايتين بتلفه ، لأنه عوضه ، والرهن ليس بعوض الدين ، لأن الدين لا يسقط بتفاسخهما ، ذكره في الانتصار وعيون المسائل ( م 26 ) وقال : العلة الجامعة أنها عين محبوسة في يده بعقد على استيفاء دين له عليه ، [ ص: 230 ] ولم يقيد المبيع بالتميز ، ويقبل قوله في التلف ، وقيل : والرد ، وقال أحمد في مرتهن ادعى ضياعه : إن اتهمه أحلفه وإلا لم يحلفه ، وكذا إن ادعاه بحادث ظاهر وشهدت بينة بالحادث قبل قوله فيه ، وكذا وكيل أو وصي بجعل ومضارب ، وفيه في الموجز روايتان في رد . والأصح : وأجير ومستأجر ، ويقبل قول وكيل ووصي متبرعين ، ومودع في الرد مع يمينه وفيهما وجه ، وجزم به [ القاضي ] في قوله تعالى { فأشهدوا عليهم } ذكره ابن الجوزي ، ولم يخالفه ، والتلف مع يمينه وفيهما رواية ، إذا ثبت الحادث الظاهر ولو باستعاضة ، وكذا حاكم .

وفي التذكرة : إن من قبل قوله من الأمناء في الرد لم يحلف .

وفي الرهن رواية : يضمنه كما لو أعاره أو ملكه غيره أو استعمله ، نص عليه ، وفي وصي رواية في الرد ، ذكره القاضي ، وكذا مودع ذكره في الوسيلة ، وعنه : إن قبضها ببينة ، وذكره في الروضة عن بعض أصحابنا ، وعنه : أو تلفت من بين ماله ، وفي وكيل قول ، وهو قياس هذه الرواية ، ولا ضمان بشرط ، وعنه : { المسلمون على شروطهم } ، وعقد فاسد كصحيح في ضمان وعدمه ، ومن طلب منه الرد وقبل قوله فهل له تأخيره ليشهد ؟ فيه وجهان إن حلف ، [ ص: 231 ] وإلا فلا ، وفيه احتمال ( م 27 ) وكذا مستعير ونحوه لا حجة عليه ، وإلا أخر ( م 28 ) كدين بحجة ، ذكره أصحابنا ، ولا يلزمه دفع الوثيقة بل الإشهاد بأخذه ، قال في الترغيب : ولا يجوز لحاكم إلزامه لأنه ربما خرج ما قبضه مستحقا فيحتاج إلى حجة بحقه ، وكذا تسليم بائع كتاب ابتياعه إلى مشتر ، وذكر الأزجي : لا يلزمه دفعه حتى يزيل الوثيقة ، ولا يلزم رب الحق الاحتياط بالإشهاد ، وعنه : في الوديعة يدفعها ببينة إذا قبضها ببينة ، قال القاضي : ليس هذا للوجوب ، كالرهن والضمين ، وكالإشهاد في البيع مع ورود النص به .

وقال ابن عقيل : حمله على ظاهره للوجوب [ ص: 232 ] أشبه ، ويكون دلالة على أن أحمد أوجب الشهادة في كل ما ورد به النص قال : والأول أشبه .


( مسألة 25 ) قوله : والرهن بيد المرتهن أمانة ، فإن تعدى فكوديعة ، وفي بقاء الرهينة لأنه يجمع أمانة واستيثاقا فيبقى إحداهما وجهان ، انتهى . [ ص: 229 ]

( أحدهما ) بقاء الرهينة ( قلت ) : وهو الصواب ، وهو ظاهر كلام الشيخ في المقنع وكثير من الأصحاب قياسا على تعديه في الوكالة ، على ما يأتي . وقد قال ابن رجب في قواعده : لو تعدى المرتهن فيه زال ائتمانه وبقي مضمونا عليه ولم تبطل توثقته . وحكى ابن عقيل في نظرياته احتمالا ببطلان الرهن ، وفيه بعد ، لأنه عقد لازم ، وحق للمرتهن على الراهن ، انتهى .

( والوجه الثاني ) زوال الرهينة ، وهو الاحتمال الذي ذكره ابن عقيل .

( مسألة 26 ) قوله : ولا يسقط بتلفه شيء من دينه ، نص عليه ، بخلاف حبس البائع المتميز على ثمنه ، فإنه يسقط في إحدى الروايتين بتلفه ، لأنه عوض ، والرهن ليس بعوض ، لأن الدين لا يسقط بتفاسخهما ، ذكره في الانتصار وعيون المسائل ، انتهى .

( إحداهما ) يسقط حقه بتلف البيع المتميز المحبوس على ثمنه ، وهي قريبة من حبس الصانع الثوب على الأجرة ، والصحيح من المذهب فيها الضمان ، فكذا في مسألتنا ، والله أعلم .

( والرواية الثانية ) لا يسقط حقه بتلف ذلك ( قلت ) : وهو قوي [ ص: 231 ]

( مسألة 27 ) قوله : ومن طلب منه الرد وقبل قوله فهل له تأخيره ليشهد ؟ فيه وجهان إن حلف وإلا فلا ، وفيه احتمال ، انتهى . أطلق الوجهين في الرعاية الصغرى والحاويين .

وقال في الرعاية الكبرى في الوكالة : وكل أمين يقبل قوله في الرد وطلب منه فهل له تأخيره حتى يشهد عليه ؟ فيه وجهان إن قلنا يحلف ، وإلا لم يؤخره لذلك ، وفيه احتمال ، والظاهر أن المصنف تابعه .

( أحدهما ) ليس له التأخير ، وهو الصحيح ، وقطع به في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم ، ذكروه في باب الوكالة ، واختاره ابن عقيل في الفصول .

( والوجه الثاني ) له التأخير حتى يشهد ، ( قلت ) : وهو قوي ، خصوصا في هذه الأزمنة ، ومحلهما إذا قبلنا قوله بيمينه ، كما قاله المصنف وغيره .

( مسألة 28 ) قوله : وكذا مستعير ونحوه لا حجة عليه ، وإلا أخر ، انتهى . اعلم أن الصحيح من المذهب أن حكم هذه المسألة حكم التي قبلها ، خلافا ومذهبا ، وقد علمت الصحيح فيها ، فكذا في هذه ، وقطع به في المغني والشرح والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم ، كالمصنف .

وقال في الرعاية الكبرى : لا يؤخره ، ثم قال : قلت : بلى .

التالي السابق


الخدمات العلمية