صفحة جزء
[ ص: 274 - 275 ] فصل المستحاضة من جاوز دمها أكثر الحيض ، فتعمل بعادتها ، فإن عدمت فبتمييزها ، فتجلس زمن دم أسود ، أو ثخين ، أو منتن ، إن بلغ أقل الحيض ولم يجاوز أكثره ، وذكر أبو المعالي يعتبر اللون فقط ، وعنه لا تبطل دلالة التمييز بمجاوزة الأكثر ، فتجلس الأكثر ، فعلى الأول رأت أحمر ثم أسود وجاوز الأكثر جلست من الأحمر ، وقيل من الأسود ، لأنه أشبه بدم الحيض ، ففي التكرار وجهان . ولو رأت أحمر ستة عشر ، ثم أسود بقية الشهر جلست الأسود ، وقيل : ومن الأحمر أقل الحيض ، لإمكان حيضة أخرى ، ولا تبطل دلالة التمييز بزيادة الدمين على شهر ، ولا يعتبر تكراره في الأصح فيهما ، وعنه يقدم التمييز على العادة ، اختاره الخرقي ( و ش ) وعنه ( هـ ) لا عبرة بالتمييز ، وعنه ( م ) لا عبرة بالعادة ، واختار صاحب المبهج إن اجتمعا عمل بهما ، إن أمكن وإن لم يمكن سقط ، وإن عدم التمييز وهي مبتدأة جلست غالب الحيض في ظاهر المذهب ، وتجتهد في الست ، والسبع ، وقيل تخير ، وعنه أقله ، اختاره جماعة ( و ش ) وعنه أكثره ( و هـ م ) قال ( م ) ثم هي مستحاضة إلى انقضاء مدة الطهر ، فإن انقطع قبلها ثم رأته بعد مضيها فحيض مستأنف ، لأن مضي المدة الفاصلة بين الدمين توجب أن الدم الثاني حيض ، وإن اتصل الدم بها بعد مضي مدة أقل الطهر : فإن كان متغيرا إلى صفة دم الحيض فحيض من تغيره ، سواء تغير عند مضي أقل الطهر [ ص: 275 ] بلا فصل ، أو بعده ، وإن لم يتغير فاستحاضة حتى يوجد التغير ، فلا يعتبر التمييز إلا بعد المدة كما ذكر ، وعن أحمد رواية رابعة تجلس عادة نسائها كأم وأخت ، وعمة ، وخالة ، قال بعضهم : القربى ، فالقربى ، فإن اختلفت عادتهن فذكر القاضي تجلس الأقل ، وذكر أبو المعالي تتحرى ، وقيل : الأكثر ( م 11 ) فإن عدم الأقارب اعتبر الغالب ، زاد بعضهم من نساء بلدها ويعتبر تكرار الاستحاضة نص عليه ، وعنه لا : اختاره جماعة ، فتجلس في الشهر الثاني ، وإن كانت ناسية لقدر العادة ، أو الوقت ، أو لهما ، فكذلك ، إلا أن استحاضتها لا تفتقر إلى تكرار في الأصح ، والمشهور فيها النقاء ، رواية الأكثر ، وعادة نسائها . ومذهب ( هـ ) تجلس أقل الحيض بالتحري ، وللشافعي قول تجلسه ، لكن من أول كل شهر هلالي ، ولنا الوجهان ، والقول الثاني له ، وهو الصحيح عند أصحابه ، وهو مذهب ( م ) لا تحيض أصلا ، بل يختلط فتصلي أبدا ، تغتسل لكل صلاة ، وتصوم رمضان مع الناس ، فيصح لها بيقين عند [ ص: 276 ] الشافعية خمسة عشر يوما ، وقال بعضهم ثلاثة عشر ، إن كان ناقصا ، وإلا أربعة عشر ، ولهم في قضاء الصلاة وجهان ، واختلفوا في الترجيح . فتغتسل للظهر أول وقتها وتصليها فيه ، ثم للعصر كذلك ، ثم للمغرب كذلك ، ثم تغتسل وقت المغرب غسلين للظهر والعصر وتعيدهما ، ثم تغتسل للعشاء أول وقتها وتصليها فيه ، ثم الفجر كذلك ، ثم تغتسل غسلين للمغرب والعشاء وقت الفجر وتعيدهما ، فإذا طلعت الشمس اغتسلت وقضت الفجر ، ولا تقرأ خارج الصلاة ، ولا تدخل المسجد ، ولا تمس المصحف ، ولهم في نفل صلاة وصوم وطواف وجهان . ويحرم وطؤها ، وعند مالك لا للمشقة ، وإن نسيت وقتها خاصة جلست أول كل شهر هلالي ، لخبر حمنة ( رضي الله عنها ) ولأنه الغالب ، اختاره الأكثر ولم يفرقوا ، وقيل تجلس من تمييز لا يعتد به إن كان ، لأنه أشبه بدم حيض ، وقيل تتحرى ، لأنه لا أثر للهلال في أمر الحيض بوجه ، وذكر صاحب المحرر وغيره إن ذكرت أول الدم كمعتادة انقطع حيضها أشهرا ثم جاء الدم خامس يوم من الشهر مثلا واستمر وقد نسيت العادة فالوجهان الأخيران ، والثالث تجلس مجيء الدم من خامس كل شهر ، قال : وهو ظاهر كلام أحمد " لأنه عليه السلام { أمر حمنة ابتداء بجلوس ست أو سبع ، ثم تصوم ، وتصلي ثلاثا وعشرين ، أو أربعا وعشرين ، وقال : فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء ، وكما يطهرن ، وليس حيض النساء عند رءوس الأهلة غالبا } فعلم أنه أراد الشهر العددي ، وأنه أمرها بالحيض من الأول ، ويكون قوله إذا رأيت أن قد

[ ص: 277 ] طهرت راجعا إلى الست أو السبع ، لأن دم الحيض هو الأصل ، وربما انقطع الدم بعده فيفضي التأخير إلى ترك إجلاسها أصلا ، ولهذا ذهب ( هـ و ش ) إلى أن هذه ليست بمتحيرة في أول الشهر ، وحيضها فيه من غير تحر عند أبي حنيفة ، ولا سلوك اليقين عند الشافعي كما قالا في غيرها . ومتى تعذر التحري بأن يتساوى عندها الحال ولم تظن شيئا ، أو تعذر الأولية عملت بالآخر ، وعند الحنفية إن تعذر التحري عملت باليقين كالشافعي ولما ذكر أبو المعالي الوجهين في أول كل شهر ، أو التحري قال : وهذا إذا لم تعرف ابتداء الدم ، فإن عرفت فهو أول دورها وجعلناه ثلاثين يوما ، لأنه الغالب قال : وإن لم تذكر ابتداء الدم لكن تذكرت أنها كانت طاهرة في وقت جعلنا ابتداء حيضها عقب ذلك الطهر . ومتى ضاعت أيامها في مدة معينة فما عدا المدة طهر ، ثم إن كانت أيامها نصف المدة فأقل فحيضها بالتحري أو من أولها ، وإن زادت ضم الزائد إلى مثله ، فما قبله فهو حيض بيقين ، وإن نسيت أسقط الزائد على أيامها من آخر المدة ، ومثله من أولها ، فما بقي حيض بيقين ، والشك فيما بقي .

وقال ابن حامد والقاضي في شرحهما فيمن علمت قدر العادة فقط : لم تجلس وتغتسل كلما مضى قدرها ، وتقضي من رمضان بقدرها والطواف ، ولا توطأ ، وذكر أبو بكر رواية لا تجلس شيئا .

وقال صاحب المحرر إن تعذر التحري [ ص: 278 ] والأولية بأن قالت حيضتي خمسة أيام في كل عشرين يوما ، ولم تذكر أول الدم ، ولم تظن شيئا عملت باليقين في مذهب ( هـ و ش ) كما سبق قال : ولا أعرف لأصحابنا فيها كلاما ، وقياس المذهب لا يلزمها طريق اليقين ، وتصوم رمضان ، وتقضي منه قدر حيضها خمسة أيام ، وتصلي أبدا ، فتغتسل في الحال غسلا ، ثم عقب انقضاء قدر حيضها غسلا ثانيا ، وتتوضأ لكل صلاة فيما بينهما ، وفيما بعدهما بقدر مدة طهرها إن ذكرته ، وإلا جعل قدر طهرها تمام شهر ، لأنه الغالب ، وإذا انقضت لزمها غسلان بينهما قدر الحيضة هكذا أبدا ، كلما مضى قدر الطهر اغتسلت غسلين بينهما قدر الحيضة ; بكذا قال : والمعروف خلافه ;


[ ص: 274 ] ( مسألة 11 ) قوله في المبتدأة المستحاضة على الرواية التي تجلس عادة نسائها فإن اختلفت عادتهن فذكر القاضي تجلس الأقل ، وذكر أبو المعالي تتحرى ، وقيل الأكثر ، انتهى ، قال ابن تميم وتبعه ابن عبيدان ، فإن اختلفت عادة الأقارب فوجهان أحدهما تجلس الأقل ، والثاني : الأقل والأكثر سواء في الرجوع إليه ، حكاهما القاضي انتهيا ، وحكى ابن حمدان الخلاف كالمصنف ، أحدهما تجلس الأقل ، قاله القاضي وقدمه في الرعاية الكبرى ، قلت وهو الصواب ، احتياطا والوجه الثاني تجلس الأكثر وفيه ضعف ، والوجه الثالث التحري ، اختاره أبو المعالي ، قلت وهو قوي .

التالي السابق


الخدمات العلمية