صفحة جزء
وتحرم إجارة دار [ ص: 428 ] لبيعه ونحوه ، شرط في العقد أو لا ، وغناء وفحل لنزو ، وفيه تخريج ( و م ) وكرهه أحمد لهما ، زاد حرب : جدا ، قيل : فالذي يعطى ولا يجد منه بدا ؟ فكرهه . ونقل ابن القاسم : وقيل له : ألا يكون مثل الحجام يعطى وإن كان منهيا عنه ؟ فقال : لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى في مثل هذا شيئا كما بلغنا في الحجام ، وحمله القاضي على ظاهره وقال هذا مقتضى النظر ترك في الحجام ، وحمل في المغني كلام أحمد [ هذا ] على الورع لا التحريم ، قال شيخنا : ولو أنزاه على فرسه فنقص ضمن نقصه ، ونفع مغصوب وأرض سبخة لزرع ، قال في الموجز : وحمام لحمل الكتب لتعديه ، وفيه احتمال ، قال في التبصرة : وهو أولى ، وأنه تصح إجارة هر وفهد وصقر معلم للصيد ، مع أنه ذكر في بيعها الخلاف ، وشمع ليشعله وجعله شيخنا مثل كل شهر بدرهم ، فمثله [ ص: 429 ] في الأعيان نظير هذه المسألة في المنافع ، ومثله كلما أعتقت عبدا من عبيدك فعلي ثمنه ، فإنه يصح وإن لم يبين العدد والثمن ، وهو إذن في الانتفاع بعوض ، واختار جوازه ، وأنه ليس بلازم بل حائز ، كالجعالة ، وكقوله ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه ، فإنه جائز ، أو من ألقى كذا فله كذا ومن ألقى كذا فله كذا ، وجواز إجارة ماء قناة مدة ، وماء فائض بركة رأياه وإجارة حيوان لأخذ لبنه قام به هو أو ربه ، فإن قام عليها المستأجر وعلفها فكاستئجار الشجر ، وإن علفها ربها ويأخذ المشتري لبنا مقدرا فبيع محض ، وإن كان يأخذ اللبن مطلقا فبيع أيضا ، وليس هذا بغرر ، لأن الغرر ما تردد بين الوجود والعدم ، فهو من جنس القمار الذي هو الميسر ، وهو أكل المال بالباطل ، كبيع الآبق والشارد . قال : والمنافع والفوائد تدخل في عقود التبرع سواء كان الأصل محتبسا بالوقف أو غير محتبس ، كالعارية ونحوها ، كما نص عليه الشارع في منيحة الشاة ، وهو عاريتها للانتفاع بلبنها ، كما يعيره الدابة لركوبها ، ولأن هذا يحدث شيئا فشيئا ، فهو بالمنافع أشبه ، فإلحاقه بها أولى ، ولأن المستوفى بعقد الإجارة على زرع الأرض هو عين من الأعيان ، وهو وما يحدثه من الحب بسقيه وعمله ، وكذا مستأجر الشاة للبنها مقصوده ما يحدثه الله من [ ص: 430 ] لبنها بعلفها والقيام عليها ، فلا فرق بينهما ، والآفات والموانع التي تعرض للزرع أكثر من آفات اللبن ، لأن الأصل في العقود الجواز والصحة . قال : وكظئر ، ومثلها نفع بئر وفي المبهج وغيره ماء بئر . وفي الفصول لا يستحق بالإجارة ، لأنه إنما يملك بحيازته .

وفي الانتصار قال أصحابنا : لو غار ماء دار مؤجرة فلا فسخ ، لعدم دخوله في الإجارة .

وفي التبصرة : لا يملك عينا ولا يستحقها بإجارة إلا نفع بئر في موضع مستأجر ، ولبن ظئر فيه خلاف تبعا ، وذكر صاحب المحرر وغيره : إن قلنا يملك الماء لم يجز [ مجهولا ] وإلا جاز . ويكون على أصل الإباحة ، وهل المعقود عليه اللبن أو الحضانة أو يلزمه أحدهما بعقده على الآخر واعتبار رؤية مرتضع ؟ فيه وجهان ( م 7 - 10 ) [ ص: 431 ] وقيل : الحضانة تتبع للعرف ، وقيل عكسه . ويعتبر محل رضاع ، ورخص [ ص: 432 ] أحمد في مسلمة ترضع طفلا لنصارى بأجرة ، لا لمجوسي ، وسوى أبو بكر وغيره بينهما ، لاستواء البيع والإجارة .


[ ص: 430 ] مسألة ( 7 - 10 ) قوله : وهل المعقود عليه اللبن أو الحضانة أو يلزمه أحدهما بعقده على الآخر واعتبار رؤية مرتضع ؟ فيه وجهان ، انتهى . يعني في كل مسألة وجهان ، وفيه مسائل :

( المسألة الأولى ) هل المعقود عليه في الرضاعة اللبن أو الحضانة ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في المغني والفائق .

( أحدهما ) المعقود عليه الحضانة ، وهي خدمة الولد ، وحمله ، ووضع الثدي في فيه ، وأما اللبن فيدخل تبعا ، وهو الصحيح ، قال في الرعاية الكبرى : وقع العقد على المرضعة واللبن تبع يستحق إتلافه بالرضاعة ، وقدمه الشارح وابن رزين في شرحه ، [ ص: 431 ] قال ابن عقيل في الفصول : الصحيح أن العقد وقع على المنفعة ، ويكون اللبن تبعا .

وقال القاضي في الخصال : لبن المرضعة يدخل في عقد الإجارة ، وإن كان يملك بالانتفاع لأنه يدخل على سبيل التبع ، انتهى .

( قلت ) : ويحتمله كلام صاحب المقنع ، وغيره ، وصرح به في المستوعب وغيره ، حيث قال : ولا تستحق بعقد الإجارة عين إلا في موضع لبن الظئر وبقع السر ، فإنهما يدخلان تبعا ، وكذا قال في التبصرة كما حكاه المصنف عنه .

والوجه الثاني : العقد وقع على اللبن ، قال القاضي : وهو الأشبه ، قال ابن رزين في شرحه : وهو الأصح ، لقوله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } واختاره الشيخ تقي الدين ، قال في الهدي : والمقصود إنما هو اللبن ، قوى ذلك بعشرة وجوه ذكره في آخر الهدي ، قال الناظم : وفي الأجور المقصود بالعقد ردها والإرضاع لا حضن ومبدأ يقصده انتهى ، وهو ظاهر ما قطع به في الكافي فإنه قال : ولا يجوز عقد الإجارة على ما يذهب إجراؤه بالانتفاع به لا في الطير يجوز الرضاع لأن الضرورة تدعوه إليه وقوله وقولهم ، إلا في الظئر ونقع البئر يدخل تبعا يعود قوله تبعا إلى نقع البئر لا إلى الظئر ومال إليه ابن منجى في شرح المقنع ، فعلى هذا يكون الاستثناء لجواز هلاك العين في الإجارة في الظئر والله أعلم .

( المسألة الثانية ) إذا عقد على أحدهما هل يلزمها الآخر أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وفيه مسألتان .

[ ص: 432 ] المسألة الأولى 8 ) لو استؤجرت للرضاع وأطلق فهل تلزمها الحضانة أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في المغني والتلخيص والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم ، وذكره القاضي ومن بعده .

( أحدهما ) تلزمها الحضانة أيضا ، قدمه في الرعاية الكبرى في الفصل الأربعين من باب الإجارة .

( والوجه الثاني ) لا يلزمها سوى الرضاع ، قدمه ابن رزين في شرحه ( قلت ) : الصواب في ذلك الرجوع إلى العرف والعادة ، فيعمل بهما .

( المسألة الثانية 9 ) وهي ( الثالثة ) لو استؤجرت للحضانة فهل يدخل الرضاع أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الرعاية الكبرى في موضع .

( أحدهما ) يلزمها الرضاع أيضا ، قدمه في الرعاية الكبرى في الفصل الأربعين .

والوجه الثاني لا يلزمها ، قال في التلخيص لم يلزمها وجها واحدا ، انتهى .

( قلت ) : وهو أقوى في هذه المسألة ، والصواب الرجوع إلى العرف ، وإن دلت قرينة عمل بها .

( المسألة الرابعة 10 ) هل تعتبر رؤية المرتضع لصحة العقد أم تكفي صفته ؟ أطلق الخلاف فيه .

( أحدهما ) تكفي صفته ، وهو الصحيح ، جزم به في الرعايتين والفائق ، وهو الصواب .

والوجه الثاني تشترط رؤيته لصحة العقد ، جزم به في المذهب ، وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين والنظم ، وهذا الصحيح ، على ما اصطلحناه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية