صفحة جزء
وقيل : له ، وفي جواز إعارة المستعير وجهان أصلهما هل هي هبة منفعة أو إباحة ؟ ( م 3 ) ويتوجه [ ص: 475 ] عليهما تعليقها بشرط .

وفي المنتخب : يصح ، قال في الترغيب : يكفي ما دل على الرضى من قول أو فعل ، فلو سمع من يقول أردت من يعيرني [ ص: 476 ] كذا فأعطاه كفى ، لأنه إباحة لا عقد ، وسهم فرس لغزو له كحبيس ومستأجر ، وعنه : لمالكه ، وسهم فرس مغصوب كصيد جارح ويعطي نفقة الحبيس ، نقله أبو طالب .


[ ص: 474 ] مسألة 3 ) قوله : وفي جواز إعارة المستعير وجهان ، أصلهما هل هي هبة منفعة [ ص: 475 ] أو إباحة ، انتهى . فنتكلم أولا على أصل الوجهين فيه يعرف الصحيح منهما في جواز إعارة المستعير وعدمه ، فنقول : نفس الإعارة هل هي هبة منفعة أو إباحة منفعة ، فيه وجهان ، وأطلقهما الناظم .

( أحدهما ) هي إباحة منفعة ، وهو الصحيح ، اختاره ابن عقيل ، وابن حمدان في الرعاية الصغرى ، وابن عبدوس في تذكرته ، قال الحارثي : وهو أمس بالمذهب ، واختاره غير واحد ، انتهى . وجزم به في المغني والتلخيص والشرح والفائق وغيرهم ، وقدمه في المستوعب والرعاية الكبرى .

( والوجه الثاني ) هي هبة منفعة ، جزم به في الهداية والخلاصة والكافي والمقنع والهادي والمذهب الأحمد والوجيز وإدراك الغاية وشرح ابن رزين وغيرهم وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير ، قال الحارثي : ويدخل على هذا الوجه الوصية بالمنفعة ، وليس بإعارة ، وقال : الفرق بين القولين أن الهبة تمليك يستفيد به التصرف في الشيء ، كما يستفيده فيه بعقد المعاوضة ، والإباحة رفع الحرج من تناول ما ليس مملوكا له ، فالتناول مستند إلى الإباحة ، وفي الأول مستند إلى الملك ، [ ص: 476 ] وقال في تعليل الوجه الأول : فإن المنفعة لو ملكت بمجرد الإعارة لا يستقل المستعير بالإجارة والإعارة ، كما في الشفعة والمملوكة بعقد الإجارة ، انتهى .

إذا علمت ذلك فمن قال : هي إباحة منفعة ، لم يجوز له الإعارة ، وهذا هو الصحيح كما تقدم ، ومن قال : هي هبة منفعة ، أجاز للمستعير أن يعير ، والله أعلم ( قلت ) : ظاهر كلام كثير من الأصحاب عدم جواز إعارتها على كلا الوجهين ، ففي الهداية والخلاصة والكافي والمقنع والهادي والمذهب الأحمد وإدراك الغاية وشرح ابن رزين وغيرهم أنها هبة منفعة ، وقالوا ليس له أن يعير ، وهو الصواب ، ولا يمتنع هبة شيء مخصوص وعدم التصرف فيه ، وصحح في النظم عدم الجواز أيضا مع إطلاقه الخلاف في كونها هبة منفعة أو إباحة منفعة ، ولكن ظاهر كلامه في المغني والشرح الجواز على القول بأنها هبة منفعة ، وتابعها المصنف على ذلك .

وقال الحارثي : أصل هذا ما قدمنا من أن الإعارة إباحة منفعة ، وقال عن الوجه الثاني : يتفرع على رواية اللزوم في العارية المؤقتة ، انتهى .

( قلت ) : قطع في القاعدة السابعة والثمانين بجواز إعارة العين المعارة المؤقتة إذا قيل بلزومها وملك المنفعة فيها ، انتهى . فتلخص أن المصنف تابع الشيخ في المغني على هذا البناء ، وأن ظاهر كلام أكثر الأصحاب منعوا من الإعارة ولم يبنوا ، وهو الصواب ، فهذه ثلاث مسائل قد صحت .

التالي السابق


الخدمات العلمية