صفحة جزء
وإن قال : إن كلمتما زيدا وعمرا فأنتما طالقتان ولم نحنثه ببعض المحلوف فكلمت كل واحدة واحدا فقيل : تطلقان ، وقيل : حتى [ ص: 446 ] يكلما كلا منهما ( م 16 ) كقوله : إن كلمتما زيدا أو كلمتما عمرا .


[ ص: 446 ] مسألة 16 ) قوله وإن قال : إن كلمتما زيدا أو عمرا فأنتما طالقتان ولم نحنثه ببعض المحلوف عليه فكلمت كل واحدة واحدا ، فقيل : تطلقان ، وقيل : حتى يكلما كلا منهما ، انتهى . وأطلقهما في المغني .

( أحدهما ) تطلقان ، وهو الصحيح ، وعليه جمهور الأصحاب ، وقطع به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والمحرر وتذكرة ابن عبدوس والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم ، قال في تجريد العناية : طلقتا في الأظهر .

( والقول الثاني ) لا يحنث حتى يكلما جميعا كل واحد منهما ، وهو تخريج لأبي الخطاب ، واحتمال في المقنع ، قال الشارح : وهو أولى ، قال ابن عبدوس في تذكرته : الأقوى لا يقع ( قلت ) : وهو الصواب ، وهو ظاهر كلام ابن رجب في القاعدة الثالثة عشرة بعد المائة .

( تنبيهات ) :

( الأول ) كان الأولى للمصنف أن يقدم الأول ، لأن معظم الأصحاب عليه ، أو كان يحكي اختيارهم فيقول : اختاره الأكثر ، كما هو عادته ، والله أعلم .

( الثاني ) هذه المسألة من جملة قاعدة ، وهي إذا وجدنا جملة ، ذات أعداد موزعة على جملة أخرى فهل يتوزع أفراد الجملة الموزعة على أفراد الأخرى أو كل فرد منها على مجموع الجملة الأخرى ؟ وهي على قسمين :

( الأول ) أن توجد قرينة تدل على تعيين أحد الأمرين ، فلا خلاف في ذلك ، فمثال ما دلت القرينة فيه على توزيع الجملة على الجملة الأخرى فيقابل كل فرد كامل بفرد يقابله ، إما لجريان العرف أو دلالة الشرع على ذلك وإما لاستحالة ما سواه أن يقول لزوجتيه إن أكلتما هذين الرغيفين فأنتما طالقتان ، فإذا أكلت كل واحدة منهما [ ص: 447 ] رغيفا طلقت لاستحالة أكل واحدة منهما الرغيفين . أو يقول لعبديه إن ركبتما دابتيكما أو لبستما ثوبيكما أو تقلدتما سيفيكما أو دخلتما بزوجتيكما فأنتما حران ، فمتى وجد من كل واحد ركوب دابته أو لبس ثوبه أو تقلد سيفه أو دخل بزوجته ترتب عليه العتق ، لأن الانفراد بهذا عرفي ، وفي بعضه شرعي ، فيتعين صرفه إلى توزيع الجملة على الجملة ، ذكره الشيخ في المغني وغيره ، ومثال ما دلت القرينة فيه على توزيع كل فرد من أفراد الجملة على جميع أفراد الجملة الأخرى أن يقول لزوجتيه : إن كلمتما زيدا أو عمرا فأنتما طالقتان ، فلا تطلقان حتى تكلم كل واحدة منهما زيدا وعمرا .

( القسم الثاني ) أن لا يدل دليل على إرادة أحد التوزيعين ، فهل يحمل التوزيع عند هذا الإطلاق على الأول أو الثاني ؟ في المسألة خلاف ، والأشهر أنه يوزع كل فرد من أفراد الجملة على جميع أفراد الجملة الأخرى إذا أمكن ، وصرح به القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب في مسألة الظهار من نسائه بكلمة واحدة ، ذكر ذلك ابن رجب في القاعدة الثالثة عشرة بعد المائة .

( الثالث ) قوله : وإن قال إن خالفت أمري فأنت طالق ثم نهاها فخالفته ولا نية لم يحنث ، وقيل : بلى ، وقيل إن عرف حقيقة الأمر والنهي ، انتهى . صواب القول الثالث : وقيل يحنث إن جهل حقيقة الأمر والنهي ، لا أنه يحنث [ ص: 448 ] إن عرف ذلك ، كما في الرعاية وغيرها ، وهذا القول قوي جدا ، قال في القواعد الأصولية : ولعل هذا القول أقرب إلى الفقه والتحقيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية