صفحة جزء
وإن قال إن قمت فأنت طالق أو أنت طالق إن قمت إن شاء الله ثم وجد فإن نوى رد المشيئة إلى الفعل لم يقع وإلا فروايتان ( م 21 و 22 ) وكذا إن كان [ ص: 453 ] الشرط نفيا واختار في الترغيب لا يحنث .


[ ص: 452 ] مسألة 21 و 22 ) قوله : وإن قال إن قمت فأنت طالق أو أنت طالق إن قمت إن شاء الله تعالى ثم قامت ، فإن نوى رد المشيئة إلى الفعل لم يقع ، وإلا فروايتان ، كذا إن كان الشرط نفيا ، يعني مثل قوله أنت طالق إن لم تدخلي الدار إن شاء الله أو إن لم تقومي اليوم إن شاء الله ، واختار في الترغيب لا يحنث ، انتهى .

ذكر المصنف مسألتين : [ ص: 453 ]

( المسألة الأولى 21 ) تعليق المشيئة بالشرط المثبت .

( المسألة الثانية 22 ) تعليقها بالشرط المنفي . وأطلق الخلاف في الشرط المثبت في الهداية والمستوعب والمغني والكافي والمقنع والمحرر والشرح والحاوي وغيرهم .

( إحداهما ) لا تطلق ، صححه في التصحيح ، فقال : لا تطلق من حيث الدليل ، قال : وهو قول محققي الأصحاب ، وجزم به الآدمي في منتخبه ومنوره .

والرواية الثانية : تطلق ، وقطع به في الوجيز ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وصححه في المذهب والخلاصة ، وقدمه في الرعايتين ، وصححه ابن نصر الله في حواشيه فيها ، وكذا إن كان الشرط نفيا ، وقال صاحب الترغيب : إن كان الشرط نفيا لم تطلق ، وإن كان إثباتا طلقت ، ذكره المصنف عنه أيضا .

( تنبيه )

حرر ابن رجب رحمه الله تعالى في هذا المسألة وفي صيغة القسم كقوله أنت طالق لا تدخلين الدار إن شاء الله ، أو أنت طالق لتدخلن الدار إن شاء الله ، ونحوه للأصحاب سبع طرق ذكرها عنه في القواعد الأصولية .

( أحدها ) الروايتان وردتا مطلقا ، أعني سواء كان الحلف بصيغة القسم أو بصيغة الجزاء ، وهذه الطريقة مقتضى كلام أكثر المتقدمين كأبي بكر والقاضي وابن عقيل وغيرهم ، ومأخذ الخلاف عند المحققين من الأصحاب وغيرهم أن الطلاق المعلق بشرط ونحوه قد تضمن شيئين : طلاقا ملتزما عند وجود شرطه ، وفعلا ملتزما بقصد الحض عليه أو المنع منه ، فإن غلبنا جهة الطلاق قلنا : هو خطاب ملتزم بشرطه ، فإذا وجد شرطه صار كالطلاق المنجز في حينه فلا يقع فيه الاستثناء ، وإن [ ص: 454 ] غلبنا عليه جهة اليمين قلنا : هو يمين من الأيمان ، فإن المقصود منه الحصن على فعل أو المنع منه دون الطلاق ، وإذا كان عينا صح الاستثناء وقد ذكر مضمون هذا المأخذ القاضي وأبو الخطاب في خلافهما ، وصاحب المغني وغيرهم ، وأما أبو بكر ففرق بين الاستثناء في الطلاق والاستثناء في تعليقه وذكره .

( الطريق الثاني ) الروايتان وردتا في الحلف بالطلاق بصيغة القسم ، وفي التعليق على شرط يقصد به الحض أو المنع دون التعليق على شرط يقصد به وقوع الطلاق بتة ، وهذه الطريقة اختيار الشيخ تقي الدين ، وهي مقتضى كلام كثير من الأصحاب ، وذكر ما عللوه به ، فعلى هذا لو كان الطلاق معلقا بشرط يقصد به الوقوع لم يقع فيه الاستثناء ، قولا واحدا ، كقوله أنت طالق غدا إن شاء الله ، فإذا جاء وقته فقد شاء الله وقوعه فيه .

( الطريق الثالث ) الروايتان وردتا في صيغة التعليق إذا قصد رد المشيئة إلى الطلاق أو أطلق ، وأما إن رد المشيئة إلى الفعل فإنه ينفعه ، قولا واحدا ، وهذه وكذلك إن حلف بصيغة القسم ، فإنه ينفعه الاستثناء ، قولا واحدا ، وهذه طريقة صاحب المحرر ، وكذا هي طريقة صاحب الرعاية والنظم والمصنف وغيرهم ، والمصنف تابع فيها صاحب المحرر ، وردها ابن نصر الله في حواشيه ، وذكر ابن رجب توجيه هذه الطريقة ومأخذها .

( الطريق الرابع ) طريقة صاحب المغني ومن تابعه ، وهي أن الروايتين في صورة التعليق بالشرط إذا لم يرد المشيئة إلى الطلاق ، فإن ردها إلى الطلاق فهو كما لو نجز الطلاق ، واستثنى فيه ، وإن أطلق النية فالظاهر رجوعه إلى الفعل دون الطلاق ، ويحتمل عوده إلى الطلاق ، وإن رد المشيئة إلى الفعل نفعه ، قولا واحدا ، كما ينفعه في صيغة القسم ، وهذه توافق طريقة صاحب المحرر ، إلا أنها مخالفة لها [ ص: 455 ] في أنه إذا عاد الاستثناء إلى الطلاق لم ينفع ، كما لم ينفع في المنجز ، وهو الذي ذكره ابن عقيل وغيره أيضا ، وهو واضح .

( الطريق الخامس ) طريقة صاحب التلخيص ، وهو حمل الروايتين على اختلاف حالين فإن كان الشرط نفيا لم تطلق ، نحو أن يقول أنت طالق إن لم أفعل كذا إن شاء الله تعالى ، فلم يفعله ، فلا يحنث ، وإن كان إثباتا حنث ، نحو إن فعلت كذا فأنت طالق إن شاء الله تعالى ، وهذه الطريقة تخالف المذهب المنصوص ، لأن نص أحمد إنما هو في صورة الشرط الثبوتي ، وقد اختلف قوله فيه على روايتين ، فكيف يصح تنزيل الروايتين على اختلاف حالين ؟ وذكر شبهته .

( الطريق السادس ) طريقة القاضي أبي يعلى في الجامع الكبير ، وهو أنه قال : عندي في هذه المسألة تفصيل ما مضمونه أنه إذا لم توجد الصفة التي هي الشرط المعلق عليه الطلاق انبنى الحكم على علة وقوع الطلاق المنجز المستثنى منه ، فإن قلنا : العلة أنه علقه بمشيئة لا يتوصل إليها لم يقع الطلاق ، رواية واحدة ، لأنه علقه بصفتين : إحداهما دخول الدار مثلا ، والأخرى بالمشيئة ، وما وجدتا ، فلا يحنث ، وإن قلنا العلة علمنا بوجود مشيئة الله لفظ الطلاق ، انبنى على أصل آخر ، وهو ما إذا علق الطلاق بصفتين فوجدت إحداهما ، مثل أن يقول : إن دخلت الدار وشاء زيد ، فدخلت ولم يشأ زيد ، فهل يقع الطلاق ؟ على روايتين ، كذا هنا يخرج على روايتين ، وأما إن وجدت الصفة وهي دخول الدار فإنه ينبني على التعليلين أيضا ، فإن قلنا قد علمنا مشيئة الطلاق وقع ، رواية واحدة ، لوجود الصفتين جميعا ، وإن قلنا لم نعلم مشيئته انبنى على ما إذا علقه على صفتين فوجدت إحداهما ، ويخرج على روايتين ، انتهى [ ص: 456 ]

( الطريق السابع ) طريقة ابن عقيل في المفردات ، فإنه جعل الروايتين في وقوع الطلاق بدون وجود الصفة ، فأما مع وجودها فيقع الطلاق ، قولا واحدا ، وجعل مأخذ الروايتين في وقوعه قبل الصفة أن المشيئة إن عادت إلى الطلاق فقد شاء الله الطلاق كما شاء وقوع المنجز ، وإن عادت إلى الفعل لم يقع الطلاق حتى توجد ، وهذه أضعف الطرق ، وفسادها من وجهين ، وذكرهما ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية