صفحة جزء
وتصح الجمعة ونحوها في طريق ضرورة ، وحافتيها نص عليها ، وعلى راحلة فيها ، وذكر جماعة وطريق أبيات يسيرة ، والأشهر للحنفية لا يكره في طريق واسع ، وأسطحة الكل كهي عند أحمد والأكثر ، وعنه تصح ، قال أبو الوفاء لا سطح نهر ، لأن الماء لا يصلى عليه ، وقال غيره : هو كالطريق ، وعنه لا يصح ، وكرهها في رواية عبد الله وجعفر على نهر وساباط ، وذكر القاضي فيما تجري فيه سفينة كطريق ، وعلله بأن الهوى تابع للقرار ، واختار أبو المعالي وغيره الصحة كالسفينة ، قال : ولو جمد الماء فكالطريق وذكر بعضهم الصحة ، وإن حدث الطريق بعده فوجهان ( م 4 ) ، ويأتي البناء في الطريق آخر الغصب في حفر البئر فيها ، [ ص: 374 ] وتصح الصلاة إليها مع الكراهة ، وقيل : لا تصح ، وقيل : إلى مقبرة ، اختاره صاحب المغني والمحرر ، وهو أظهر ، وعنه وحش ، اختاره ابن حامد ، وقيل وحمام ، ولا حائل ، ولو كمؤخرة الرحل ، وظاهره ليس كسترة صلاة ، فيكفي الخط ، بل كسترة المتخلي ، كما سبق ، ويتوجه أن مرادهم لا يضر بعد كثير عرفا ، كما لا أثر له في مار مبطل ، وعنه لا يكفي حائط المسجد ، جزم به صاحب المحرر وغيره ، لكراهة السلف الصلاة في مسجد في قبلته حش ، وتأول ابن عقيل النص على سراية النجاسة تحت مقام المصلي ، واستحسنه صاحب التلخيص ، وعن أحمد نحوه قال ابن عقيل : يبين صحة تأويلي لو كان الحائل كآخرة الرحل لم تبطل الصلاة بمرور الكلب ، ولو كانت النجاسة في القبلة كهي تحت القدم لبطلت ، لأن نجاسة الكلب آكد من نجاسة الخلاء ، لغسلها بالتراب ، فلزمه أن يقول بالخط هنا ، ولا وجه له ، وعدمه يدل على الفرق ولا [ ص: 375 ] يضر قبر وقبران ، وقيل ; بلى ، واختاره شيخنا ، وهو أظهر ، بناء على أنه هل يسمى مقبرة أم لا ؟ ويتوجه أن الأظهر أن الخشخاشة فيها جماعة قبر واحد وأن ظاهر كلامهم يفرد كل ميت بقبر : ندبا ، أو وجوبا ، وأن مع الحاجة يجعل بين كل اثنين حاجز من تراب ، وهذا معنى الخشخاشة .

وقال في المذهب وغيره : ومن دفن بداره موتى لم تصر مقبرة ، وإن غير موضع النهي بما يزيل اسمها كجعل حمام دارا ، أو نبش مقبرة صحت الصلاة ، وحكي لا : قال عليه السلام { يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا } ونبش قبور المشركين منه ، وبنى مسجده . متفق عليه .

والمسجد إن حدث بمقبرة كهي وإن حدث حوله أو في قبلته فكالصلاة إليها ، ويتوجه احتمال يصح حوله ، وهو ظاهر كلام جماعة .

وقال الآمدي : لا فرق بين المسجد القديم والحديث .

وقال في الفصول : إن بنى فيها مسجدا بعد أن انقلبت أرضها بالدفن لم تجز الصلاة ، لأنه بني في أرض الظاهر نجاستها ، كالبقعة النجسة ، وإن بني في ساحة طاهرة وجعلت في الساحة مقبرة جازت ، لأنه في جوار مقبرة ، وتأتي المسألة في البناء على القبور .


( مسألة 4 ) قوله : وإن حدث الطريق بعده فوجهان ، انتهى ، يعني إذا حدث الطريق بعد بناء ساباط ، وصلى على الساباط سواء بنى على الساباط مسجدا وصلى فيه ; أو صلى على الساباط من غير بناء ، وأطلقهما في الرعاية الكبرى أحدهما يصح ، وهو الصحيح ، قدمه ابن تميم ، قال في المغني والشرح وغيرهما : فإن كان المسجد سابقا فحدث تحته طريق أو عطن ، أو غيرهما من مواضع النهي لم تمنع الصلاة فيه بغير خلاف ، لأنه لم يتبع ما حدث بعده ، وذكر القاضي فيما إذا حدث تحت المسجد طريق وجها في كراهة الصلاة ، انتهى .

وقال المجد في شرحه ومن تبعه : إذا كان إحداث الساباط جائزا صحت الصلاة فيه من غير كراهة ، رواية [ ص: 374 ] واحدة ، لأنه لا يسمى طريقا ، فهو بمنزلة ما إذا أحدث تحته طريق أو نهر ، انتهى ، وقد قدم الأصحاب صحةالصلاة فيما إذا حدثت قدامه بعد بناء المسجد وهذا مثله ، والوجه الثاني لا يصح ، واعلم أن كلام المصنف يشمل ما إذا حدث الطريق بعد بناء الساباط سواء بني عليه مسجد ، أو لا ، كما تقدم ، وابن تميم وابن حمدان إنما ذكرا الخلاف فيما إذا حدث الطريق بعد المسجد على الساباط ، وكذا قال الشيخ والشارح ، فكلام المصنف أعم ، وكلامهم لا ينافي كلامه ، والله أعلم ، وظاهر كلام الشيخ والشارح وغيرهما أن محل الخلاف في الكراهة وعدمها كما تقدم ، وظاهر كلام المصنف وابن حمدان أن محل الخلاف في الصحة وعدمها ، والله أعلم ، ولا يخلو إطلاق المصنف من نوع نظر لما تقدم من كلام الأصحاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية