صفحة جزء
[ ص: 138 ] باب الوضوء سمي وضوءا لتنظيفه المتوضئ وتحسينه النية شرط لطهارة الحدث ( هـ ) لأن الإخلاص من عمل القلب وهو النية ، مأمور به ولخبر : { إنما الأعمال بالنيات } أي لا عمل جائز ولا فاضل . ولأن النص دل على الثواب في كل وضوء ، ولا ثواب في غير منوي إجماعا ، ولأن النية للتمييز ، ولأنه عبادة من شرطها النية ، لأن ما لم يعلم إلا من الشارع فهو عبادة كصلاة وغيرها ، وهذا معنى قول الفخر إسماعيل وأبي البقاء وغيرهما ، العبادة ما أمر به شرعا من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي .

قيل لأبي البقاء : الإسلام والنية عبادتان ولا يفتقران إلى النية ؟ فقال : الإسلام ليس بعبادة لصدوره من الكافر وليس من أهلها ، سلمنا ، لكن للضرورة ، لأنه لا يصدر إلا من كافر ، وأما النية فلقطع التسلسل ، وفي الخلاف لأن ما كان طاعة لله فعبادة ، قيل له : فقضاء الدين ورد الوديعة عبادة ؟ فقال : كذا نقول . فقيل له العبادة ما كان من شرطه النية ؟ فقال : إذا لم يجز أن يقال في الطاعة لله والمأمور به هو الذي من شرطه النية كذلك لا يجوز ذلك في العبادة ، وكذا ذكر غيره ، وذكر بعض أصحابنا عن أصحابنا والمالكية والشافعية أنه ليس من شرط العبادة النية ، خلافا للحنفية ، ونية الصلاة تضمنت السترة واستقبال القبلة لوجودهما فيها حقيقة ، ولهذا يحنث بالاستدامة . ويأتي غسل كافرة في الحيض ، والنية قصد رفع الحدث أو استباحة [ ص: 139 ] ما تجب له الطهارة ، وقيل : إن نوى مع الحدث النجاسة ويحتمل أو التنظيف أو التبرد لم يجزه .

وينوي من حدثه دائم الاستباحة ، وقيل : أو رفعه وقيل : هما . ومحلها القلب ( و ) ويسن نطقه بها سرا وقيل لا ( و م ) قال أبو داود لأحمد : أنقول قبل التكبير شيئا ؟ قال : لا ، واختاره شيخنا وأنه منصوص أحمد ، قال : واتفق الأئمة أنه لا يشرع الجهر بها ولا تكريرها ، بل من اعتاده ينبغي تأديبه وكذا بقية العبادات ، وقال الجاهر بها مستحق للتعزير بعد تعريفه ، لا سيما إذا آذى به أو كرره .

وقال الجهر بلفظ النية منهي عنه عند الشافعي وسائر أئمة الإسلام وفاعله مسيء ، وإن اعتقده دينا خرج عن إجماع المسلمين ، ويجب نهيه ، ويعزل عن الإمامة إن لم ينته ، قال في سنن أبي داود : { إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعزل الإمام لأجل بصاقه في القبلة } فإن الإمام عليه أن يصلي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي . ولا يضر سبق لسانه بخلاف قصده والأصح ولا إبطالها بعد فراغه ، وشكه فيها بعد كوسواس .

وإن نوى صلاة معينة لا غيرها . ارتفع مطلقا ، وذكر أبو المعالي وجهين كمتيمم نوى إقامة فرضين في وقتين ، وإن نوى طهارة مطلقة أو وضوءا مطلقا ففي رفعه وجهان ( م 1 ) وإن نوى جنب الغسل وحده أو لمروره [ ص: 140 ] لم يرتفع ، وقيل بلى وقيل في الثانية .


[ ص: 137 - 139 ] باب الوضوء ( مسألة 1 ) قوله وإن نوى طهارة أو وضوءا مطلقا ففي رفعه وجهان انتهى وأطلقها في الشرح ومختصر ابن تميم وشرح ابن عبيدان والحاويين وغيرهم أحدهما [ ص: 140 ] لا يرتفع وهو الصحيح جزم به في المستوعب والكافي وغيرهما وهو ظاهر ما جزم به في النظم وقدمه في التلخيص والرعايتين ورجحه ابن عقيل في الفصول .

وقال أيضا إن قال هذا الغسل لطهارتي انصرف إلى ما عليه من الحدث وكذا يخرج وجهان في رفع الحدث .

وقال أبو المعالي في النهاية لا خلاف أن الجنب إذا نوى الغسل وحده لم يجزئه لأنه تارة يكون عبادة ، وتارة يكون غير عبادة فلا يرتفع حكم الجنابة انتهى . والوجه الثاني يرتفع جزم به في الوجيز وغيره مصححا في المغني ومجمع البحرين ( قلت ) وهو قوي ، ويحتمل الصحة فيما إذا نوى وضوءا مطلقا ، دون ما إذا نوى طهارة مطلقة ولم أره والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية