صفحة جزء
ويعتبر للعدالة أمران : صلاح دينه بأداء الفريضة ، زاد في المستوعب والمحرر : بسننها ، وذكر القاضي والتبصرة والترغيب : والسنة الراتبة ، وأومأ إليه لقوله فيمن يواظب على ترك سنن الصلاة رجل سوء ، ونقل أبو طالب : الوتر سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ترك سنة من سننه فهو رجل سوء ، وأثمه القاضي ، ومراده لأنه لا يسلم من ترك فرض وإلا فلا يأثم بسنة ، كذا كان ينبغي أن يقول ، لكن ذكر فيمن ترك الصلاة أن من داوم على ترك السنن أثم ، واحتج بقول الإمام أحمد فيمن ترك الوتر : رجل سوء ، مع قوله إنه سنة ، كذا قال ، ولم يحتج له ، وأجاب عن حديث عبادة { من انتقص منهن شيئا } معناه من انتقص من مسنوناتها الراتبة [ ص: 561 ] معها لما كانت مضافة إليها وتبعا لها جاز أن يكون الخطاب عطفا على جميع ذلك ، وقال في مسألة الوتر عن قول أحمد فيمن تركه عمدا : رجل سوء ، لا ينبغي أن تقبل شهادته ، فإنه لا شهادة له ، ظاهر هذا أنه واجب ، وليس على ظاهره ، وإنما قال هذا فيمن تركه طول عمره أو أكثره فإنه يفسق بذلك ، وكذلك جميع السنن الراتبة إذا داوم على تركها ، لأنه بالمداومة يحصل راغبا عن السنة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم { من رغب عن سنتي فليس مني } ولأنه بالمداومة تلحقه التهمة بأنه غير معتقد لكونها سنة ، وهذا ممنوع منه ، ولهذا قال عليه السلام { أنا بريء من كل مسلم بين ظهراني المشركين لا تتراءى ناراهما } وإنما قال ذلك لأنه متهم في أنه يكثر جمعهم ويقصد نصرهم ويرغب في دينهم ، وكلام أحمد خرج على هذا ، وكذا في الفصول : الإدمان على ترك هذه السنن الراتبة غير جائز ، واحتج بقول أحمد في الوتر ، لأنه يعد راغبا عن السنة .

وقال بعد قول أحمد في الوتر : وهذا يقتضي أنه حكم بفسقه ، ونقل جماعة : من ترك الوتر ليس عدلا ، وقاله شيخنا في الجماعة على أنها سنة ، لأنه يسمى ناقص الإيمان ، قال الإمام أحمد : إذا عملت الخير زاد وإذا ضيعت نقص .

وقال القاضي : من ترك النوافل التي ليست راتبة مع الفرائض لا تصفه بنقصان الإيمان ، وفي كلام الحنفية قيل : لا بأس بترك سنة الفجر والظهر إذا صلى وحده ، لأنه عليه السلام لم يأت بها إلا إذا صلى بالجماعة ، وبدونها [ ص: 562 ] لا تكون سنة ، وقيل : لا يجوز تركها بحال ، لأن السنة المؤكدة كالواجبة ، كذا قالوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية