صفحة جزء
وفي سترة مغصوبة ونجسة وجهان ( م 5 - 6 ) [ ص: 474 ] فالصلاة إليها كالمقبرة ، قال صاحب النظم وعلى قياسه سترة [ ص: 475 ] الذهب ، ويتوجه منها لو وضع المار سترة ومر ، أو تستر بدابة جاز . وسترة الإمام سترة لمن خلفه ( و ) ولا عكس ( و ) فلا يستحب للمأموم سترة ، وليست سترة له ، وذكروا أن معنى ذلك إذا مر ما يبطلها فظاهره أن هذا فيما يبطلها خاصة ، وأن كلامهم في نهي الآدمي عن المرور على ظاهره ، وكذلك المصلي لا يدع شيئا يمر بين يده لأنه عليه السلام { كان يصلي إلى سترة دون أصحابه } لكن قد احتجوا بمرور ابن عباس بالأتان بين يدي بعض الصف ولم ينكر ذلك أحد ، وهذا قضية عين يحتمل البعد ، مع أنه في الحرم ، ويحتمل عدم الإمكان ، وحضور شاغل عنه ، ولو علم النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ولم ينكر ذلك أحد ، بل كان يضيف عدم الإنكار إليه ، وغايته إقرار بعض الصحابة ، واحتجوا { بأن البهيمة لما أرادت أن تمر بين يديه عليه السلام درأها حتى التصق بالجدار فمرت من ورائه } رواه أبو داود ، وابن ماجه بإسناد جيد إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ولم يفعلوا كفعله ، ولم ينكر عليهم ، وهذا إن صح فقضية عين تحتمل أنها لم تمر بين أيديهم ، مع [ ص: 476 ] احتمال البعد ، أو تركوها لظنهم عدم الإمكان ، مع أنه مقام كراهة ، وهذا منهم يدل على العموم ، فاختلف كلامهم على وجهين والأول أظهر ، وفاقا للشافعية وغيرهم .

وقال ابن تميم : ومن وجد فرجة في الصف قام فيها إذا كانت بحذائه ، فإن مشى إليها عرضا كره ، وعنه لا ، وقال صاحب النظم : لم أر أحدا تعرض لجواز مرور الإنسان بين يدي المأمومين ، فيحتمل جوازه اعتبارا بسترة الإمام لهم حكما ، ويحتمل اختصاص ذلك بعدم الإبطال ، لما فيه من المشقة على الجميع ، ومراده عدم التصريح به ، وقد قال القاضي عياض المالكي : اختلفوا هل سترة الإمام سترة لمن خلفه أم هي سترة له خاصة وهو سترة لمن خلفه مع الاتفاق أنهم مصلون إلى سترة " ولمسلم عن أبي هريرة مرفوعا { إنما الإمام جنة } أي الترس ، يمنع من نقص صلاة المأموم ، لا أنه يجوز المرور قدام المأموم كما سبق ، وروى ابن خزيمة " حدثنا الفضل بن يعقوب الرصافي ، حدثنا الهيثم بن جميل ، حدثنا جرير بن حازم ، عن يعلى بن حكيم والزبير بن خريت ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ، فمرت شاة بين يديه ، فساعاها إلى القبلة ، حتى ألصق بطنه بالقبلة } رواه ابن حبان ، عن ابن خزيمة ، ورواه الطبراني ، عن إبراهيم بن صالح الشيرازي ، عن عمر بن حكام ، عن جرير ، وروي ذلك في المختارة حديث صحيح ، ولا يجيب الوالد في نفل أن لزم بالشروع ، وسأله المروذي عنها ، فقال : يروى عن ابن المنكدر إذا دعتك أمك فيها فأجبها ، وأبوك لا تجبه ، وكذا الصوم ، ونقل أبو الحارث يروي عن الحسن له أجر البر ، وأجر [ ص: 477 ] الصوم إذا أفطر . ويجب أن يجيب النبي صلى الله عليه وسلم في نفل وفرض ( و ) وإن قرأ آية فيها ذكره صلى عليه في نفل نص عليه ، وأطلقه بعضهم ومذهب ( هـ ) تبطل مطلقا ، إن سمع اسمه ، أو كان عادة له ، ويجب رد كافر معصوم دمه عن بئر في الأصح ، كمسلم ، فيقطع ، وقيل يتم ، وكذا إن فر منه غريمه ، نقل حبيش يخرج في طلبه ، وكذا إنقاذ غريق ونحوه ، وقيل نفلا ، وإن أبى صحت ، ذكروه في الدار المغصوبة .


( مسألة 5 ) قوله : وفي سترة مغصوبة ونجسة وجهان ، انتهى ، ذكر مسألتين ( المسألة الأولى ) لو صلى إلى سترة مغصوبة فمر من ورائها ما يقطع الصلاة ، فهل يقطعها أم لا ؟ أو مر من ورائها من يكره مروره ، فهل يكره أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في المغني ، والمجد في شرحه ، والشرح ، ومختصر ابن تميم والرعاية الصغرى ، والحاويين وغيرهم ، إحداهما كغيرها ، قدمه في الرعاية الكبرى ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، لإطلاقهم ، والوجه الثاني لا يعتد بها ، فوجودها كعدمها ، جزم بها ابن رزين في شرحه ( قلت ) وهذا الصواب ، قال المجد في شرحه بعد أن أطلق الوجهين وعللهما ، وأصل الوجهين الصلاة في البقعة والثوب المغصوب ، انتهى ، والمذهب عدم صحة الصلاة في ذلك ، فكذا يكون هنا ، وهو الذي اخترناه والله أعلم .

( المسألة الثانية ) إذا صلى إلى سترة نجسة فهل هي كالطاهرة أم لا يعتد بها أطلق الخلاف ، إحداهما هي كالطاهرة قدمه في الرعاية الكبرى ( قلت ) وهو الصواب الذي لا يعدل عنه ، وهو ظاهر كلام الأصحاب ، والوجه الثاني وجودها [ ص: 475 ] كعدمها ( قلت ) وهو ضعيف ، وإطلاق المصنف فيه نظر ، والصحيح الفرق بين المغصوبة والنجسة .

( تنبيه ) قوله في سترة الإمام سترة لمن خلفه بعد ذكره حديث ابن عباس والذي بعده وما فيهما من الاحتمالات قال فاختلف كلامهم على وجهين ، والأول أظهر وفاقا للشافعية ، وغيرهم انتهى ، قال ابن نصر الله في حواشيه ، صوابه والثاني أظهر ، لأنه محل وفاق الشافعية أعني عموم سترة لما يبطلها ولغيره ، كمرور الآدمي ، ومنع المصلي المار ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية