صفحة جزء
ويكره أن يؤم قوما أكثرهم له كارهون ، وقيل : ديانة ، وقيل : أو استويا وأطلق ابن الجوزي وجهين إذا استويا ، وجزم بعضهم : [ ص: 11 ] الأولى تكره قال الأصحاب : يكره لخلل في دينه أو فضله ، اقتصر عليه في الفصول والغنية وغيرهما .

وقال شيخنا : إذا كان بينهم معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء والمذهب فلا ينبغي أن يؤمهم ; لأن [ ص: 12 ] المقصود بالصلاة جماعة إنما يتم بالائتلاف ، ولهذا قال عليه السلام { : لا تختلفوا فتختلف قلوبكم } وقال { : اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفت فقوموا } وقال صاحب المحرر : أو لدنيا ، وهو ظاهر كلام جماعة ، وقيل : تفسد صلاته ( خ ) لخبر أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعا { ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم : العبد الآبق حتى يرجع ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، وإمام قوم وهم له كارهون } أبو غالب ضعفه ابن سعيد والنسائي وغيرهما ، ووثقه الدارقطني .

وقال ابن عدي : لا بأس به ، رواه الترمذي ، وقال : حسن غريب ، وسبق قبل آخر فصل في صفة الصلاة خبر أبي هريرة ، وروى ابن ماجه ، عن محمد بن عبد الرحمن بن هياج . عن يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي عن عبيدة بن الأسود ، عن القاسم بن الوليد ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة ، إمام قوم وهم له كارهون ، وامرأة باتت وزوجها عليها غضبان ، وأخوان متصارمان } ورواه ابن حبان عن الحسن بن سفيان ، [ ص: 13 ] عن أبي كريب ، عن يحيى ، ورواه الطبراني من حديث يحيى ، ورواه أيضا وجعل الثالث { وعبد آبق من مواليه } ورواه الحافظ الضيا في المختارة من طريقه ، وهو حديث حسن ، ورواته ثقات ، وسبق في ستر العورة بعد الصلاة في دار غصب ، صلاة الآبق ، وفي اللباس : هل يلزم من عدم القبول عدم الصحة ؟ نقل أبو طالب ، ينبغي أن يؤمهم .

وقال شيخنا : أتى بواجب ، ومحرم يقاوم صلاته ، فلم تقبل ، إذ الصلاة المقبولة ما يثاب عليها ، قال في الفصول : تكره له الإمامة ، ويكره الائتمام به ، واستحب القاضي حيث لم يكره أن لا يؤمهم صيانة لنفسه .


[ ص: 10 ] الثاني قوله : ويكره أن يؤم قوما أكثرهم [ له كارهون ] قيل : ديانة ، وقيل : أو استويا ، انتهى . قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والمحرر وغيرهم : يكره أن يؤم قوما أكثرهم له كارهون ، قال في الخلاصة : يكرهونه لمعنى في دينه .

وقال في الكافي : فإن كانوا يكرهونه لسنة دينية فلا كراهة .

وقاله في المغني والشرح .

وقال في الرعاية الكبرى : ويكره أن يؤم أحد [ ص: 11 ] قوما يكرهه أكثرهم ديانة ، فإن اختلفوا عليه اعتبر قول أكثرهم ، وقيل : ديانة ، نص عليه .

وقال الشارح بعدما استدل لكلامه في المقنع : فإن استوى الفريقان فالأولى أن لا يؤمهم ، إزالة لذلك الاختلاف ، انتهى .

وقال في مجمع البحرين : ويكره أن يؤم قوما أكثرهم يكرهه لخلل في دينه أو فضله ، أو لشحناء بينهم في أمر دنيوي ونحوه ، فأما إن كرهوه لسنة أو دينه لميلهم إلى ضده فالأولى أن يصبر ولا يلتفت إلى كراهتهم ولو جهرة ، انتهى ، فهذا كلام الأصحاب في هذه المسألة . إذا علم ذلك ففي أكثر نسخ الكتاب : وقيل ديانة بالواو فيكون المقدم على هذه النسخة : حيث وجدت الكراهة من الأكثر ، أو استووا على القول الآخر كرهت إمامته ، سواء كرهوه ديانة أو لا ، وهو موافق لكلامه في الرعاية الكبرى فيما إذا اختلفوا عليه ، وكجماعة تقدم لفظهم ، وتقدم نقل الأصحاب أن الصحيح من المذهب لا بد أن يكرهوه بحق ، نص عليه ، وعليه الأكثر ، ويؤيد هذا قول المصنف ، قال الأصحاب : يكرهه لخلل في دينه ، أو فضله ، ووجد في بعض النسخ : قيل ديانة بغير واو فيكون هذا القول ليس في مقابلة قول آخر ; لأن قوله : وقيل أو استويا ، عائد إلى قوله : أكثرهم ، وعلى كلا التقديرين ليس في المسألة خلاف مطلق عند المصنف ، لكن في عبارته نوع خفاء ، وبعض نقص ، وهو قوله : له كارهون أو يكرهونه ، ويحتمل على التقدير الثاني أن يكون لنا قول مقابل لما ذكره ، وهو الكراهة مطلقا وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى ، كما تقدم ، وظاهر كلام جماعة ، وسقط من الكاتب ، فيكون قد أطلق الخلاف ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية