صفحة جزء
ويصلي خلف من لا يعرفه ، وعنه : لا ، قال بعضهم : وتصح . وتصح خلف من خالف في فرع ( و ) لفعل الصحابة والتابعين مع شدة الخلاف ، ما لم يعلمهم أنهم تركوا ركنا أو شرطا على ما يأتي ، ولو لم ير [ ص: 16 ] مسح الخف أو الحرام شيئا ، نقله الأثرم ، وسيأتي في الشهادات كلام في فسقه ، ومراد الأصحاب : ما لم يفسق ، قال جماعة من الحنفية : إنما يصح الاقتداء بالشفعوية إذا احتاط الإمام في موضع الخلاف : أي ما لم يترك ركنا أو شرطا عند المأموم .

وقال جماعة : الشفعوية غلط ; لأنه نسبة إلى شافع بحذف ياء النسب جد الإمام كما نسب هو إليه ، إذ لا يجمع بين منسوبين .

قال ابن الجوزي في كتابه ( السر المصون ) : رأيت جماعة من المنتسبين إلى العلم يعملون عمل العوام ، فإذا صلى الحنبلي في مسجد شافعي ولم يجهر غضبت الشافعية ، وإذا صلى شافعي في مسجد حنبلي وجهر غضبت الحنابلة ، وهذه مسألة اجتهادية ، والعصبية فيها مجرد هوى يمنع منه العلم قال ابن عقيل : رأيت الناس لا يعصمهم من الظلم إلا العجز .

ولا أقول العوام ، بل العلماء ، كانت أيدي الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يوسف ، فكانوا يتسلطون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع ، حتى لا يمكنوهم من الجهر والقنوت ، وهي مسألة اجتهادية ، فلما جاءت أيام النظام ومات ابن يوسف وزالت شوكة الحنابلة استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة ، فاستعدوا بالسجن ، وآذوا العوام بالسعايات ، والفقهاء بالنبز بالتجسيم ، قال : فتدبرت أمر الفريقين ، [ ص: 17 ] فإذا بهم لم تعمل فيهم آداب العلم ، وهل هذه [ الأفعال ] إلا أفعال الأجناد يصولون في دولتهم ، ويلزمون المساجد في بطالتهم ، انتهى ما ذكره ابن الجوزي . فقد بينا الأمر على أن مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها ، وذكر القاضي فيه روايتين ، ويتوجه قول ثالث وفي كلام أحمد أو بعض الأصحاب ما يدل عليه إن ضعف الخلاف فيها أنكر ، وإلا فلا ، وللشافعية أيضا خلاف ، فلهم وجهان في الإنكار على من كشف فخذيه ، فحمل حال من أنكر على أنه رأى هذا أولى ولم يعتقد المنكر أنه يفضي ذلك إلى مفسدة فوق مفسدة ما أنكره ، وإلا لسقط الإنكار أو لم يجز ( وإنما لامرئ ما نوى ) وسبق كلام ابن هبيرة آخر كتاب الصلاة ، والله أعلم . ونقل محمد بن سليمان أبو جعفر المنقري : كان المسلمون يصلون خلف من يقنت ومن لا يقنت ، فإن زاد فيه حرفا فلا يصلي خلفه ، أو جهر بمثل ( إنا نستعينك ) أو ( عذابك الجد ) فإن كنت في صلاة فاقطعها ، كذا قال . ومن زور ولاية لنفسه بإمامة وباشر فيتوجه : إن كانت ولايته شرطا لاستحقاقه لم يستحق ، وإلا خرج على صحة إمامته .

وقال شيخنا : له أجر مثله ، وأطلق ، كمن ولايته فاسدة بغير كذبه ، لا ما يستحقه [ ص: 18 ] عدل بولاية شرعية


[ ص: 16 ] لعل ذلك في الجهر بالنية في الصلاة

التالي السابق


الخدمات العلمية