صفحة جزء
فإن خرج صلوا ظهرا ، فإن كانوا فيها أتموا جمعة ، قال بعضهم : نص عليه ، وهو ظاهر المذهب ( و م ) قال القاضي وغيره : هو المذهب ; لأن الوقت إذا فات لم يمكن استدراكه ، فسقط اعتباره في الاستدامة للعذر ، ومثله العدد وهو للمسبوق ، ولأن الوقت حصل عنه بدل وهو وقت الثانية ، ولأن بعضه كجميعه فيمن طرأ تكليفه في آخره ، بخلاف العدد فيهما . وعنه : قبل ركعة لا ، اختاره الخرقي [ ص: 97 ] والشيخ . ثم هل يتمونها ظهرا ( و ش ) أو يستأنفونها ؟ ( و هـ ) فيه وجهان ( م 5 ) وعنه : يعتبر الوقت فيها إلا السلام . وإن غربت وهو فيها ، فقيل كذلك ، وقيل تبطل ; لأن وقت الغروب ليس وقتا للجمعة ، ووقت العصر وقت الظهر التي الجمعة بدلها ( م 6 ) فعلى المذهب لو بقي من [ ص: 98 ] الوقت قدر الخطبة والتحريمة لزم فعلها ، وإلا لم يجز . وكذا يلزمهم إن شكوا في خروجه ، عملا بالأصل


[ ص: 96 ] [ ص: 97 ] مسألة 5 ) قوله : فإن خرج الوقت صلوا ظهرا ، فإن كانوا فيها أتموا جمعة وعنه : قبل ركعة لا ، اختاره الخرقي والشيخ ، ثم هل يتمونها ظهرا أو يستأنفون ؟ فيه وجهان ، انتهى . وأطلقهما الكافي والمقنع والمحرر ومختصر ابن تميم وشرح ابن منجى البحرين وحواشي المصنف والفائق والحاويين والزركشي وغيرهم ، أحدهما : يتمونها ظهرا ، وهو الصحيح ، صححه في التصحيح ، وجزم به في المذهب والوجيز ، وقدمه في الرعايتين والنظم ، والوجه الثاني : يستأنفونها ظهرا ، قلت : وهو الصواب ، ويدل على ذلك قوله في المغني والشرح وغيرهما الآتي ، وقال الشيخ في المغني وتبعه الشارح : فعلى هذا إن دخل وقت العصر قبل ركوعه فعلى قياس قول الخرقي تفسد ويستأنفها ظهرا ، وعلى قول أبو إسحاق بن شاقلا يتمها ظهرا ، وهو ظاهر كلام ابن رزين في شرحه والزركشي ، قال الطوفي في شرح الخرقي : والوجهان مبنيان على قول أبو إسحاق والخرقي الآتيان ، انتهى ، فعلى هذا يكون الصحيح من المذهب أنه يتمها ظهرا إن كان قد نوى الظهر ، وإلا استأنفها ، وظاهر كلام المصنف أنهما ليسا مبنيين على قول الخرقي وابن شاقلا ، لأنه هناك قدم قول الخرقي ، وهنا أطلق الخلاف .

( مسألة 6 ) .

قوله : وإن غربت وهم فيها فقيل كذلك يعني يكون الحكم [ ص: 98 ] كما لو خرج وقت الظهر وهم فيها وقيل : تبطل ; لأن وقت المغرب ليس وقتا للجمعة ، ووقت العصر وقت الظهر التي الجمعة بدلها ، انتهى ، وأطلقهما ابن تميم ، أحدهما هو كدخول وقت العصر ، وقيل : بل تبطل ، انتهى ، والوجه الثاني : تبطل ، قلت : وهذا الصواب الذي لا يعدل عنه ، وإطلاق المصنف فيه نظر ظاهر .

( تنبيه ) .

هذه المسألة ذكرها ابن تميم في مختصره ، وابن حمدان في رعايته الكبرى والمصنف ، ولم أرها لغيرهم ، وظاهرها مشكل ، فإن الإمام أحمد والأصحاب قالوا : يخرج وقت الجمعة بدخول وقت العصر ، وإنما اختلفوا إذا دخل وقت العصر وهم فيها ، فكيف يصحح الجمعة بعد غروب الشمس ، فيحتمل أن يكون مرادهم إذا جوزنا الجمع بين الجمعة والعصر ، وجمع جمع تأخير ، وتأخروا إلى آخر الوقت ، لكن لم نطلع على كلام أحد من الأصحاب أنه قال ذلك ، أو حصل لهم إفاقة من جنون أو إسلام أو بلوغ أو عذر من الأعذار إلى آخر وقت العصر ، وجوزنا الصلاة لهم ، ولم أرهم ذكروا ذلك ، والقول بأنهم دخلوا في الصلاة من قبل دخول وقت العصر واستمروا إلى الغروب بعيد جدا ، ثم وجدت القاضي في التعليقة الكبيرة وهو الخلاف الكبير قال : إذا دخل وقت العصر وهم في الجمعة قال أبو حنيفة والشافعي كما لا يجوز فعلها في وقت المغرب ، والجواب أنه يجوز فعلها في وقت المغرب كما يجوز في وقت العصر ، ولا فرق ، انتهى ، فقطع بهذا ، وقال بعد ذلك بأسطر : لما قال المخالف الوقت شرط ، كما أن العدد شرط ، ثم ثبت أنه لو تفرق العدد قبل الفراغ منها استقبل الصلاة كذلك الوقت ، انتهى . فقال القاضي في الجواب الثالث : فأما إذا خرج وقت العصر ودخل وقت المغرب ، فيحتمل أن نقول : تبنى ، ويحتمل أن [ ص: 99 ] نقول : تبطل ; لأن وقت المغرب لم يجعل وقتا للجمعة ، ووقت العصر قد جعل وقتا للظهر التي الجمعة بدل عنها ، انتهى . فالذي يظهر أنه جعل وقت العصر مع وقت الجمعة وقتا واحدا للعذر على أحد الاحتمالين ، كغيرها من الصلوات ، والله أعلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية