صفحة جزء
فصل ( الثالث ) نجس ، وهو ما تغير بنجاسة ( و ) وكذا قليل لاقى نجاسة .

وفي عيون المسائل يدركها طرف ( و ش ) . وقيل : إن مضى زمن تسري فيه ، وعنه لا ينجس ( و م ) وعنه إن كان جاريا ( و هـ ) [ ص: 85 ] اختارها جماعة ، وحكى عنه أبو الوقت الدينوري طهارة ما لم يدركه الطرف ، ذكره ابن الصيرفي . وعنه تعتبر كل جرية بنفسها ، وهي أشهر ، فيفضي إلى تنجس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة ، لقلة ما يحاذي القليلة ، والجرية ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها ويمنة ويسرة .

وقال الشيخ : وما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها ، وإن امتدت النجاسة فقيل : واحدة ، وقيل : كل جرية نجاسة منفردة ( م 16 ) ولا يؤثر تغيره في محل التطهير ، وفيه قول ، اختاره شيخنا ، قال : والتفريق بينهما بوصف غير مؤثر لغة وشرعا .

وإن لم يتغير الكثير لم ينجس ، إلا ببول أو عذرة رطبة أو يابسة ذابت نص عليه ، وعنه : أولا من آدمي ، فيه روايتان ( م 17 ) [ ص: 86 ] وقيل بل عذرة مائعة ، ولم يستثن في التلخيص إلا بول آدمي ، وكذا قال أحمد في رواية صالح . ونقل مهنا في بئر وقع فيه ثوب تنجس ببول آدمي : ينزح ، ويتوجه من تقييد العذرة بالمائعة لا ينزح ، اختار أكثر المتأخرين لا ينجس ( و . ش ) قال القاضي وغيره ونقل الجماعة واختاره شيوخ أصحابنا : ينجس ، إلا أن تعظم مشقة نزحه كمصانع بطريق [ ص: 87 ] مكة .

وإن تغير بعض الكثير ففي نجاسة ما لم يتغير مع كثرته وجهان ( م 18 ) وظاهر كلامهم ; أن نجاسة الماء النجس عينية . وذكر شيخنا في شرح العمدة لا ، لأنه يطهر غيره ، فنفسه أولى ، وأنه كالثوب النجس وذكر [ ص: 88 ] بعض أصحابنا في كتب الخلاف : أن نجاسته مجاورة سريعة الإزالة ، لا عينية ، فلهذا يجوز بيعه ، وحرم الحلواني وغيره استعماله إلا لضرورة . وذكر جماعة أن سقيه للبهائم كالطعام النجس . وفي نهاية الأزجي : لا يجوز قربانه بحال ، بل يراق ، وقاله في التعليق في المتغير ، وأنه في حكم عين نجسة ، بخلاف قليل نجس لم يتغير ، فيجوز بل الطين به ، وسقي الدواب ، ويأتي كلام الأزجي في الاستحالة . والكثير قلتان ، والقليل دونهما ( هـ ) وهما خمسمائة رطل عراقية ، والرطل مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ، فهو سبع الدمشقي ونصف سبعه ، فالقلتان بالدمشقي مائة رطل ، وسبعة أرطال وسبع ( و ش ) وعنه أربعمائة عراقية ، والتقدير تقريب على الأصح ( و ش ) ويطهر الكثير النجس بزوال تغيره بنفسه على الأصح ، أو إضافة قلتين بحسب الإمكان للمشقة ، واعتبر الأزجي والمستوعب الاتصال في صب الماء ، أو بنزح يبقى بعده قلتان . وهو طهور ، وقيل : طاهر لزوال النجاسة به ، ولا يطهر القليل النجس إلا بقلتين ، فإن أضيف إلى ذلك قليل طهور ، أو مائع وبلغ القليل قلتين أو تراب ونحوه غير مسك ونحوه لم يطهر ، لأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه ، فغيره أولى ، وقيل بلى لخبر القلتين ، ولزوال التغير ، وقيل : بالماء ، لأن غيره يستر النجاسة ، وقيل به في النجس الكثير فقط ، جزم به في المستوعب وغيره ، وأطلق في الإيضاح روايتين في التراب ، وللشافعي قولان . وإن أضيف إلى القليل قليل ولم يبلغا قلتين ، أو تراب ونحوه ، لم يطهر ، لبقاء علة التنجيس ، وهي الملاقاة ويطهر ما لا يشق ، [ ص: 89 ] نزحه بما يشق ، وقيل : أو هما يشقان ، وقيل : وبقلتين ، ويعتبر زوال التغير في الكل . وإن اجتمع من نجس وطهور وطاهر قلتان بلا تغير فكله نجس ، وقيل : طاهر ، وقيل : طهور ، وإن أضيف قلة نجسة إلى مثلها ولا تغير لم يطهر في المنصوص ( ش ) ككمالها ببول أو نجاسة أخرى ، ( و ) وفي غسل جوانب بئر نزحت أرضها روايتان ( م 19 ) وله استعمال كثير لم يتغير ، ولو مع قيام النجاسة فيه وبينه وبينها قليل ، وما انتضح من قليل لسقوطها فيه نجس . وإن شك في كثرة الماء ، أو نجاسة عظم ، أو روثة أو جفاف نجاسة على ذباب وغيره ، أو ولوغ كلب أدخل رأسه في إناء ثم وجد بفيه رطوبة فوجهان ( م 20 - 24 ) ونقل حرب وغيره [ ص: 90 ] فيمن وطئ روثة فرخص فيه : إذا لم يعرف ما هي ؟ وإن احتمل تغيره [ ص: 91 ] بما فيه من نجس أو غيره عمل به ، وإن احتملهما فوجهان ( م 25 ) وإن شك في طهارة شيء ، أو نجاسته بنى على أصله ( و ) وإن أخبره عدل بنجاسته ، قيل : إن عين سببها ، وقيل : مطلقا ، وفي المستور ، والمميز ، ولزوم [ ص: 92 ] السؤال عن السبب وجهان ( م 26 ) وإن أصابه ماء ميزاب ولا أمارة كره سؤاله عنه ، نقله صالح ، لقول عمر لصاحب الحوض : لا تخبرنا ، فلا يلزم الجواب ، وقيل : بلى ، كما لو سئل عن القبلة ، وقيل : الأولى السؤال [ ص: 93 ] والجواب ، وقيل بلزومها ، وأوجب الأزجي إجابته إن علم نجاسته ، وإلا فلا . وينجس كل مائع ، كزيت وسمن بنجاسة ، نقله الجماعة ( و م ش ) وذكره ابن حزم ( ع ) في سمن ، كذا قال ، وعنه حكمه كالماء ( و هـ ) وعنه إن كان الماء أصلا له .

وقال شيخنا : ولبن كزيت . وإن اشتبه طهور بنجس لم يتحر ( ش ) كميتة بمذكاة ، وهل يشترط لتيممه إراقتهما ، أو خلطهما أم لا ؟ فيه روايتان ( م 29 ) وإن علم النجس وقد تيمم وصلى [ ص: 94 ] فلا إعادة في الأصح ، وعنه له التحري إذا زاد عدد الطهور ( و هـ ) وقيل : عرفا . وهل يلزم من علم النجس إعلام من أراد أن يستعمله ؟ فيه احتمالات ، الثالث يلزم إن شرطت إزالتها لصلاة ( م 30 ) وهل يلزم التحري لأكل أو شرب ؟ فيه روايتان ( م 31 ) ثم في غسل ؟ فيه وجهان ( م 32 ) ولا يتحرى أحد مع وجود غير مشتبه ( ش ) ومحرم كنجس فيما تقدم ، وقيل : يتحرى مطلقا .

وإن توضأ بماء ثم علم نجاسته أعاد ، نقله الجماعة ( و ) [ ص: 95 ] خلافا للرعاية ، وإن لم نقل : إزالة النجاسة شرط ، كذا قال ، ونصه : حتى يتيقن براءته .

وقال القاضي وأصحابه بعد ظنه نجاسته ، وذكر في الفصول والأزجي : إن شك ، هل كان وضوءه قبل نجاسة الماء ، أو بعده ، لم يعد ، لأن الأصل الطهارة ، وهذا معنى كلام غيرهما ، لعدم العلم أنه صلى بنجاسة ، لكن يقال : شكه في القدر الزائد كشكه مطلقا ، فيؤخذ من هذا لا يلزمه أن يعيد إلا ما تيقنه بماء نجس ، وهو متجه ، وفاقا لأبي يوسف ومحمد وبعض الشافعية ، كشكه في شرط العبادة بعد فراغها ، فهو كشكه في النية بعد الفراغ ، وعلى هذا لا يغسل ثيابه ، وآنيته ، ونص أحمد يلزمه ( و ) ويأتي أن من صلى ووجد عليه نجاسة لا يعلم : هل كانت في الصلاة ؟ أنها تصح في الأشهر ، لأنه الأصل ، قال في منتهى الغاية : ولهذا لو رأى نجاسة في ماء يسير ، أو أصابته جنابة ولم يعلم زمن ابتدائهما لكانا في وقت الشك كالمعدومين يقينا ، لأنه الأصل ، كذا قال ، ولعل مراده أنه شك : هل صلى مع المانع أصلا ، أم لا ؟ وقد يفرق بتأكد رفع الحدث ، بخلاف النجاسة ، والله أعلم .

وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ منهما وضوءا واحدا ، وقيل : من كل واحد ، ولا يتحرى في مطلق ومستعمل ( ش ) ويصلي صلاة واحدة ، وإن توضأ منهما مع طهور بيقين وضوءا واحدا صح ، وإلا فلا . وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة صلى بعدد النجس ، وزاد صلاة ، ونوى بكل صلاة الفرض ، احتياطا كمن نسي صلاة من يوم ، وقد فرق أحمد بين الثياب والأواني بأن الماء يلصق بالبدن ، قال الأصحاب : ولأنه ليس [ ص: 96 ] عليها أمارة ، ولا لها بدل يرجع إليه ، ويتوجه احتمال سواء ، وقيل : يتحرى مع كثرة الثياب النجسة للمشقة ( و . هـ . ش م ر ) لا مطلقا خلافا للفنون .

وقاله أيضا في مناظراته ، وقيل : يصلي في واحد بلا تحر ، وفي الإعادة وجهان ، ويتوجه أن هذا فيما إذا بان طاهرا كنظيره في ماء مشتبه في وجه ، ولا تصح في الثياب المشتبهة مع طاهر يقينا ( ش ) وكذا الأمكنة . ويصلي في فضاء واسع حيث شاء بلا تحر . وإن اشتبهت أخته بأجنبية لم يتحر ، وقيل : بلى في عشر ، وفي قبيلة كبيرة له النكاح ، وفي لزوم التحري وجهان ( م 33 ) ويتوجه مثله [ ص: 97 ] في الميتة بالمذكاة ( م 34 ) قال أحمد : أما شاتان : فلا يجوز التحري ، فأما إذا كثرت فهذا غير هذا ، ونقل الأثرم أنه قيل له فثلاثة ؟ قال : لا أدري .


[ ص: 85 ] مسألة 16 ) قوله والجرية ما أحاط بالنجاسة فوقها ، وتحتها ، ويمنة ، ويسرة وقال الشيخ : وما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها ، وإن امتدت النجاسة فقيل واحدة ، وقيل : كل جرية نجاسة منفردة انتهى وأطلقهما في الرعاية الكبرى ، ومختصر ابن تميم وتبعه ابن عبيدان ( أحدهما ) كل جرية نجاسة منفردة ، وهو الصحيح اختاره الشيخ الموفق والشارح وجزما به ، وكذلك ابن رزين في شرحه ( والوجه الثاني ) الكل نجاسة واحدة ، فعلى هذا ينجس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة لقلة ما يحاذي القليلة ، إذ لو فرضنا كلبا في جانب نهر وشعرة منه في جانبه الآخر لكان ما يحاذيها لا يبلغ قلتين لقلته ، والمحاذي للكلب يبلغ قلالا ، وهذا الوجه ظاهر كلام القاضي وأصحابه وغيرهم ، حيث اختارا اعتبار كل جرية بنفسها .

( مسألة 17 ) قوله : " وإن لم يتغير الكثير لم ينجس ، إلا ببول ، أو عذرة رطبة أو يابسة ذابت من آدمي ففيه روايتان " وأطلقهما في الإرشاد ، والمغني ، والمذهب الأحمد ، والتلخيص ، والبلغة ، والشرح ، ومختصر ابن تميم ، وشرح ابن رزين ، [ ص: 86 ] والفائق وغيرهم ( إحداهما ) لا ينجس ، وهو الصحيح من المذهب عند المتأخرين ، وهو ظاهر الإيضاح والعمدة والخلاصة والوجيز وإدراك الغاية ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمنور ، ومنتخب الآدمي ، والتسهيل وغيرهم ، لعدم ذكرهم لهما ، وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاويين .

وقال الشيخ تقي الدين وتبعه المصنف ، اختاره أكثر المتأخرين ، قال ناظم المفردات : هذا قول الجمهور ، قال المستوعب والتفريع عليه قال في المذهب : لم ينجس في أصح الروايتين ، قال ابن منجى في شرحه : عدم النجاسة أصح ، انتهى ، واختاره أبو الخطاب ، وابن عقيل ، والشيخ الموفق ، والمجد ، والناظم في شرحه ونظمه وغيرهم ( قلت ) وهو المذهب على ما اصطلحناه ( والرواية الثانية ) ينجس إلا أن يكون مما لا يمكن نزحه لكثرته فلا ينجس ، وهذا المذهب عند أكثر المتقدمين ، قال في الكافي : أكثر الروايات أن البول والغائط ينجس الماء الكثير ، قال في المغني وتبعه ناظم المفردات : الأشهر أنه ينجس ، وكذا قال ابن عبيدان ، وقال : اختارها الشريفان والقاضي ، وقال اختارها الخرقي ، وشيوخ أصحابنا ، قال في تجريد العناية . هذا أظهر عنه ، قال الزركشي : هي أشهر الروايتين عن أحمد نقلا ، واختارها الأكثرون ، قال الشيخ تقي الدين : اختارها أكثر المتقدمين ، قال الزركشي : وأكثر المتوسطين كالقاضي ، والشريف ، وابن البنا ، وابن عبدوس ، وغيرهم ، وقدمه في الفصول .

[ ص: 87 ] مسألة 18 ) قوله : " وإن تغير بعض الكثير ففي نجاسة ما لم يتغير مع كثرته وجهان " انتهى ، وأطلقهما ابن تميم ( أحدهما ) يكون طهورا ، وهو الصحيح ، وجزم به في المستوعب ، والكافي ، وقدمه في الرعايتين ، ومجمع البحرين ، والحاوي الصغير ، أو المغني والشرح ، ونصراه ، وصححه في الحاوي الكبير ، وابن عبيدان ، وابن نصر الله في حواشيه ( والوجه الثاني ) يكون نجسا اختاره ابن عقيل ، وقدمه ابن رزين في شرحه ، وقيل : الباقي طهور وإن قل ، ذكره في الرعاية ، واختاره القاضي ، وذكره في المستوعب .

تنبيهات

( أحدها ) قوله وظاهر كلامهم أن نجاسة الماء النجس عينية ، وذكر شيخنا في شرح العمدة لا ، لأنه يطهر غيره فنفسه أولى ، وأنه كثوب نجس ، انتهى .

ما قاله الشيخ تقي الدين هو الصواب ، وفي قول المصنف إنها عينية نظر ، لأن الأصحاب قالوا النجاسة العينية لا يمكن تطهيرها ، وهذا يمكن تطهيره ، فظاهر كلامهم أنها حكمية ، وهو الصواب ، وهو ظاهر ما نقله المصنف عن بعض الأصحاب في كتب الخلاف .

( الثاني ) ظاهر كلام المصنف أنه أطلق الخلاف في جواز استعمال الماء النجس ، وقد قال في الرعاية الكبرى : لا يجوز استعماله بحال : إلا لضرورة ، وكذا قال ابن تميم ، وزاد جواز سقيه للبهائم ، قياسا على قوله في الطعام النجس وهو الصواب .

( الثالث ) قوله في تطهير ما لا يشق نزحه ، وقيل وبقلتين ، قال شيخنا في حواشيه : الذي يظهر أن هذا القول سهو ، إذ لا وجه له ، والمسألة في بول الآدمي ، ولا يدفع المجموع النجاسة عن نفسه ، فمن أين يحصل التطهير ؟ ؟ انتهى .

[ ص: 88 - 89 ] مسألة 19 ) وفي غسل جوانب بئر نزحت وأرضها روايتان ، انتهى . وأطلقهما في الفصول والمستوعب ومختصر ابن تميم وشرح ابن عبيدان والفائق وغيرهم ( إحداهما ) لا يجب غسل ذلك وهو الصحيح ، قال المجد في شرحه : هذا الصحيح ، دفعا للحرج والمشقة ، وصححه في مجمع البحرين ( والرواية الثانية ) يجب غسله ، ويأتي كلام ابن رزين وقال في الرعايتين والحاويين : يجب غسل البئر الضيقة وجوانبها وحيطانها ، وعنه والواسعة أيضا ، انتهى ، قال القاضي في الجامع الكبير : الروايتان في الواسعة ، والضيقة يجب غسلها رواية واحدة ، قال ابن رزين في شرحه : وإن تنجست جوانب بئر وجب غسلها ، كرأس البئر ، وعنه لا يجب ، لما فيه من المشقة . انتهى .

( مسألة 20 - 24 ) قوله : فإن شك في كثرة الماء أو نجاسة عظم ، أو روثة ، أو جفاف نجاسة على ذباب وغيره ، أو ولوغ كلب أدخل رأسه في إناء ثم بفيه رطوبة فوجهان ، انتهى ، ذكر المصنف في هذه الجملة مسائل :

[ ص: 90 ] المسألة الأولى 20 ) : إذا شك في كثرة الماء ، يعني : إذا وقعت فيه نجاسة وشك هل هو قلتان أو دونهما ، ففي نجاسته وجهان ، وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والرعايتين ، والحاويين ، وابن تميم ، وغيرهم ( أحدهما ) هو نجس ، وهو الصحيح ، اختاره المجد في شرحه ، فقال : هذا الصحيح ، لأنه قد تعارض الأصلان ، فيتعين الأحوط نقله ابن عبيدان ، قال في القواعد الفقهية : هذا المرجح عند صاحب المغني والمحرر ، انتهى ، قال في مجمع البحرين هو نجس في أصح الوجهين ، وهو ظاهر ما جزم به الشارح في موضع آخر ( والوجه الثاني ) هو طاهر ، قال في القواعد . وهو أظهر .

( المسألة الثانية 21 ) لو شك في نجاسة عظم وقع في ماء ، فهل يحكم بنجاسة الماء أم لا ؟ أطلق فيه الخلاف ( أحدهما ) لا يحكم بنجاسته ، بل هو طاهر ( قلت ) وهو الصواب ، لأن الأصل طهارة الماء ، فلا تزول بالشك في تنجيسه ، وأيضا قد يقال : إنه كالروثة المشكوك في طهارتها ونجاستها الآتية ، وهو ظاهر كلام المصنف ، ومال إليه صاحب تصحيح المحرر ، قال ابن تميم : لم يحكم بنجاسة الماء في أحد الوجهين ( والوجه الثاني ) هو نجس ، وأطلقهما في الرعاية الكبرى .

( المسألة الثالثة 22 ) لو شك في روثة وقعت في ماء : هل هي طاهرة أو نجسة ؟ فأطلق فيها الخلاف ( أحدهما ) هو طاهر ، وهو الصحيح ، اختاره الشيخ تقي الدين ، قال في القاعدة الثامنة والخمسين بعد المائة : هذا المرجح عند الأكثر ، وجزم به في المغني والشرح ، وصححه المجد في شرحه ، وصاحب مجمع البحرين ، وابن عبيدان ، وقد نقل حرب وغيره فيمن وطئ روثة فرخص فيه إذا لم يعرف ما هي ( والوجه الثاني ) هو نجس ، قال الشيخ تقي الدين : الوجهان مبنيان على أن الأصل في الأرواث الطهارة إلا ما استثني ، وهو الصواب ، أو النجاسة إلا ما استثني انتهى .

( المسألة الرابعة 23 ) لو شك في جفاف نجاسة على ذباب وغيره وعدمه ، فأطلق [ ص: 91 ] فيه الخلاف ، وأطلقه في القاعدة الثامنة والخمسين بعد المائة ، ومختصر ابن تميم ، والرعاية الكبرى ( أحدهما ) الحكم بعدم الجفاف ( قلت ) وهو الصواب ، لأنه الأصل ، والفرض مع الشك ( والوجه الثاني ) الحكم بأنها جفت .

( المسألة الخامسة 24 ) إذا شك في ولوغ كلب أدخل رأسه في إناء ثم وجد بفيه رطوبة . فأطلق الخلاف في طهارة الماء وعدمها ، وأطلقهما في القاعدة الثامنة والخمسين بعد المائة ، ونقلهما عنالأزجي ( أحدهما ) هو طاهر ، لأن الأصل عدم الولوغ ( والوجه الثاني ) هو نجس ( قلت ) وهو الصواب ، لأن القرائن المحتفة بذلك تقتضي ما قلنا ، وتوجب ضعف الأصل ، وهو ظاهر كلام جماعة .

( مسألة 25 ) قوله : " وإن احتمل تغيره من نجس أو غيره عمل به ، وإن احتملهما فوجهان " وهما احتمالان مطلقان في فصول ابن عقيل ، وشرح ابن عبيدان وأطلقهما ابن تميم ، فقال : ومتى وجد ماء متغيرا وشك فيما تغير به فهو طاهر ، وإن كان فيه ما يصلح أن يغيره من نجاسة أو غيرها أضيف التغير إليه ، وإن لم يصلح لم يضف ، وإن احتملهما فوجهان ، انتهى ، وقال في القاعدة التاسعة والخمسين بعد المائة : إذا وقع في ماء يسير ما لا نفس له سائلة ، وشك : هل هو متولد من النجاسة أم لا ؟ كان هناك بئر ، وحش : فإن كان إلى البئر أقرب ، أو هو بينهما بالسوية فهو طاهر وإن كان إلى الحش أقرب فوجهان ( أحدهما ) نجس ، والآخر طاهر ، ما لم يعاين خروجه من الحش ، ونقله صاحب المهم عن شيخه ابن تميم ، انتهى .

( قلت ) الصواب أنه طاهر لأنه الأصل ، وهو ظاهر كلام جماعة ، ثم وجدت شيخنا في حواشي الفروع نقل أن الشيخ تقي الدين قطع في الفتاوى المصرية بعدم نجاسته .

[ ص: 92 ] مسألة 26 - 28 ) قوله : وإن أخبره عدل بنجاسته قيل : إن عين السبب ، وقيل مطلقا وفي المستور والمميز ولزوم السؤال عن السبب وجهان انتهى . ذكر المصنف في هذه الجملة مسائل .

( المسألة الأولى 26 ) لو أخبره مستور الحال بنجاسة ماء ، فهل يقبل كالعدل أم لا ؟ أطلق فيه الخلاف ، وأطلقه ابن تميم ( أحدهما ) يقبل ، وهو الصحيح ، جزم به في المغني والشرح ، وشرح ابن رزين ، وابن عبيدان والحاوي الكبير ، ومجمع البحرين ، وغيرهم ، قال في الرعاية الكبرى : ويكفي خبر مستور الحال في الأصح ، والوجه الثاني لا يقبل ( قلت ) وهو ضعيف .

( المسألة الثانية 27 ) لو أخبره مميز فهل يقبل خبره أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقهما في الرعاية الكبرى ، أحدهما لا يقبل ، وهو الصحيح ، وجزم به في الكافي ، والمغني والشرح ، وشرح ابن رزين ، ومختصر ابن تميم ، وغيرهم ، وقدمه في الفصول ، وشرح ابن عبيدان قال في مجمع البحرين والحاوي الكبير : يقبل ، وهو تخريج في الفصول ، قال ابن عبيدان وغيره : ويتخرج وجه بالقبول بناء على قبول شهادته في الجراح ، انتهى .

( قلت ) القول بالقبول مطلقا قوي ، لأنه خبر لا شهادة ، وقد قبل الشيخ الموفق وغيره قول مستور الحال في التي قبلها ، مع أنه لا تقبل شهادته ، على الصحيح من المذهب .

( المسألة الثالثة 28 ) هل يلزم السؤال عن السبب أم لا ؟ أطلق الخلاف وأطلقه ابن تميم وابن حمدان ( أحدهما ) لا يلزمه ، وهو الصحيح ، قدمه في الفائق ، واختاره الشيخ تقي الدين ( والوجه الثاني ) يلزمه ، وضعفه الشيخ تقي الدين .

[ ص: 93 ] مسألة 29 ) قوله : " وهل يشترط لتيممه إراقتهما أو خلطهما ؟ فيه روايتان " انتهى ، وأطلقهما في الفصول ، والمستوعب ، والكافي ، والمقنع ، والتلخيص ، والبلغة والمذهب الأحمد ، والمحرر ، وشرح ابن منجى ، وابن عبيدان ، والزركشي ، والفائق وغيرهم ( إحداهما ) لا يشترط ، بل يصح تيممه مع بقائهما ، وهو الصحيح ، قال في المذهب : هذا أقوى الروايتين ، قال الناظم : هذا أولى ، وصححه في التصحيح ، وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته ، وصاحب التسهيل ، وجزم به في العمدة والإفادات والوجيز والنور ، ومنتخب الآدمي وغيرهم ، وقدمه ابن تميم ، وصاحب إدراك الغاية ، واختاره أبو بكر ، وابن عقيل والشيخ والشارح وغيرهم ( والرواية الثانية ) يشترط الإعدام بخلط أو إراقة ، اختاره الخرقي ، قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين : هذا هو الصحيح ، وقدمه في الهداية والخلاصة وشرح ابن رزين والرعايتين والحاويين وغيرهم .

وقال في الرعاية الكبرى : ويحتمل أن يبعد عنهما بحيث لا يمكنه الطلب .

وقال في الصغرى أراقهما ، وعنه أو خلطهما .

وقال في الكبرى : خلطهما ، أو أراقهما ، وعنه تعيين الإراقة . انتهى ، وقطع الزركشي وغيره أن حكم الخلط حكم الإراقة ، وهو كذلك .

( تنبيه )

في كلام المصنف حذف ، وتقديره وهل يشترط لتيممه إراقتهما أو خلطهما أم لا ؟ وهو واضح ، وكذلك من عبارته كذلك .

[ ص: 94 ] مسألة 30 ) قوله وهل يلزم من علم النجس إعلام من أراد أن يستعمله ؟ فيه احتمالات ، والثالث يلزم إن شرطت إزالتها لصلاة ، انتهى ، أحدها يلزم إعلامه ( قلت ) وهو الصواب ، وقدمه في الرعاية الكبرى في هذا الباب .

وفي باب إزالة النجاسة ، وفرضه في إرادة التطهر به ، والاحتمال الثاني لا يلزمه ( قلت ) وهو ضعيف ، والثالث يلزمه إن قيل إن إزالتها شرط في صحة الصلاة ، وهو احتمال لصاحب الرعاية الكبرى ، وفيه ضعف .

( مسألة 31 ) قوله هل يلزم التحري لأكل أو شرب ؟ فيه روايتان ، انتهى ، وأطلقهما في الفائق ، إحداهما يلزم التحري ، وهو الصحيح ، جزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين ، وغيرهم ، وصححه في مجمع البحرين ، وشرح ابن عبيدان ، والرواية الثانية لا يلزم .

( مسألة 32 ) قوله ثم في غسل ، فيه وجهان . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، ومختصر ابن تميم وغيرهم ( أحدهما ) لا يجب ، وهو الصحيح ، صححه المجد في شرحه ، وابن عبد القوي في مجمع البحرين ، وابن عبيدان وغيرهم ، وجزم به في الفائق وغيره ، وقدمه في الحاوي الكبير ، وشرح ابن رزين ( والوجه الثاني ) يجب ، قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير .

[ ص: 95 - 96 ] مسألة 33 ) وإن اشتبهت أخته بأجنبية لم يتحر ، وقيل بلى في عشر ، وفي قبيلة كبيرة له النكاح ، وفي لزوم التحري وجهان ، انتهى ، وأطلقهما في الرعايتين ، ومختصر ابن تميم ، والحاوي الصغير ، والقواعد الأصولية ، وغيرهم ( أحدهما ) لا يلزم التحري ، وهو الصحيح ، جزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين وغيرهم . قال في القاعدة السادسة بعد المائة : لو اشتبهت أخته بنساء أهل مصر جاز له الإقدام على النكاح ، ولا يحتاج إلى تحر على أصح الوجهين ، وقدمه ابن عبيدان ، وهو احتمال للقاضي . قال في الفائق : لو اشتبهت أخته بنساء أهل بلد لم يمنع من نكاحهن ، ويمنع في عشر ، وفي مائة وجهان وقال في الرعايتين : وقيل يتحرى في مائة ، وهو بعيد ، انتهى .

وقال في القاعدة التاسعة بعد المائة : لو اشتبهت أخته بعدد محصور من الأجنبيات منع من التزوج بكل واحدة منهن حتى يعلم أخته من غيرها .

وقال ابن تميم : فإن كن الأجنبيات عشرة لم يكن له أن يتحرى في أصح الوجهين ، انتهى .

( والوجه الثاني ) يلزمه ، قدمه في المستوعب ، والله أعلم .

[ ص: 97 ] مسألة 34 ) قوله ويتوجه مثله الميتة بالمذكاة انتهى . قد علمت الصحيح في المسألة التي قبلها ، وقد قال في القاعدة السادسة بعد المائة : لو اشتبهت أخته بنساء أهل مصر جاز له الإقدام على النكاح ، ولا يحتاج إلى التحري على أصح الوجهين ، وكذا لو اشتبهت ميتة بلحم أهل مصر أو قرية انتهى ، فنقل أنها مثلها ، والله أعلم ، فهذه أربع وثلاثون مسألة في هذا الباب قد يسر الله بتصحيحها .

التالي السابق


الخدمات العلمية