صفحة جزء
وإن استدبرهم في الخطبة صح في الأصح ( و ) وينحرفون إليه فيها ( و ) وفي التنبيه : إذا خرج ، ويتربعون فيها ، ولا تكره الحبوة ، نص عليه ، ( و ) وكرهها صاحب المغني والمحرر ، لنهيه عليه السلام في السنن ، وفيه ضعف ، ويكره أن يسند الإنسان ظهره إلى القبلة ، وكرهه أحمد ، وقد يتوجه احتمال ، لإخباره عليه السلام أنه رأى إبراهيم عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور ، وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي : ما رأيت أحمد جالسا [ إلا ] القرفصاء إلا أن يكون في الصلاة ، وقال ابن الجوزي : هذه الجلسة التي تحكيها قيلة : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا جلسة المتخشع القرفصاء ، وكان أحمد يقصد في جلوسه هذه الجلسة وهي أن يجلس على أليتيه رافعا ركبتيه إلى صدره ، مفضيا بأخمص قدميه إلى الأرض ، وربما احتبى بيديه ، ولا جلسة أخشع منها ، وقال أيضا في آداب القراءة : ينبغي أن لا يتربع ولا يتكئ . وخبر قيلة رواه أبو داود والترمذي ، وليس بالقوي ، وللبخاري عن ابن عمر : أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم محتبيا بيديه ، وهو القرفصاء ، ولمسلم عن جابر بن سمرة [ ص: 122 ] قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسنا قال ابن عقيل في الفنون : من أعظم منافع الإسلام وآكد قواعد الأديان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتناصح . فهذا أشق ما تحمله المكلف ; لأنه مقام الرسل ، حيث يثقل صاحبه على الطباع وتنفر منه نفوس أهل اللذات ، ويمقته أهل الخلاعة ، وهو إحياء للسنن ، وإماتة للبدع ، إلى أن قال : لو سكت المحقون ونطق المبطلون لتعود النشء ما شاهدوا ، وأنكروا ما لم يشاهدوا ، فمتى رام المتدين إحياء سنة أنكرها الناس وظنوها بدعة ، ولقد رأينا ذلك ، فالقائم بها يعد مبتدعا ، كمن بنى مسجدا ساذجا ، أو كتب مصحفا بلا زخرف ، أو صعد منبرا فلم يتسود ، ولم يدق بسيف مراقي المنبر ، ولم يصعد على علم ولا منارة ، ولا نشر علما ، فالويل له من مبتدع عندهم ، أو أخرج ميتا له بغير صراخ ولا تخريق ولا قراء ولا ذكر صحابة على النعش ولا قرابة . .

التالي السابق


الخدمات العلمية