صفحة جزء
ولا بأس بوضع يده عليه ، قالت عائشة : { كان عليه السلام إذا عاد مريضا مسحه بيمينه وقال أذهب الباس رب الناس واشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما } متفق عليه .

ولأحمد وأبي داود وغيرهما عن ابن عباس مرفوع { ما من مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ، إلا عوفي } وفي الفنون : إن سألك وضع يدك على رأسه للتشفي فجدد توبة لعله يتحقق ظنه فيك ، وقبيح تعاطيك ما ليس لك ، وإهمال هذا وأمثاله يعمي القلوب ويحمر العيون ويعود بالرياء ، قال : وحكي أن مسخرة من مساخر الملوك رئي راكبا بزي حسن ، فلقيه أبو بكر الشبلي فخدمه خدمة من ظن أنه من أجلاء الدولة ، فترجل وقال : أيها الشيخ إنما أنا مسخرة الملك ، فقال : أنت خير مني ، أنت تأكل الدنيا بما تساوي ، وأنا آكل الدنيا بالدين فانظر إلى هذا الماجن كيف لم يرض لنفسه أن [ ص: 181 ] يكرم إكراما يخرج عن رتبته حتى كشف عن حاله وصناعته ، فليس الدعاء بسط الكفين بل تقدم التوبة قبل السؤال . سأل مريض بعض الصلحاء مسح يده موضع ألمه ، فوقف ، فعاوده . فقال : اصبر حتى أحقق توبة لعلك تنتفع بإمرارها .

وقال ابن هبيرة في قول أبي جحيفة : وقام الناس فجعلوا يأخذون يده ويمسحون بها وجوههم صلى الله عليه وسلم ، قال : يدل على جواز أن يمسح الإنسان وجهه بيد العالم ومن ترجى بركته من الصالحين ، وكذا قال غيره ، وروى الخلال في أخلاق أحمد عن علي بن عبد الصمد أنه مسح يده على أحمد ثم مسحها على بدنه ، فغضب غضبا شديدا ، وجعل ينفض يده ، وجعل يقول : عمن أخذتم هذا ؟ وأنكره شديدا . ويأتي قبل باب الدفن ، مع أن أحمد كان كثيرا يقبل رأسه ووجهه ويده ولا يمتنع من ذلك ، نقل مهنا : ولا يكرهه .

وقال عبد الله : لم أره يشتهي أن يفعل به ذلك ، وذلك مبسوط في الآداب الشرعية .

وفي مسلم : عن جابر بن سمرة أنه { صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى ، ثم خرج إلى أهله ، وخرجت معه ، فاستقبله ولدان ، فجعل يمسح خدي أحدهما واحدا واحدا ومسح خدي } . قال ابن هبيرة : يدل على أنه من السنة ، تأنيسا ، وليذكره الطفل بذلك ما عاش فيترحم عليه ، وخص الخد لأنه أقرب إلى الطهارة في حق الطفل . وفي خبر ضعيف [ ص: 182 ] { إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في أجله } وفي آخر من رواية ميمون بن مهران عن عمر ولم يدركه مرفوعا { سلوه الدعاء فإن دعاءه كدعاء الملائكة } رواه ابن ماجه وغيره ، ومن العجب قول بعض الشافعية : إن سنده صحيح ، وتقليد بعض الحنفية له ، واستحبه الآجري وغيره وقال أحمد : الأمراض تمحيص الذنوب ، وقال لمريض تماثل : يهنيك الطهور ، وروى جماعة في ترجمة موسى بن عمير وهو كذاب عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله ، مرفوعا { داووا مرضاكم بالصدقة ، وحصنوا أموالكم بالزكاة ، وأعدوا للبلاء الدعاء } وجماعة من أصحابنا وغيرهم يفعلون هذا ، وهو حسن ، ومعناه صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية