البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( فصل في الطلاق قبل الدخول ) .

أخره لأن الطلاق بعد الدخول أصل له لكونه بعد حصول المقصود وقبله بالعوارض ولذا قيل بأنه لا يقع وقدمنا عن جامع الفصولين أنه لو قضى به قاض لا ينفذ قضاؤه ( قوله : طلق غير المدخول بها ثلاثا وقعن ) سواء قال أوقعت عليك ثلاث تطليقات أو أنت طالق ثلاثا ولا خلاف في الأول كما في فتح القدير ، وفي الثاني خلاف قيل يقع واحدة ، والجمهور على خلافه ، وقد صرح به محمد بن الحسن وقال بلغنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن علي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم ولما قدمناه من أن الواقع عند ذكر العدد مصدر موصوف بالعدد أي تطليقا ثلاثا فتصير الصيغة الموضوعة لإنشاء الطلاق متوقعا حكمها عند ذكر العدد عليه ، وفي المحيط : لو قال لنسائه أنت طالق وهذه وهذه ثلاثا طلقت كل واحدة ثلاثا لأن العدد المذكور آخرا يصير ملحقا بالإيقاع أولا كي لا يلغو ولو قال : أنت طالق واحدة وهذه وهذه ثلاثا طلقت الأولى ، والثانية واحدة ، والثالثة ثلاثا لأن الثانية تابعة للسابقة ، والثالثة مفردة بعدد على حدة ولو قال : أنت طالق وأنت طالق وهذه ثلاثا طلقت الأولى واحدة ، والثانية ، والثالثة ثلاثا ثلاثا لأن العدد صار ملحقا بالإيقاع الثاني دون الأول ا هـ .

وفي البزازية من فصل الاستثناء لو قال لغير المدخول بها : أنت طالق يا زانية ثلاثا قال الإمام لا حد عليه ولا لعان لأن الثلاث وقعن عليها وهي زوجته ثم بانت بعده وأنه كلام واحد يتبع أوله آخره ، والمرأة طالق ثلاثا ، وقال الثاني يقع واحدة وعليه الحد لأن القذف فصل بين الطلاق ، والثلاث وتمامه فيها وحاصله : أن يا زانية لا يفصل بين الطلاق ، والعدد ولا بين الجزاء ، والشرط فإذا قال : أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار تعلق بالدخول [ ص: 315 ] ولا حد ولا لعان ولو قال : أنت يا زانية طالق إن دخلت الدار عليه اللعان وتعلق الطلاق .


( فصل في الطلاق قبل الدخول ) .

( قوله : قال الإمام لا حد ولا لعان لأن الثلاث إلخ ) حاصله أنه لا حد هنا لأن القذف وقع عليها وهي زوجته وقذف الزوجة لا يوجب الحد ولا لعان لأن اللعان أثره التفريق بينهما وهو لا يتأتى بعد البينونة لحصوله بالإبانة وهو لا يصح بدون حكمه . ( قوله : تعلق بالدخول ) الضمير فيه يعود إلى كل من قوله : يا زانية وقوله : أنت طالق قال الفارسي في شرح التلخيص في باب الاستثناء يكون على الجميع أو البعض اعلم أن قول الرجل لامرأته يا زانية إن تخلل بين الشرط ، والجزاء بأن [ ص: 315 ] قال : أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار وبين الإيجاب ، والاستثناء بأن قال أنت طالق يا زانية إن شاء الله لم يكن ذلك قذفا في الأصح فلا يجب به حد ولا لعان ، وإن تقدم قوله : يا زانية على الشرط ، والجزاء أو على الإيجاب ، والاستثناء أو تأخر عنهما كان قذفا في الحال لأن قوله يا زانية للاستحضار عرفا لكونه نداء ولإثبات صفة الزنا وضعا فكان ملائما للخطاب من حيث كونه للاستحضار غير ملائم له من حيث إنه إثبات صفة في المنادى فتوفر على الشبهين حظهما فيتعلق إذا كان موسطا وينجز إذا كان طرفا أو متأخرا عملا بالشبهين وعن أبي يوسف أنه لا يكون المتخلل فاصلا لأنه كلام تام لا يقبل التعليق فلم يتعلق الطلاق فكان قذفا فيقع الطلاق للحال ويجب اللعان وعن محمد يتعلق ما يقبل التعليق وهو الطلاق لا القذف ويجب اللعان وجه ظاهر الرواية أن يا زانية ، وإن كان جزاء إلا أن المراد منه هنا النفي دون التحقيق أو لأنه نداء ، والنداء لا يفصل لأنه لإعلام المخاطب بما يراد به فكان من نفس الكلام ولهذا لو قال : أنت طالق يا عمرة إن دخلت الدار تعلق الطلاق وإذا لم يكن فاصلا تعلق الطلاق بالشرط فيتعلق القذف أيضا لأنه من نفي الكلام ولأنه أقرب إلى الشرط وإذا تعلق الأبعد كان الأقرب أولى فإن قيل لم يعلق القذف بالشرط بل ناداها فيكون القذف مرسلا قلنا لم نعلقه نصا بل حكما لكون الكلام واحدا فإذا ذكر الشرط في الأخير انصرف إلى جميع الكلام وإذا تعلق يا زانية لم يكن قذفا في الحال وكذا عند وجود الشرط لأن الدخول لا يجعل غير الزاني زانيا ا هـ . ملخصا .

التالي السابق


الخدمات العلمية