البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله : ولو ماتت بعد الإيقاع قبل العدد لغا ) أي لو ماتت المرأة مدخولة أو غير مدخولة بعد الصيغة قبل تمام العدد لم يقع شيء لما قدمناه أن الواقع عند ذكره به وعند عدمه الوقوع بالصيغة فلا حاجة أن يجعل العدد ثابتا بطريق الاقتضاء عند عدم ذكره وقدمنا الدليل على أن الوقوع بالعدد عند قوله أنت طالق واحدة أو لا وقدمنا أن الوقوع بالمصدر ، والوصف عند ذكرهما أيضا ويدخل في العدد أصله وهو الواحد ولا بد من كون العدد متصلا بالإيقاع ولا يضر الانقطاع لانقطاع النفس فإن قال : أنت طالق وسكت من غير انقطاع النفس ثم قال : ثلاثا فواحدة ولو انقطع النفس أو أخذ إنسان فمه ثم قال : ثلاثا فثلاث أطلق في الكتاب وهو محمول على ما إذا قال : على الفور عند رفع اليد من فمه ، ولو قال لغير المدخولة أنت طالق [ ص: 316 ] يا فاطمة أو يا زينب ثلاثا تقع الثلاث ولو قال : أنت طالق اشهدوا ثلاثا فواحدة ولو قال : فاشهدوا فثلاث كذا في الظهيرية وأشار المصنف إلى أنه لو قال لها أنت طالق إن دخلت الدار فماتت قبل قوله إن دخلت لم تطلق لأن صدر الكلام يتوقف على آخره لوجود ما يغيره وهو ذكر الشرط في آخره فخرج عن أن يكون إيقاعا وإلى أنه لو قال : أنت طالق إن شاء الله فماتت المرأة قبل الاستثناء لم يقع شيء ، والمسألتان في المحيط ، والذخيرة ، وفيها إذا قال لها أنت طالق وأنت طالق فماتت المرأة قبل أن يتكلم بالثاني كانت طالقا واحدة لأن كل كلام عامل في الوقوع إنما يعمل إذا صادفها وهي حية .

ولو قال : أنت طالق وأنت طالق إن دخلت الدار فماتت المرأة عند الأول أو الثاني لا يقع لأن الكلام المعطوف بعضه على بعض إذا اتصل الشرط بآخره يخرج عن أن يكون إيقاعا ، وفيه لو قال لها : أنت طالق ثلاثا يا عمرة فماتت قبل قوله يا عمرة طلقت لأنه ليس بمغير ا هـ .

وقيد بموتها احترازا عن موته لما في الخانية ولو أراد أن يقول أنت طالق ثلاثا فلما قال : أنت طالق مات أو أخذ إنسان فمه يقع واحدة ا هـ .

وفي المعراج قيد بموتها لأن بموت الزوج قبل ذكر العدد تقع واحدة لأن الزوج وصل لفظ الطلاق بذكر العدد في موتها وذكر العدد حصل بموتها ، وفي موت الزوج ذكر لفظ الطلاق ولم يتصل به ذكر العدد فبقي قوله : أنت طالق وهو عامل لنفسه في وقوع الطلاق ألا ترى أنه لو قال لامرأته : أنت طالق يريد أن يقول ثلاثا فأخذ رجل فمه فلم يقل شيئا بعد ذلك الطلاق يقع واحدة لأن الوقوع بلفظ لا يقصده ا هـ .

وذكره في الذخيرة معزيا إلي الأصل وسيأتي صريحا الفرق بين موته وموتها في التعليق بمشيئة الله تعالى حيث يقع في الأول دون الثاني .


[ ص: 316 ] ( قوله : ولو قال فاشهدوا فثلاث ) أي لو قال أنت طالق فاشهدوا ثلاثا فالواقع ثلاثا لأن قوله فاشهدوا بالفاء لا يعد فاصلا لأن الفاء تعلق ما بعدها بما قبلها فصار الكل كلاما واحدا بخلاف قوله اشهدوا ومثله ما يأتي قبيل باب الكنايات عن تلخيص الجامع .

التالي السابق


الخدمات العلمية