البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله : لا في عكسه ) أي لا يقع فيما إذا أمرها بالواحدة فطلقت ثلاثا بكلمة واحدة عند الإمام وقالا يقع واحدة لأنها أتت بما ملكته وزيادة وحقيقة الفرق للإمام بين المسألتين أنها ملكت الواحدة وهي شيء بقيد الوحدة بخلاف الواحدة التي في ضمن الثلاث فإنها بقيد ضد وقيد الأمر بتطليق الواحدة لأنه لو قال أمرك بيدك ينوي واحدة فطلقت نفسها ثلاثا قال في المبسوط وقعت واحدة اتفاقا لأنه لم يتعرض للعدد لفظا ، واللفظ صالح للعموم ، والخصوص ، وفي الخانية جرى بينه وبين امرأته كلام فقالت اللهم نجني منك فقال الزوج : تريدين النجاة مني فأمرك بيدك ونوى به الطلاق ولم ينو العدد فقالت طلقت نفسي ثلاثا فقال الزوج نجوت لا يقع عليها شيء في قول أبي حنيفة لأنه إذا لم ينو الثلاث كان كأنه قال لها طلقي نفسك ولم ينو العدد فقالت طلقت نفسي ثلاثا لا يقع شيء في قول أبي حنيفة ويقع واحدة في قول صاحبيه .

ولا يقال قول الزوج بعد قولها طلقت نفسي ثلاثا نجوت لم لا يكون إجازة لأنا نقول قول الزوج نجوت يحتمل الاستهزاء فلا يجعل إجازة بالشك ا هـ .

وعلى هذا لا يحتاج في تصوير المسألة الخلافية أن يقول لها طلقي نفسك واحدة بل طلقي نفسك من غير تعرض [ ص: 362 ] للعدد على الخلاف أيضا ، وفي كافي الحاكم من كتاب الوكالة لو وكله أن يطلق امرأته فطلقها الوكيل ثلاثا إن نوى الزوج الثلاث وقع الثلاث ، وإن لم ينو الثلاث لم يقع شيء في قول أبي حنيفة وقالا يقع واحدة ا هـ . ثم اعلم أن ما نقلناه عن الخانية مشكل على ما في المبسوط في مسألة الأمر باليد فإنه نقل أنه لو قال لها : أمرك بيدك ينوي واحدة فطلقت ثلاثا وقعت واحدة عند أبي حنيفة وذكره في المعراج ، والعناية فإذا قال : أمرك بيدك ولم ينو شيئا من العدد فطلقت ثلاثا كيف لا تقع الواحدة عنده بل الوقوع بالأولى فما في الخانية مشكل والله سبحانه أعلم ، وقيدنا بكونه بكلمة واحدة لأنها لو قالت واحدة وواحدة وواحدة وقعت واحدة اتفاقا لامتثالها بالأول ويلغو ما بعده وأورد على مسألة الكتاب أن الرجل إذا كانت له أربع نسوة فقال لواحدة منهن طلقي واحدة من نسائي فطلقتهن جميعا يقع الطلاق على واحدة منهن وكان ينبغي أن لا يقع على قول الإمام اعتبارا بمسألة الكتاب وأجاب عنه في الظهيرية أيضا بالفرق بينهما وهو أن الثلاث اسم لعدد خاص لا يقع على ما دونه ولا على ما عداه وليس فيه معنى العموم ، والواحد خاص وإرادة الخصوص من الخصوص ممتنعة واسم النساء عام لأنه لا يقع على مقدار بعينه ، والعام ما ينتظم جميعا من المسميات من غير تقدير ولا تحديد وإرادة الخصوص من العموم سائغة ألا ترى أنه لو حلف أن لا يتزوج النساء فتزوج امرأة واحدة يحنث ، والمسألة في وكالة المبسوط ا هـ .

وفي المحيط لو وكل أجنبيا أن يطلق زوجته واحدة فطلقها ثلاثا إن نوى الزوج وقع ، وإن لم ينو لا يقع عنده خلافا لهما ا هـ .

ولعله إن أجاز الزوج وقع وإلا فلا لأنه فضولي بتطليق الثلاث فتوقف على الإجازة وقياسه أن يتوقف في المرأة أيضا ، وقد صرح به في فتح القدير وأما النية فلا محل لها لأن نية الثلاث بلفظ الواحدة غير صحيحة لأنها لا تحتمله ، وفي الخانية : لو قال طلقها ثلاثا للسنة فقال الوكيل في طهر لم يجامعها فيه أنت طالق ثلاثا للسنة يقع واحدة للحال ويبطل الباقي بلا خلاف على الصحيح لوجود الموافقة في اللفظ وقدمناه في أمر الأجنبي بطلاقها قريبا فارجع إليه وقياسه في أمر المرأة أن يكون كذلك ، وقد صرح به في تلخيص الجامع للصدر فقال أنت طالق ثلاثا للسنة بألف وهي محل يقع واحدة بثلثها وكذا في الطهر الثاني إن تزوجها قبله ، وإن تجدد ملكه لرضاه وإلا وقعت بغير شيء بشرط العدة وكذا الثالث قال طلقي نفسك ثلاثا للسنة بألف فطلقت ثلاثا للسنة بها فعلى ما مر لا يقع في الباقي إلا بإيقاع جديد لأنها لا تملك إضافته بخلاف جناية وقيل عنده لا يقع أصله طلقي واحدة فطلقت ثلاثا ، والفرق واضح . ا هـ .


[ ص: 362 ] ( قوله : ولعله إن أجاز الزوج يقع وإلا فلا ) قال الرملي : كيف يصح ذلك مع سوق الخلاف بين الإمام وصاحبيه ومسألة الفضولي مجمع عليها هذا لا يصح بل لفظة واحدة وقعت سهوا من الكاتب ، والمسألة مذكورة في غالب الكتب وهي المتقدمة قريبا عن كافي الحاكم تأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية