البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
وشرط صحة التعليق كون الشرط معدوما على خطر الوجود فخرج ما كان محققا كقوله أنت طالق إن [ ص: 3 ] كان السماء فوقنا فهو تنجيز ، وخرج ما كان مستحيلا كقوله إن دخل الجمل في سم الخياط فأنت طالق فلا يقع أصلا لأن غرضه منه تحقيق النفي حيث علقه بأمر محال ، وهذا يرجع إلى قولهما إمكان البر شرط انعقاد اليمين خلافا لأبي يوسف ، وعلى هذا ظهر ما في الخانية لو قال لها إن لم تردي علي الدينار الذي أخذتيه من كيسي فأنت طالق فإذا الدينار في كيسه لا تطلق امرأة ، ولو قال إن حضت ، وهي حائض ، أو مرضت ، وهي مريضة فعلى حيضة مستقبلة ، ولو قال للصحيحة إن صححت فأنت طالق طلقت الساعة ، وكذا لو قال إن أبصرت أو سمعت ، وهي بصيرة أو سميعة لأن الصحة والسمع أمر يمتد فكان لبقائه حكم الابتداء بخلاف الحيض والمرض فإنهما مما لا يمتد ، ولو قال لعبده إن ملكتك فأنت حر عتق حين سكت ، وتمامه في المحيط من باب الشرط الذي يحتمل الحال والاستقبال ، وبهذا علم أن قولهم إن ما كان محققا تنجيز ليس على إطلاقه بل فيما لبقائه حكم ابتدائه ومن شرائطه وجود رابط حيث كان الجزاء مؤخرا ، وسيأتي بيانه ، ومن شرائطه أن لا يفصل بين الشرط والجزاء فاصل أجنبي فإن كان ملائما ، وذكر لإعلام المخاطبة أو لتأكيد ما خاطبها بمعنى قائم في المنادي فإنه لا يضر كقوله لامرأته أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار تعلق الطلاق بالدخول ، ولا حد ، ولا لعان لأنه لتأكيد ما خاطبها به كقوله يا زينب بخلاف ما إذا قال يا زانية أنت طالق إن دخلت فإنه قاذف ، وتمامه في المحيط من باب ما يتخلل بين الشرط والجزاء ، وفي الخانية لو قال إن دخلت الدار يا عمرة فأنت طالق ، ويا زينب فدخلت عمرة الدار طلقت ، ويسأل عن نيته في زينب ، وإن قال نويت طلاقها أيضا طلقت أيضا ، ولو قال ذلك بغير واو فقال نويت طلاقها مع عمرة طلقتا جميعا ، ولو قدم الطلاق فقال يا عمرة أنت طالق إن دخلت الدار ، ويا زينب فدخلت عمرة الدار طلقتا جميعا .

ولو قال لم أنو طلاق زينب لا يقبل قوله وتمامه فيها ، وفي تلخيص الجامع من باب الاستثناء يكون على الجميع والبعض يا زانية إن تخلل الشرط والجزاء أو الإيجاب ، والاستثناء لم يكن قذفا في الأصح ، وإن تقدم أو تأخر كان قذفا لأنه للاستحضار عنه عرفا ، ولإثبات الصفة وضعا فلاءم من وجه دون آخر فعلق خللا ونجز طرفا ، عملا بهما كيا طالق ، وقد يعلق الخبر للنفي كالإقرار ا هـ .

ومن شرطه أن لا يكون الظاهر قصد المجازاة فلو سبته بنحو : قرطبان وسفلة ، فقال إن كنت كما قلت فأنت طالق تنجز سواء كان الزوج كما قالت أو لم يكن لأن الزوج في الغالب لا يريد إلا إيذاءها بالطلاق فإن أراد التعليق يدين ، وفتوى أهل بخارى عليه كما في فتح القدير ومن شرطه الاتصال فلو ألحق شرطا بعد سكوته لم يصح ، وفي الظهيرية رجل له فأفأة أو ثقل في لسانه لا يمكنه إتمام الكلام إلا بعد مدة فحلف بالطلاق ، وذكر الشرط والاستثناء بعد تردد وتكلف إن كان معروفا بذلك جاز استثناؤه وتعليقه ا هـ .


( قوله بخلاف الحيض والمرض إلخ ) وجهه كما في الخانية أن الشرع لما علق بجملته أحكاما لا تتعلق بكل جزء منه فقد جعل الكل شيئا واحدا ( قوله وفي تلخيص الجامع من باب الاستثناء إلخ ) قدمنا حاصل شرح هذه المقالة أول فصل الطلاق قبل الدخول ( قوله وفتوى أهل بخارى عليه ) أي على أنه على المجازاة ، وعبارته ونص بعضهم على أن فتوى أهل بخارى على المجازاة دون الشرط انتهت قلت ، وفي الذخيرة نقلا عن بعض الفتاوى أن فتاوى أهل بخارى على أنه على المجازاة دون الشرط ، والمختار والفتوى أنه إن كان في حالة الغضب فهو على المجازاة ، وإلا فهو على الشرط . ا هـ .

ومثله في الفتاوى الخانية عن المحيط ، وفي الولوالجية إن أراد التعليق دون المجازاة لا يقع ما لم يكن سفلة ، وتكلموا في معنى السفلة عن أبي حنيفة رحمه الله أن المسلم لا يكون سفلة إنما السفلة الكافر ، وعن أبي يوسف أنه الذي لا يبالي ما قال : وما قيل له ، وروي عن محمد أنه الذي يلعب بالحمام ، ويقامر ، وقال خلف أنه من إذا دعي إلى طعام يحمل من هناك شيئا ، والفتوى على ما روي عن أبي حنيفة لأنه هو السفلة مطلقا ا هـ

وفي المصباح القرطبان الذي تقوله العامة للذي لا غيرة له فهو مغير عن وجهه قال الأصمعي أصله كلتبان من الكلب ، وهو القيادة ، والتاء والنون زائدتان قال : وهذه اللفظة هي القديمة عن العرب ، وغيرتها العامة الأولى فقالت لطبان ثم جاءت عامة سفلى فغيرت على الأولى ، وقالت قرطبان

التالي السابق


الخدمات العلمية