البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله فإن وجد الشرط في الملك طلقت وانحلت اليمين ) لأنه قد وجد الشرط ، والمحل قابل للجزاء فينزل ، ولم تبق اليمين لأن بقاءها ببقاء الشرط والجزاء ، ولم يبق واحد منهما ، وفي القنية قال لها إن خرجت من الدار إلا بإذني فأنت طالق فوقع فيها غرق أو حرق غالب فخرجت لا يحنث ا هـ .

مع كون الشرط قد وجد ، ولكن الشرط الخروج بغير إذنه لغير الغرق والحرق ، وفيها قبيل النفقة قال لزوجته الأمة إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم أعتقها مولاها فدخلت وقع ثنتان ، وفي جامع الكرخي طلقت ثنتين ، وملك الزوج الرجعة . له امرأة جنب وحائض ونفساء فقال أخبثكن طالق طلقت النفساء ، وفي أفحشكن على الحائض لأنه نص ا هـ .

أطلق الملك فشمل ما إذا وجد في العدة كما قدمناه قبيل باب التفويض ، وليس مراده أن يوجد جميع الشرط في الملك بل الشرط تمامه فيه حتى لو قال لها إذا حضت حيضتين فأنت طالق فحاضت الأولى في غير ملك ، والثانية في ملك طلقت ، وكذلك إن تزوجها قبل أن تطهر من الحيضة الثانية بساعة أو بعد ما انقطع عنها الدم قبل أن تغتسل ، وأيامها دون العشرة فإذا اغتسلت أو مضى عليها وقت صلاة طلقت لأن الشرط قد تم ، وهي في نكاحه .

وكذا لو قال إن أكلت هذا الرغيف فأنت طالق فأكلت عامة الرغيف في غير ملكه ثم تزوجها فأكلت ما بقي منه طلقت لأن الشرط تم في ملكه ، والحنث به يحصل كذا في المبسوط ، وسيصرح بأن الملك يشترط لآخر الشرطين ، وكلامنا هنا في الشرط الواحد ، وفي البزازية أنت طالق إن فعلت كذا ، وكذا لا تطلق ما لم يوجد الكل ، وإن كرر حرف الشرط إن أكلت أو شربت إن قدم الجزاء فأي شيء وجد منها يقع الطلاق ، وترتفع اليمين ، وإن أخر الطلاق لا يقع ما لم توجد الأمور على قول محمد ، وعلى قول أبي يوسف إذا وجد واحد يقع الطلاق ، ويرتفع اليمين . ا هـ .

ومما يناسب قوله فإن وجد الشرط طلقت ما في المحيط من باب الأيمان التي يكذب بعضها بعضا إذا حلف المدعى عليه بالطلاق فقال امرأته طالق إن كان لك علي ألف ، وبرهن المدعي ، وقضى به حنث [ ص: 24 ] الحالف عند أبي يوسف ، وهي رواية عن محمد ، وعنه أنه لا يحنث ، ولو برهن على إقرار المدعي بألف ذكر في واقعات الناطفي أنه لا يحنث ، ولو حلف رجلان في أيديهما دار حلف كل أن الدار داره ، وبرهنا كانت بينهما ويحنثان ، وإن كانت في يد أحدهما حنث صاحب اليد لتقديم بينة الخارج عليه . حلف بالله أنه لم يدخل هذه الدار اليوم ثم قال عبده حر إن لم يكن دخلها اليوم لا كفارة ، ولا يعتق عبده لأنه إن كان صادقا في اليمين بالله تعالى لم يحنث ، ولا كفارة ، وإن كان كاذبا فهو يمين الغموس فلا توجب الكفارة ، واليمين بالله تعالى لا مدخل لها في القضاء فلم يصر فيها مكذبا شرعا فلم يتحقق شرط الحنث في اليمين بالعتق ، وهو عدم الدخول حتى لو كانت اليمين الأولى بعتق أو طلاق حنث في اليمينين لأن لها مدخلا في القضاء .

ولو ادعى على رجل دينا فحلف المدعى عليه بالطلاق ما له عليه شيء فأقام المدعي البينة ، وقضي به له ينظر إن قال كان له علي دين ، وأوفيته لم تطلق امرأته ، وإن قال لم يكن له علي شيء قط طلقت امرأته ، وتمامه فيه ثم اعلم أن ههنا مسائل في الأيمان تحمل على المعنى دون ظاهر اللفظ منها لو قال سكران لآخر إن لم أكن عبدا لك فامرأته طالق ثلاثا لا يحنث إن كان متواضعا له ، ومنها إن وضعت يدك على المغزل فكذا فوضعت يدها عليه ، ولم تغزل لا يحنث ، ومنها إن دفعت لأخيك شيئا ، ودفع إليها أرزا لتدفع لا يحنث ، ومنها خرج من داره ، وحلف لا يرجع ثم رجع لشيء نسيه في داره لا يحنث كذا في القنية ، وفيها لو قال لامرأتين له أطولكما حياة طالق لا تطلق في الحال فلو كانت إحداهما بنت ستين سنة ، والأخرى بنت عشرين سنة فماتت العجوز قبل الشابة طلقت الشابة في الحال ، ولا يستند خلافا لزفر قال رحمه الله ، ولو ماتتا معا لا تطلق واحدة منهما . إن لم تخرج الفساق من النار فأنت طالق ثلاثا لا تطلق لتعارض الأدلة . ا هـ .

وفيها دعا امرأته إلى الوقاع فأبت فقال متى يكون قالت غدا فقال إن لم تفعلي لي هذا المراد غدا فأنت طالق ثم نسياه حتى مضى الغد لا يحنث ا هـ .

وهذا يستثنى من قولهم إذا فعل المحلوف عليه ناسيا يحنث ، والجواب إن الحنث شرطه أن يطلب منها غدا وتمتنع ، ولم يطلب فلا استثناء .


[ ص: 24 ] ( قوله طلقت الشابة في الحال ) حاصله أنه ما دامتا حيتين لا يقع شيء ، وإن ماتت واحدة منهما تكون الباقية أطولهما حياة ، ولا ينظر إلى السن كما في التتارخانية عن اليتيمة قال وأنشد لنا شعرا

وإن حياة المرء بعد عدوه ، ولو ساعة من عمره لكثير



التالي السابق


الخدمات العلمية