( قوله وإن مات أو قتل على ردته ورث كسب إسلامه وارثه المسلم بعد قضاء دين إسلامه وكسب ردته فيء بعد قضاء دين ردته ) بيان لميراث المرتد بعد موته حقيقة وحاصله أن ما كان كسبا له زمن إسلامه فهو ميراث لورثته المسلمين اتفاقا ولا يكون فيئا عندنا خلافا للأئمة الثلاثة لأنه مات كافرا والمسلم لا يرث الكافر وهو مال حربي لا أمان له فكان فيئا ولنا أن ملكه بعد الردة باق فينتقل بموته إلى ورثته مستندا إلى ما قبيل ردته إذ الردة سبب للموت فيكون توريث المسلم من المسلم والاستناد لازم له على قول الأئمة الثلاثة أيضا لأن أخذ المسلمين له إذا لم يكن له وارث بطريق الوراثة وهو يوجب الحكم باستناده شرعا إلى ما قبيل ردته وإلا كان توريثا للكافر من المسلم ومحمل الحديث الكافر الأصلي الذي لم يسبق له إسلام فساوت قرابته المسلمين في ذلك فترجحت قرابته بجهة القرابة وتمامه في فتح القدير واستدل في البدائع بأن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله عنه لما قتل المستورد العجلي بالردة قسم ماله بين ورثته للمسلمين وكان بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم من غير إنكار فكان إجماعا وأشار بقوله وارثه إلى أن المعتبر وجود الوارث عند الموت أو القتل أو الحكم باللحاق وهو رواية محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام وهو الأصح كما في النهاية وفتح القدير لأن الحادث بعد انعقاد السبب قبل تمامه كالحادث قبل انعقاده بمنزلة الولد الحادث من المبيع قبل القبض وذكر في الهداية فيه ثلاث روايات .
وحاصله كما في النهاية أن على رواية nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن يشترط الوصفان وهما كونه وارثا وقت الردة وكونه باقيا إلى وقت الموت أو القتل حتى لو كان وارثا وقت الردة ثم مات قبل موت المرتد أو حدث وارث بعد الردة فإنهما لا يرثان وعلى رواية nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يشترط الوصف الأول دون الثاني وعلى رواية nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد يشترط الوصف الثاني دون الأول ا هـ .
فعلى الأصح لو كان من بحيث يرثه كافرا أو عبدا يوم ارتد فعتق بعد الردة قبل أن يموت أو يلحق أو أسلم ورثه كذا في فتح القدير وكذا لو ولد له ولد من علوق حادث بعد الردة إذا كان مسلما تبعا لأمه بأن علق من أمة مسلمة له وفي الخانية مسلم ارتد أبوه فمات الابن وله معتق ثم مات الأب وله معتق مسلم فإن ميراث الأب لمعتقه لا لمعتق ابنه لأن الابن إنما يرث من أبيه المرتد عند موت المرتد فإذا مات الابن قبل موت الأب لم يرثه الابن ا هـ .
وهو مفرع على غير رواية nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أما عليها فالمال لمعتق الابن كما لا يخفى وأطلق الوارث فشمل المرأة فترثه امرأته المسلمة إذا مات أو قتل وهي في العدة لأنه يصير فارا إن كان صحيحا وقت الردة كذا في الهداية والتحقيق أن يقال أنه بالردة كأنه مرض مرض الموت باختياره بسبب المرض ثم هو بإصراره على الكفر مختارا في الإصرار الذي هو سبب القتل حتى قتل بمنزلة المطلق في مرض موته ثم يموت قتلا أو حتف أنفه أو بلحاقه فيثبت حكم [ ص: 142 ] الفرار كذا في فتح القدير .
ثم اعلم أن اشتراط قيام العدة لإرثها إنما هو على غير رواية nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أما عليها فترثه وإن كانت منقضية العدة لكونها وارثة وقت الردة وهو مروي أيضا ثم اعلم أن اشتراط قيام العدة يقتضي أنها موطوءة فلا ترث غير المدخولة وهو كذلك وذلك لأن بمجرد الردة تبين غير المدخولة لا إلى عدة فتصير أجنبية ولما لم تكن الردة موتا حقيقيا حتى أن المدخولة إنما تعتد فيها بالحيض لا بالأشهر لم تنتهض سببا للإرث إذا لم يكن عند موت الزوج أو لحاقه أثر من آثار النكاح لأن الإرث وإن استند إلى الردة لكن يتقرر عند الموت وبهذا أيضا لا ترث المنقضية عدتها كذا في فتح القدير وينبغي أن يكون مفرعا أيضا على غير رواية nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أما عليها فلا فرق بين المدخولة وغيرها وقيد الوارث بالإسلام لأن الكافر لا يرث المرتد وفي البدائع ولو ارتد الزوجان معا ثم جاءت بولد ثم قتل الأب على ردته فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الردة يرثه لأنه علم أن العلوق حصل في حالة الإسلام قطعا وإن جاءت به لستة أشهر فصاعدا من وقت الردة لم يرثه لأنه يحتمل أنه علق في حالة الردة فلا يرث مع الشك ولو ارتد الزوج دون المرأة أو كانت له أم ولد مسلمة ورثه مع ورثته المسلمين .
وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لأن الأم مسلمة فكان الولد على حكم الإسلام تبعا لأمه فيرث أباه ا هـ .
وأما ما كان كسبا له زمن ردته ففيه اختلاف فقالا هو كالأول ميراث لأن ملكه باق بعد الردة فينتقل بموته إلى ورثته مستندا إلى ما قبيل ردته وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام أنه فيء يوضع في بيت مال المسلمين كاللقطة لأنه إنما يمكن الاستناد في كسب الإسلام لوجوده قبل الردة ولا يمكن الاستناد في كسب الردة لعدمه قبلها ومن شرط استناد التوريث وجوده قبلها وحاصله أنه لا ملك له فيما اكتسبه زمن ردته حيث مات أو قتل وما ليس بمملوك له لا يورث عنه وهما لما قالا بأن أملاكه لا تزول بردته قالا بأن كسبه زمنها مملوك له فيورث عنه فالخلاف هنا مبني على الخلاف السابق في زوال أملاكه بالردة وفي القاموس الفيء ما كان شمسا فينسخه الظل والغنيمة والخراج والقطعة من الطير والرجوع ا هـ .
فله خمسة معان لغة وأما اصطلاحا فما يوضع في بيت مال المسلمين .
وأما حكم ديونه فأفاد أن ديون إسلامه تقضى من كسب إسلامه وأن دين ردته يقضى من كسب ردته وحاصله أن على قولهما تقضى ديونه من الكسبين لأنهما جميعا ملكه حتى يجري الإرث فيهما وأما على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام ففيه روايتان ففي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف عنه أنه في كسب الردة إلا أن لا يفي به فيقضي الباقي من كسب الإسلام وفي رواية الحسن عنه أنه في كسب الإسلام إلا أن لا يفي به فيقضي الباقي من كسب الردة وهو الصحيح لأن دين الإنسان يقضى من ماله لا من مال غيره وكذا دين الميت يقضى من ماله لا من مال وارثه وماله كسب الإسلام فأما كسب الردة فمال جماعة المسلمين فلا يقضى منه الدين إلا لضرورة فإذا لم يف به كسب الإسلام تحققت الضرورة فيقضى الباقي منه كذا في البدائع وهكذا صحح الولوالجي فقد علمت أن ما في المتن ليس على قول من الأقوال الثلاثة وإنما ذكره في البدائع قولا nindex.php?page=showalam&ids=14111للحسن nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر فقال وقال nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن دين الإسلام في كسب الإسلام ودين الردة في كسب الردة وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر ا هـ .
والحق أنها رواية nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر عن nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام أيضا كما في النهاية وقوله في الهداية أنها رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر عنه لكنها ضعيفة كما علمت وظاهر الولوالجية أنه لو لم يكن له إلا أحد النوعين يقضي الدينان منه اتفاقا وسنوضحه من بعد إن شاء الله تعالى وقدمنا أن الكلام إنما هو في الحر .
وأن المكاتب خارج عن هذه الأحكام فلذا قال في الجوهرة أن ما اكتسبه المكاتب في حال ردته لا يكون فيئا وإنما يكون لمولاه لتعلق حقه به وسنوضحه من بعد إن شاء الله تعالى وقيد بالمرتد لأن المرتدة كسباها لورثتها [ ص: 143 ] لأنه لا حراب منها فلم يوجد سبب الفيء بخلاف المرتد عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ويرثها زوجها المسلم إن ارتدت وهي مريضة لقصدها إبطال حقه وإن كانت صحيحة لا يرثها لأنها لا تقتل فلم يتعلق حقه بما لها بالردة بخلاف المرتد .
[ ص: 140 - 141 ] قوله وإلا كان توريثا للكافر من المسلم ) كذا رأيته في الفتح والعبارة مقلوبة تأمل ( قوله فساوت قرابته المسلمين في ذلك ) كذا في النسخ والظاهر أنه سقط قبل هذا كلام وعبارة فتح القدير ومحمل الحديث الكافر الأصلي الذي لم يسبق له إسلام أو نقول استحقاق المسلمين له بسبب الإسلام والورثة ساووا المسلمين في ذلك وترجحوا بجهة القرابة ( قوله عند الموت أو القتل أو الحكم بلحاقه ) سيأتي قبيل قول المتن وتوقف مبايعته إلخ أن اعتبار كونه وارثا عند الحكم باللحاق قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وأن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا اعتبر وقت اللحاق تأمل وفي شرح السير الكبير في ظاهر الرواية يعتبر من كان وارثا له يوم لحاقه ثم قال وفي رواية أخرى عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يعتبر من كان وارثا له يوم قضاء القاضي بلحاقه والأصح ما ذكر في ظاهر الرواية ( قوله بمنزلة الولد الحادث من المبيع قبل القبض ) قال في الفتح ألا ترى أن الولد الذي يحدث من المبيع بعد البيع قبل القبض يجعل كالموجود عند ابتداء العقد في أنه يصير معقودا عليه ويكون له حصة من الثمن إلا أنها غير مضمونة حتى لو هلك في يد البائع قبل القبض بغير فعل أحد هلك بغير شيء وبقي الثمن كله على البائع ( قوله الوصف الأول ) وهو كونه وارثا وقت الردة وقوله الوصف الثاني [ ص: 142 ] وهو كونه وارثا عند موت المرتد أو قتله أو القضاء بلحاقه وقوله فعلى الأصح وهي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد .