البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله ومنعها من ربها حتى يأخذ النفقة ) أي منع اللقطة لأنه حي بنفقته فصار كأنه استفاد الملك من جهته فأشبه المبيع وأقرب من ذلك راد الآبق فإن له الحبس لاستيفاء الجعل لما ذكرنا ثم لا يسقط دين النفقة بهلاكه عند الملتقط قبل حبسه ويسقط إذا هلك بعد الحبس لأنه يصير بالحبس شبيه الرهن كما في الهداية والكافي وهو المذهب فاندفع به ما ذكره القدوري من [ ص: 169 ] عدم السقوط بالهلاك بعد الحبس وإنما السقوط هو قول زفر وهكذا في الينابيع ولم يذكر المؤلف بيع القاضي لها بعد حضور مالكها للإنفاق إذا امتنع من دفعه للملتقط قال في الحاوي فإن امتنع صاحبها من أداء ما أنفق بأمر القاضي باعها القاضي وأعطى نفقته من ثمنها ورد عليه الباقي ا هـ .

ولا فرق في منعها من ربها للإنفاق بين أن يكون الملتقط أنفق من ماله أو استدان بأمر القاضي ليرجع على صاحبها كما صرح به في الحاوي لكن لم أر أن للملتقط أن يحيل الدائن على صاحبها بدينه بغير رضاه وقد صرحوا في نفقة الزوجة المستدانة بإذن القاضي أن المرأة تتمكن من الحوالة عليه بغير رضاه وقياسه هنا كذلك بجامع إذن القاضي بالاستدانة .


( قوله فاندفع به ما ذكره القدوري إلخ ) أي فإن كلام الهداية والكافي يفيد أن السقوط قول أئمتنا فيندفع به قول القدوري أنه قول زفر وفي الشرنبلالية قوله فإن هلكت بعد حبسه سقطت لأنه في معنى الرهن هكذا ذكره في الهداية وتبعه جماعة ممن صنف وليس بمذهب لأحد من علمائنا الثلاثة وإنما هو قول زفر ولا يساعده الوجه قال القدوري في التقريب قال أصحابنا لو أنفق [ ص: 169 ] على اللقطة بأمر القاضي وحبسها بالنفقة وهلكت لم تسقط النفقة خلافا لزفر لأنها دين غير بدل من العين ولا عن عمل منه فيها ولا يتناولها عقد يوجب الضمان وبهذا القيد الأخير خرج الجواب عن قياس زفر على المرتهن وهو الوجه المذكور هنا وفي الهداية والله تعالى أعلم وقال في الينابيع ولو أنفق الملتقط على اللقطة بأمر الحاكم وحبسها ليأخذ ما أنفق عليها فهلكت لم تسقط النفقة عند علمائنا خلافا لزفر ا هـ .

من خط الشيخ قاسم كذا بخط الشيخ علي المقدسي وكتب بعده أقول : إن خرج الجواب بما ذكر عن قياسه بالرهن لا يخرج الجواب عن قياسه بجعل الآبق وقد ذكره في الهداية ونص أنه إليه أقرب ويمكن أن يكون عن علمائنا فيه روايتان أو اختار قول زفر صاحب الهداية فتأمله انتهى إلى هنا كلام الشرنبلالية . .

التالي السابق


الخدمات العلمية