البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله والطير في الهواء ) أي لا يجوز لأنه غير مملوك قبل الأخذ فيكون باطلا ، وكذا لو باعه بعد ما أرسله من يده لأنه غير مقدور التسليم فيكون فاسدا ، ولو أسلمه بعده لا يعود إلى الجواز عند مشايخ بلخ ، وعلى قول الكرخي يعود ، وكذا عن الطحاوي أطلقه فشمل ما إذا جعل الطير مبيعا أو ثمنا ، وشمل ما إذا كان من عادته أنه يذهب ، ويجيء ، وهو الظاهر ، وفي فتاوى قاضي خان ، وإن باع طيرا له يطير إن كان داجنا يعود إلى بيته ، ويقدر على أخذه بلا تكلف جاز بيعه ، وإلا فلا ، وقول صاحب الهداية ، والحمام إذا علم عودها ، وأمكن تسليمها جاز بيعها لأنها مقدورة التسليم يوافقه ، وصرح به في الذخيرة معزيا إلى المنتقى ، وفي المعراج باع فرسا في حظيرة فقال البائع سلمته إليك ففتح المشتري فذهب الفرس فإن أمكنه أخذه بيده من غير عون كان تسليما ، وإلا فلا لأنه لو مد يده لا يمكنه الأخذ . ا هـ .

وفي القاموس الطير جمع طائر ، وقد يقع على الواحد ، والجمع طيور وأطيار ، والطيران محركة حركة ذي الجناح في الهواء بجناحه ا هـ .

والأكثر فيها التأنيث ، وقد تذكر كذا في المصباح ، والهواء ممدودا المسخر بين السماء والأرض ، والجمع أهوية ، والهواء أيضا الشيء الخالي ، والهوى مقصورا ميل النفس وانحرافها نحو الشيء ثم استعمل في ميل مذموم يقال اتبع هواه ، وهو من أهل الأهواء كذا في المصباح .


( قوله وهو الظاهر ) أي ظاهر الرواية كما في الشرنبلالية ، وعزاه إلى البرهان ( قوله إن كان داجنا ) قال الرملي الداجن المربى في البيت ( قوله جاز بيعها ) قال في الفتح لأن المعلوم عادة كالواقع ، وتجويز كونها لا تعود أو عروض عدم عودها لا يمنع جواز البيع كتجويز هلاك المبيع قبل القبض ثم إذا عرض الهلاك انفسخ كذا هنا إذا فرض وقوع عدم المعتاد من عودها قبل القبض انفسخ ا هـ .

قال في النهر ، وأقول : فيه نظر لأن من شرط صحة البيع القدرة على التسليم عقبه ، ولذا لم يجز بيع الآبق . ا هـ .

وتعقبه بعض الفضلاء بأن ما ادعاه من اشتراط القدرة على التسليم عقبه إن أراد به القدرة حقيقة فهو ممنوع ، وإلا لا يشترط حضور المبيع مجلس العقد ، ولا يقول به أحد ، وإن أراد به القدرة حكما كما ذكره بعد هذا فما نحن فيه كذلك لحكم العادة بعوده . ا هـ .

قلت : ، وهو وجيه في نظر العبد المرسل في حاجة المولى فإنه يجوز ، وعللوه بأنه مقدور التسليم وقت العقد حكما إذ الظاهر عوده ، ولو أبق بعد البيع قبل القبض خير المشتري في فسخ العقد كما سيأتي .

التالي السابق


الخدمات العلمية