البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
قوله ( والرجعة ) بأن قال لمطلقته الرجعية راجعتك على أن تقرضيني كذا أو إن قدم زيد ; لأنها استدامة الملك فتكون معتبرة بابتدائه فكما لا يجوز تعليق ابتدائه لا يجوز تعليقها ، كذا ذكره العيني وهو سهو ظاهر وخطأ صريح فسيأتي في الكتاب قريبا إن شاء الله تعالى أن النكاح لا يبطل [ ص: 197 ] بالشرط الفاسد وإن كان لا يصح تعليقه والمذكور في الظهيرية والجوهرة والبدائع والتتارخانية من الرجعة أنه لا يصح تعليقها بالشرط ولا إضافتها ولم يذكروا أنها تبطل بالشرط الفاسد وكيف يصح أن يقال به وأصل النكاح لا يبطل بالشرط الفاسد مع أن المصنف لم ينفرد بذكر الرجعة فيما يبطل بالشرط ولا يصح تعليقه بل ذكره كذلك في الخلاصة والبزازية من البيوع والعمادي في فصوله وجامع الفصولين وفتح القدير من البيوع ، ولم أر أحدا نبه على هذا ، وقد توقفت في تخطئة هؤلاء ، ثم جزمت بها وكان يجب أن تذكر الرجعة مع النكاح في القسم الثاني ومما يدل على بطلان قول المصنف ومن وافقه ما في البدائع من كتاب الرجعة أنها تصح من الإكراه والهزل واللعب والخطأ كالنكاح . ا هـ .

فلو كانت تبطل بالشرط الفاسد لم تصح مع الهزل ; لأن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة وما لا يصح مع الهزل تبطله الشروط الفاسدة هكذا ذكره الأصوليون في بحث الهزل من قسم العوارض وفي الكافي للحاكم الشهيد وتعليق الرجعة بالشرط باطل ولم يذكر أنها تبطل بالشروط الفاسدة .


( قوله بأن قال لمطلقته إلخ ) هذا مثال للشرط الفاسد بدون تعليق وقوله أو إن قدم زيد مثال للتعليق بالشرط الفاسد . ( قوله : وهو سهو ظاهر وخطأ صريح إلخ ) قال في النهر أما كون ما قاله العيني سهوا وخطأ فممنوع إذ ما ذكره من التوجيه مأخوذ مما في الشرح وهو توجيه صحيح لعدم صحة تعليقها كما أن النكاح كذلك ، وأما بطلانها بالشرط فمسكوت عن توجيهه وحيث ذكر الثقات بطلانها بالشرط الفاسد لم يبق الشأن إلا في السبب الداعي للتفرقة بينها وبين النكاح وكأنه لأنها فارقته كما مر في أنه لا يشترط لها شهود ولا يجب بها عوض مالي وله أن يراجع الأمة على الحرة التي تزوجها بعد طلاقها وتبطل بالشرط الفاسد بخلاف النكاح . ا هـ .

واعترضه بعض الفضلاء بأنه لا يلزم من مخالفتها النكاح في أحكام أن تخالفه في هذا الحكم . ا هـ .

وسبقه إليه في الشرنبلالية على أنه ذكر صورة النزاع في المفارقة ولكن يقال أيضا لا يلزم من موافقتها النكاح في أحكام أن توافقه في هذا الحكم أيضا كيف وقد وجدت المخالفة بينهما فيما علمت ولا يلزم من عدم التصريح في بعض الكتب بأنها تبطل بالشرط أن تشارك النكاح فيه مع تصريح الثقات بعدم المشاركة بل لو صرح غيرهم بخلافه لم يكن سبيل إلى تخطئتهم وإن لم يظهر لنا وجه قولهم تأمل وقد رأيت في الحواشي العزمية على الدرر ما نصه قلت : قد صرح الأسروشني بأن في كون الرجعة من جملة ما لا يصح تعليقه بشرط ويبطل بفاسده روايتين . ا هـ .

لكن كتبه تحت قول الدرر والوقف فلتراجع نسخة أخرى فلعله تحريف والجواب الحاسم لمادة الإشكال من أصله أن يقال ما ترجم به الماتن بقوله ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه بالشرط هو قاعدتان الأولى ما يبطل بالشرط الفاسد والثانية ما لا يصح تعليقه بأداة الشرط لا قاعدة واحدة كما أشرنا إليه فيما مر وأشرنا إلى أن ما ذكره الماتن من الفروع إما داخل تحت القاعدتين أو تحت إحداهما والرجعة قد صرحوا بأنها لا يصح تعليقها بالشرط فتكون داخلة تحت القاعدة الثانية ، وأما كونها تبطل بالشرط الفاسد فيحتاج إلى تصريح أحد بذلك حتى تدخل [ ص: 197 ] تحت القاعدة الأولى أيضا وحيث لم يوجد لا تدخل وحينئذ فلا خطأ في كلام الماتن ولا غيره إلا العيني على أنه لا يمكن أن تكون الرجعة مما يفسد بالشرط الفاسد لأنها ليست مبادلة مال بمال كما يعلم مما ذكره المؤلف أول البحث من الأصلين .

( قوله : وفي الكافي للحاكم الشهيد إلخ ) قال في نور العين وفي الخلاصة تعليق الرجعة بالشرط باطل وكذا إضافتها إلى مستقبل كالنكاح كما إذا قال إذا جاء غد فقد راجعتك وإنما يحتمل التعليق بالشرط ما يجوز أن يحلف ولا يحلف بالرجعة يقول الحقير في إطلاق كلامه نظر لأن عدم التحليف في الرجعة إنما هو قول أبي حنيفة وأما عند أبي يوسف ومحمد فيحلف وبه يفتى كما مر تفصيله في فصل التحليف فعلى هذا ينبغي أن يصح تعليق الرجعة بالشرط على قولهما كما لا يخفى ا هـ . كلام نور العين وفيه نظر لأن الكلام فيما يحلف به كالحج فيقال إن فعلت كذا فعلي حج والرجعة ليست كذلك ، وأما الذي فيه الخلاف فكونها مما يحلف عليها عند الإنكار كالخلاف في النكاح ونحوه فتدبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية