البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله ولبقية الحدود والقصاص رجلان ) أي وشرط لها شهادة رجلين لقوله تعالى { واستشهدوا } الآية فلا تقبل شهادة النساء فيها لحديث الزهري { مضت السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص } ولأن فيها شبهة البدلية لقيامها مقام شهادة الرجال فلا تقبل فيما تندرئ بالشبهات كذا في الهداية وإنما لم يكن فيها حقيقة البدلية ; لأنها إنما تكون فيما امتنع العمل بالبدل مع إمكان الأصل وليست كذلك فإنها جائزة مع إمكان العمل بشهادة الرجلين كذا في العناية وغيرها وفي خزانة الأكمل لو قضى بشهادة رجل وامرأتين في الحدود والقصاص وهو يراه أو لا يراه ثم رفع إلى آخر أمضاه ا هـ .

[ ص: 61 ] ومعنى الآية على ما ذكره الشارح إن لم يشهدا حال كونهما رجلين فليشهد رجل وامرأتان ولولا هذا التأويل لما اعتبر شهادتهن مع وجود الرجال وشهادتهن معتبرة معهم عند الاختلاط بالرجال حتى إذا شهد رجال ونسوة بشيء يضاف الحكم إلى الكل حتى يجب الضمان على الكل عند الرجوع ا هـ .

وذكر البقاعي في المناسبات معزيا إلى الحراني وفي عموم معنى الكون إشعار بتطرق شهادة المرأتين مع إمكان طلب الرجل بوجه ما من حيث لم يقل فإن لم تجدوا ا هـ .

وفي الولوالجية رجل قال إن شربت الخمر فمملوكي حر فشهد رجل وامرأتان أنه شرب الخمر عتق العبد ولا يحد ; لأن هذه شهادة لا مجال لها في الحدود ولو قال إن سرقت من فلان شيئا فعلى قياس ما ذكرنا ينبغي أن يضمن المال ويعتق العبد ولا يقطع ا هـ .

وعزا المسألتين في الخانية إلى أبي يوسف ثم قال والفتوى فيهما على قول أبي يوسف وفي خزانة الأكمل في مسألة السرقة أضمنه ولا أعتقه عن محمد وفي خزانة الأكمل شهدا أنه أعتق عبده ثم شهد أربعة بأنه زنى وهو محصن فأعتقه القاضي ثم رجمه ثم رجع الكل ضمن شاهدا الإعتاق قيمته لمولاه وشهود الزنا ديته لمولاه أيضا إن لم يكن له وارث غيره .


( قول المصنف ولبقية الحدود والقصاص رجلان ) قال الرملي أطلقه فشمل القصاص في النفس والعضو وفي الخانية ولو شهد رجل وامرأتان بقتل الخطأ أو بقتل لا يوجب القصاص تقبل شهادتهم وكذا الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي ; لأن موجب هذه الجناية المال فقبل فيه شهادة الرجال مع النساء . ا هـ .

أقول : علم به قبول شهادة رجل وامرأتين في طرف الرجل والمرأة والحر والعبد وكل ما لا قصاص فيه وكان موجبه المال ويعلم به كثير من الوقائع الحالية .

التالي السابق


الخدمات العلمية