البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله فلو اشتراه بغير النقود أو بخلاف ما سمي له من الثمن وقع للوكيل ) لأنه خالف أمره فنفذ عليه أطلقه فشمل المخالفة في الجنس وفي القدر كما في البزازية وقيده في الهداية والمجمع بخلاف الجنس فظاهره أنه إذا سمى له ثمنا فزاد عليه أو نقص عنه فإنه لا يكون مخالفا وظاهر ما في الكافي للحاكم أنه يكون مخالفا فيما زاد لا فيما إذا نقص فإنه قال : وإن قال : اشتر لي ثوبا هرويا ولم يسم الثمن فهو جائز على الآمر وإن سمى ثمنا فزاد عليه شيئا لم يلزم الآمر وكذلك إن نقص من ذلك الثمن إلا أن يكون وصفه له بصفة وسمى له ثمنا فاشترى بتلك الصفة بأقل من ذلك الثمن فيجوز على الآمر ا هـ .

وإذا كان معينا فهو كالموصوف فشمل ما إذا كان خلاف الجنس عرضا أو نقدا خلافا لزفر في الثاني وما إذا كان ما اشترى به مثل قيمة ما أمر به أو أقل كما في البزازية وفي كافي الحاكم ولو أمره أن يشتري له عبدا بألف درهم فاشتراه بألف ومائة ثم حط البائع المائة عن المشتري كان العبد للمشتري دون الآمر ا هـ .

وفي الواقعات الحسامية قال الأسير لرجل : اشترني بألف فاشتراه بمائة دينار أو بعرض جاز وله أن يرجع على الأسير بألف والوكيل بالشراء بألف درهم [ ص: 160 ] إذا اشترى بمائة دينار أو بعرض لا يلزم الموكل شيء ا هـ .

وفي خزانة المفتين من الصرف الأسير إذا أمر رجلا أن يفديه بألف ففداه بألفين يرجع بألفين عليه وليس بمنزلة الوكيل بالشراء .


( قول المصنف فلو اشتراه بغير النقود إلخ ) قال الرملي : يجب تقييده بما إذا لم يضف العقد إلى الموكل أما إذا أضافه إليه بأن قال : بعته لموكلك فقال الوكيل : اشتريت له يتوقف على إجازة الموكل بلا شبهة كما علم مما تقدم في الكلام على شراء الفضولي وسيأتي ذكره قريبا في شرح قوله وإن قال : بعني هذا لفلان ا هـ .

قلت : وفيه كلام قدمناه في شرح قوله وبإيفائها واستيفائها فلا تغفل ( قول المصنف أو بخلاف ما سمى له من البدل ) قال الحموي في حاشية الأشباه أي بأن يأمره بالشراء بألف درهم فيشتريه بمائة دينار وقد جعل محمد الدراهم والدنانير جنسين إذ لو جعلها جنسا واحدا لصار الوكيل مشتريا للآمر حينئذ وقد ذكر في شرح الجامع الصغير في باب المساومة أن الدراهم والدنانير جنسان مختلفان قياسا في حق حكم الربا حتى جاز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا وفيما عدا حكم الربا جعلا جنسا واحدا استحسانا حتى يكمل نصاب أحدهما بالآخر والقاضي في قيم المتلفات بالخيار إن شاء قوم بالدراهم وإن شاء قوم بالدنانير والمكره على البيع بالدراهم إذا باع بالدنانير أو على العكس كان بيعه بيع مكره وصاحب الدراهم إذا ظفر بدنانير غريمه كان له أن يأخذها بجنس حقه كما لو ظفر بدراهمه إلا رواية شاذة عن محمد وإذا باع شيئا بالدراهم اشتراه بالدنانير قبل نقد الثمن أو على العكس والثاني أقل من قيمة الأول كان البيع فاسدا استحسانا وتبين بما ذكر أنهما اعتبرا جنسين مختلفين في حكم الربا شهد بالدراهم والآخر بالدنانير أو شهد بالدراهم والمدعى دنانير أو على العكس لا تقبل الشهادة وكذلك في باب الإجارة اعتبرا جنسين مختلفين على أن من استأجر من آخر دارا بدراهم وأجرها من غيره بدنانير أو على العكس وقيمة الثاني أكثر من الأول تطيب له الزيادة فما ذكر في الجامع أنهما جعلا جنسا واحدا فيما عدا حكم الربا على الإطلاق غير صحيح كذا في التتارخانية ا هـ .

قلت : وذكر العمادي في فصوله أن الدراهم أجريت مجرى الدنانير في سبعة مواضع وقد ذكر المؤلف أوائل البيوع عند قوله ولا بد من معرفة قدر ووصف ثمن أنه ليس للحصر ( قوله أطلقه فشمل المخالفة في الجنس وفي القدر ) وعليه الفرع المار آنفا عن القنية تأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية