البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله ولو أقر الوكيل بالخصومة عند القاضي صح وإلا لا ) أي وإن أقر على موكله عند غير القاضي لا يصح عندهما استحسانا وخرج به عن الوكالة وصحح أبو يوسف إقراره مطلقا وأبطله زفر مطلقا وهو القياس لكونه مأمورا بالخصومة وهي منازعة والإقرار ضدها لأنه مسالمة فالأمر بالشيء لا يتناول ضده ولذا لا يملك الصلح والإبراء وجه الاستحسان أن التوكيل صحيح وصحته تتناول ما يملك وذلك مطلق الجواب دون أحدهما عينا فيصرف إليه تحريا للصحة فأبو يوسف يقول : هو قائم مقام الموكل فلا يختص إقراره بمجلس القضاء وهما يقولان : إن التوكيل يتناول جوابا يسمى خصومة حقيقية إن أنكر أو مجازا إن أقروا الإقرار في مجلس القضاء خصومة مجازا لأنه خرج في مقابلة الخصومة أو لأنه سبب له لأن الظاهر إتيانه بالمستحق وهو الجواب في مجلس القضاء فيختص به لكن إذا أقيمت البينة على إقراره في غير مجلس القضاء يخرج من الوكالة حتى لا يؤمر بدفع المال إليه لأنه صار مناقضا وصار كالأب والوصي إذا أقر في مجلس القضاء لا يصح ولا يدفع المال إليهما كذا في الهداية أطلقه وهو مقيد بغير الحد والقود .

[ ص: 182 ] فلا يصح إقرار الوكيل على موكله بهما للشبهة وقيد بالخصومة لأن الوكيل بغيرها لا يصح إقراره مطلقا ومنه الوكيل بالصلح كما في كافي الحاكم كالوكيل بالخصومة لا يملك الصلح والصلح عقد من العقود فالوكيل بعقد لا يباشر عقدا آخر وقيد بالتوكيل بالخصومة من غير استثناء لأنه لو وكله بها إلا الإقرار فعن أبي يوسف لا يصح وصححه محمد وعنه أنه فصل بين الطالب والمطلوب فلم يصححه في الثاني كذا في الهداية وفي النهاية يصح استثناء الإقرار في ظاهر الرواية وفي البزازية ولو وكله بالخصومة غير جائز الإقرار صح ولم يصح الإقرار في الظاهر لو موصولا وفي الأقضية ومفصولا أيضا ولو وكله غير جائز الإنكار يصح عند محمد ولو غير جائز الإقرار والإنكار قيل : لا يصح الاستثناء لعدم بقاء فرد تحته وقيل : يصح لبقاء السكوت ا هـ .

فالحاصل أنها على خمسة أوجه كما في الذخيرة الأول أن يوكله بالخصومة فيصير وكيلا بهما الثاني أن يستثنى الإقرار فيكون وكيلا بالإنكار فقط الثالث عكسه فيصير وكيلا بالإقرار فقط في ظاهر الرواية لأن الموكل ربما يضره الإنكار بأن كان المدعى به أمانة ولو جحدها الوكيل لا يصح دعوى الرد بعده ويصح قبله ففيه فائدة الرابع أن يوكله بالخصومة جائز الإقرار فيكون وكيلا بهما الخامس أن يوكله بها غير جائز الإقرار والإنكار ففيه اختلاف المتأخرين ا هـ .

وفي الخلاصة ولو كان التوكيل بسؤال الخصم واستثنى الإقرار موصولا صح ومفصولا لا يصح ا هـ .

ويصح التوكيل بالإقرار ولا يصير به مقرا كذا في النهاية وفي منية المفتي إذا استثنى إقراره فأقر خرج عن الوكالة .


( قوله وصار كالأب والوصي إذا أقر ) أي على اليتيم أنه استوفى حقه في مجلس القضاء لا يصح إقرارهما ولكن لا يدفع المال إليهما لزعمهما بطلان حق الأخذ وإنما لا يصح إقرارهما لأن ولايتهما نظرية ولا نظر في الإقرار على الصغير وأما التفويض من الموكل حصل مطلقا غير مقيد بشرط النظر فيدخل تحته الإقرار والإنكار جميعا غير أن الإقرار صحته تختص بمجلس القضاء على ما ذكرنا كذا في الكفاية قول المتن فلو برهن لغاية قوله والعتاق لعله لم يقع للشارح في نسخة متنه وهو موجود بما بأيدينا .

[ ص: 182 ] ( قوله ولا يصير به مقرا ) أي لا يصير الوكيل مقرا بقوله وكلتك أن تقر لفلان بكذا علي وكتب الرملي أول كتاب الوكالة عند قول المؤلف وصح التوكيل بالإقراض والاستقراض أقول : والتوكيل بالإقرار صحيح ولا يكون التوكيل به قبل الإقرار إقرارا من الموكل وعن الطواويسي معناه أن يوكل بالخصومة ويقول خاصم فإذا رأيت لحوق مؤنة أو خوف عار علي فأقر بالمدعى يصح إقراره على الموكل كذا في البزازية .

التالي السابق


الخدمات العلمية