البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
قال رحمه الله ( وإن أفلس مبتاع عين فبائعه أسوة الغرماء ) يعني لو اشترى متاعا فأفلس ، والمتاع في يده فالذي باعه المتاع أسوة الغرماء فيه مراده بعد قبض المشتري المتاع بإذن البائع ، وإن كان قبل القبض فللبائع أن يحبس المتاع حتى يقبض الثمن وكذا إذا قبضه بغير إذن البائع كان له أن يسترده ويحبسه بالثمن وقال الإمام الشافعي للبائع فسخ العقد وأخذ متاعه قبل القبض وبعده لما أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام { من أدرك ماله بعينه عند رجل أفلس أو عند إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره } ولأن المشتري قد عجز عن تسليم إحدى بدلي العقد وهو الثمن فيثبت للبائع حق الفسخ كما إذا عجز عن تسليم المبيع ، والجامع بينهما أنه عقد معاوضة فيقتضي المساواة ، وإنما قوله تعالى { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } فاستحق النظر إلى الميسرة بالآية فليس له المطالبة قبلها ولا فسخ [ ص: 96 ] بدون المطالبة بالثمن وهذا ; لأن الدين صار مؤجلا إلى الميسرة بتأجيل الشارع وبالعجز عن الدين المؤجل من المتعاقدين لا يجب له خيار الفسخ قبل مضي الأجل فكيف يثبت ذلك في تأجيل الشارع وهو أقوى من تأجيلهما .

والجواب عن الحديث أنه قال من وجد ماله وهذا مال المشتري لا مال البائع ، وإنما يصلح أن يكون حجة أن لو قال فأصاب رجل عين مال قد كان باعه من الذي وجده في يده ولم يقبض ثمنه فهو أحق به من كل الغرماء وهو نظير ما روي عن سمرة أنه عليه الصلاة والسلام { قال من سرق ماله أو ضاع له متاع فوجده في يد رجل بعينه فهو أحق به ويرجع المشتري على بائعه بالثمن } رواه الطحاوي وقوله عقد معاوضة فيقتضي المساواة قلنا يقتضي التسوية بينهما في الملك وهو لكل واحد منهما ولئن سلمنا أنه يفيد التسوية في القبض فقد بطل ذلك بالتأجيل إلى الميسرة ولو قال ولو تسلم متاعا بإذن بائعه إلى آخره كان أولى ولإفادة شرط التسليم ، والإذن فتأمل والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية