البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
قال رحمه الله ( ولابنه الكافر أو الرقيق في مرضه فأسلم الابن أو أعتق قبل موت الأب ثم مات بطل كالهبة وإقراره ) أي إذا أوصى لابنه الكافر أو لابنه الرقيق في مرضه فأسلم الابن أو عتق قبل موت الأب ثم مات من ذلك المرض بطلت الوصية له كما تبطل الهبة له ، والإقرار له بالدين أما الوصية فلأن المعتبر فيها حالة الموت ، وهو وارث فيها فلا تجوز له ، والهبة حكمها مثل الوصية لما عرف في موضعه ، وأما الإقرار فإن كان الابن كافرا فلا إشكال فيه لأن الإقرار وقع لنفسه ، وهو وارث بسبب كان ثابتا عند الإقرار ، وهو البنوة فيمتنع لما فيه من تهمة إيثار البعض فكان كالوصية فصار كما إذا كان له ابن ، وأقر لأخيه في مرضه ثم مات الابن قبل أبيه ، وورثه أخوه المقر له فإن كان الإقرار له يكون باطلا لما ذكرنا كذا هذا .

بخلاف ما إذا أقر لامرأة في مرضه ثم تزوجها حيث لا يبطل الإقرار لها لأنها صارت وارثة بسبب حادث ، والإقرار يلزمه بنفسه ، وهي أجنبية حال صدوره فيلزم لعدم المانع من ذلك ، ويعتبر من جميع المال بخلاف الوصية لها لأنها إيجاب عند الموت ، وهي وارثة فلهذا اتحد الحكم فيهما في الوصية ، وافترقا في الإقرار حتى كانت الزوجة قائمة عند الإقرار ، وهي غير وارثة فإن كانت نصرانية أو أمة ثم أسلمت قبل موته أو أعتقت لا يصح الإقرار لها لقيام السبب حال صدوره ، وإن كان الابن عبدا فإن كان عليه دين لا يصح إقراره لأن الإقرار وقع له ، وهو وارث عند الموت فتبطل كالوصية ، وإن لم يكن عليه دين صح الإقرار لأنه وقع للمولى إذ العبد لا يملك ، وقيل الهبة له جائزة لأنها تمليك في الحال ، وهو لا يملك فيقع للمولى ، وهو أجنبي فيجوز بخلاف الوصية لأنها إيجاب عند الموت ، وهو وارث عنده فيمتنع ، وفي عامة الروايات هي في المرض كالوصية فيه لأنها ، وإن كانت منجزة صورة فهي كالمضاف إلى ما بعد الموت حكما لأن حكمها يتقرر عند الموت ألا ترى أنها تبطل بالدين المستغرق ولا تجوز بما زاد على الثلث ، والمكاتب كالحر لأن الإقرار والهبة يقع له ، وهو وارث عند الموت فلا يجوز كالوصية كذا ذكر الشارح .

التالي السابق


الخدمات العلمية