البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
قال رحمه الله ( ووقف للابن حظ ابن ) أي إذا ترك الميت امرأته حاملا أو غيرها ممن يرثه ولدها وقف للحمل نصيب ابن واحد وهذا قول أبي يوسف وعنه يوقف نصيب ابنين وهو قول محمد ; لأن ولادة الاثنين معتادة ، وعن أبي حنيفة أنه يوقف نصيب أربع بنين أو أربع بنات أيهما أكثر ; لأنه يتصور ولادة أربعة في بطن واحدة فيترك نصيبها احتياطا والفتوى على الأول ; لأن ولادة الواحد هي الغالب والأكثر منه موهوم والحكم للغالب ويؤخذ من الورثة على قوله كفيل لاحتمال أن يكون أكثر وهذا إذا كان في الورثة ولد ، وأما إذا لم يكن فيهم ولد فلا يختلف الميراث بينهم بكثرة الأولاد وقلتهم وجملة الأمر لا يخلو إما أن يكون الورثة كلهم أولاد الأولاد فإن كانوا كلهم أولادا فيترك ما ذكرنا من القدر على الاختلاف .

وإن لم يكونوا كلهم أولادا فلا يخلو إما أن يكون فيهم أولاد أولاد فإن كان فيهم أولاد أولاد يعطى كل وارث هو غير الولد منهم نصيبه ، ثم يقسم الباقي على الأولاد ويترك نصيب الحمل منه على الاختلاف الذي ذكرنا ، وإن لم يكن في الورثة ذكر والحمل من الميت يعطى كل وارث نصيبه على تقدير أن الحمل ذكر أو أنثى أيهما أقل ، وإن كان على أحد التقديرين يرث دون الآخر فلا يعطى شيئا وكذا إذا كان فيهم من لا يرث على تقدير ولادته حيا وعلى تقدير ولادته ميتا يرث فلا يعطى شيئا للاحتمال ، وإن كان نصيبه على أحد التقديرين أكثر يعطى الأقل للتيقن به ويوقف الباقي قال رحمه الله ( ويرث إن خرج أكثره فمات لا أقله ) أي الحمل يرث إن خرج أكثره وهو حي ، ثم مات ، وإن خرج أقله وهو حي فمات لا يرث ; لأن انفصاله حيا من البطن شرط لإرثه والأكثر يقوم مقام الكل ، ثم إن خرج مستقيما فالمعتبر لصدره ، وإن خرج منكوسا فالمعتبر لسرته ، وقد بينا من قبل وفي الأصل في ميراث الجنين ذكر الصدر الشهيد في فرائضه أن الجنين يرث إذا كان موجودا في البطن عند موت المورث بأن جاء لأقل من ستة أشهر مذ مات المورث هكذا ذكر محمد المسألة مطلقة ، وهذا التقدير في استحقاق الجنين من غير الأب أما من الأب فإن جاء به لأقل من سنتين من وقت الموت فإنه يرث ما لم تقر بانقضاء لعادة نص عليه محمد في كتاب الفرائض فالأصل أن المعتدة إذا جاءت بالولد لأقل من سنتين من وقت الطلاق فإنه يثبت نسب الولد من الزوج إذا لم تقر بانقضاء العدة فإذا ثبت النسب من الميت يرث منه ضرورة ، وإن جاء لأكثر من سنتين لا يثبت النسب من الميت ولا يرث منه .

قال محمد في كتاب الفرائض أيضا لو أن عبدا تحته حرة ولد منها ابن وله ابن آخر حر من غيرها فمات ابن العبد ولا يدري أنها حبلى أو لا فجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر منذ مات ابن العبد وأنه يرث ميراث أخته ; لأن الوطء حال بالعلوق إلى ستة أشهر فقد مات أخوه وهو في البطن فيرثه ، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يرثه ; لأن الحمل من ستة أشهر فقد مات أخوه وهو لم يخلق بعد فلا يرثه فتبين بما ذكر محمد في الأصل إنما ذكره الصدر الشهيد من التقرير في استحقاق الجنين الإرث من غير الأب لا عن الأب وطريق معرفة انفصاله حيا أن يستهل أو يسمع منه عطاس أو تنفس أو يترك بعض أعضائه أو ما شاكل ذلك ، وإن انفصل ميتا لم يرثه لأنا شككنا في حياته وقت موت الأب بجواز أنه كان ميتا لم تنفخ فيه الروح وبجواز أنه كان حيا فلا يرثه بالشك وفي الذخيرة ، ثم الجنين إذا خرج ميتا فإنه لا يرث إذا خرج بنفسه ، وأما إذا خرج حيا فهو من جملة الورثة بيانه إذا ضرب إنسان بطنها فألقت جنينا ميتا فهذا الجنين من جملة الورثة وفيه روايات ابن المبارك قال الشيخ محمد أبو الفضل إذا مات الرجل عن امرأة وابنين وادعت المرأة أنها حامل تعرض المرأة على امرأة ثقة أو امرأتين حتى يتبين حملها [ ص: 575 ] فإن لم يقف على شيء من علامات الحمل يقسم الميراث ، وإن وقف على شيء من علاماته تربصوا حتى تلد ولا يقسم الميراث ، وإن كان رجل خلف امرأة حاملا وابنا فولدت المرأة ابنا وبنتا فاستهل أحدهما وماتا لا يدري أيهما استهل .

فلو جعل المستهل ابنا فقد خلف المورث ابنين للمرأة الثمن والباقي بينهما وتصح المسألة من ستة عشر ومسألته من ثلاثة لا تستقيم فتضرب ثلاثة في ستة عشر فتبلغ ثمانية واربعين للمرأة الثمن ستة ولكل ابن واحد وعشرون فمات المستهل عن أحد وعشرين سهما وخلف أما وأخا للأم الثلث سبعة أسهم والباقي وهو أربعة عشر للأخ فقد حصل للأم ثلاث عشر وللأخ خمسة وثلاثون ، وإن كان المستهل الأنثى للمرأة الثمن والباقي بين الابن والبنت { للذكر مثل حظ الأنثيين } وتصح المسألة من أربعة وعشرين للمرأة ثلاثة وللبنت سبعة وللابن أربعة عشر وماتت البنت عن سبعة أسهم وخلفت أما وأخا ومسألتهما من ثلاثة ، وسبعة على ثلاثة لا تنقسم فتضرب ثلاثة في أربعة وعشرين فتصير اثنين وسبعين للمرأة الثمن تسعة وللابن اثنان وأربعون وللبنت إحدى وعشرون فماتت البنت عن إحدى وعشرين سهما وخلف أما وأخا للأم الثلث سبعة وللأخ أربعة عشر فقد حصل للأم ستة عشر وللأخ ستة وخمسون وستة عشر توافق الستة والخمسين بالثمن فيرد ذلك إلى ذلك الثمن فيكون ثمن الستة عشر سهمان وثمن الستة والخمسين سبعة أسهم والتسعة توافق الثمانية والأربعين بالثلث فيضرب ثلث أحدهما في جميع الآخر فيصير مائة وأربعة وأربعين ، ثم ضاعف ; لأن هنا حالين حال استهلاك الابن وحال استهلاك البنت فصار مائتين وثمانية وثمانين فهذا جميع المال .

وفي القنية سئل عن صبي استهل في البطن وانفصل ميتا فقال : لا يعتبر هذا الاستهلال .

وفي الظهيرية ، ولو أن رجلين ليس بينهما قرابة تزوج كل واحد منهما أم الآخر فولدت كل واحد منهما غلاما فقرابة ما بينهما أن ابن المتزوج بالأم أخ لابن الذي تزوج الابنة وعمه وابن الذي تزوج الابنة ابن الأخت للذي تزوج الأم وابن أخته فلا يرث واحد منهما من صاحبه مع سائر العصبات ; لأن العم لأم وابن الأخ لأم من جملة ذوي الأرحام فلا يرثون مع أحد من العصبات فلو أن رجلا تزوج امرأة وزوج ابنتها من ابنه فولد لكل واحد منهما غلام فقرابة ما بين الغلامين أن ابن الأب الذي تزوج الأم عم الابن الذي تزوج الابنة وخاله وابن الابن ابن أخ ابن الأب وابن أخته فأيهما مات ورث صاحبه ها هنا من قبل أن العم عصبة وكذلك ابن الأخ لأب عصبة ، وإذا كان كل واحد منهما عصبة صاحبه من أحد الوجهين كان وارثا له فإن تزوج الأب الابنة وتزوج الابن الأم فولد لكل واحد منهما غلام فقرابة ما بين الولدين أن ابن الأب عم ابن الابن ، وابن أخته وابن الابن خال ابن الأب وابن أخيه فأيهما مات ورثه الآخر بالعصوبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية