البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله وندب الأربع قبل العصر والعشاء وبعدها والست بعد المغرب ) بيان للمندوب من النوافل أما الأربع قبل العصر فلما رواه الترمذي وحسنه عن علي رضي الله عنه قال { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين } وروى أبو داود عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر ركعتين } فلذا خيره في الأصل بين الأربع وبين الركعتين [ ص: 54 ] والأفضل الأربع وإنما لم تكن الركعتان سنة راتبة لأنها ثابتة بيقين ويكون الأربع مستحبا لأنه لم يذكر في حديث عائشة رضي الله عنها للعصر سنة راتبة أصلا كما في البدائع فلذا لم يجعل له سنة وأما الأربع قبل العشاء فذكروا في بيانه أنه لم يثبت أن التطوع بها من السنن الراتبة فكان حسنا لأن العشاء نظير الظهر في أنه يجوز التطوع قبلها وبعدها كذا في البدائع ولم ينقلوا حديثا فيه بخصوصه لاستحبابه وأما الأربع بعدها ففي سنن أبي داود عن شريح بن هانئ قال سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت { ما صلى العشاء قط فدخل بيتي إلا صلى فيه أربع ركعات أو ست ركعات } قال في فتح القدير الذي يقتضيه النظر كون الأربع بعد العشاء سنة لنقل المواظبة عليها في أبي داود فإنه نص في مواظبته على الأربع دون الست للمتأمل ا هـ .

وقد يقال إنما لم تكن الأربع سنة لما في الصحيحين عن { ابن عمر قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين بعد الجمعة } وحدثتني حفصة بنت عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر } ا هـ فهو معارض لنقل المواظبة على الأربع فلذا لم تكن سنة وأما الستة بعد المغرب فلما روى ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال { من صلى بعد المغرب ست ركعات كتب من الأوابين وتلا قوله تعالى { إنه كان للأوابين غفورا } }

وذكر في التجنيس أنه يستحب أن يصلي الست بثلاث تسليمات ولم يذكر المصنف من المندوبات الأربع بعد الظهر وصرح باستحبابها جماعة من المشايخ لحديث أبي داود والترمذي والنسائي وحكى في فتح القدير اختلافا بين أهل عصره في مسألتين الأولى هل السنة المؤكدة محسوبة من المستحب في الأربع بعد الظهر وبعد العشاء وفي الست بعد المغرب أو لا الثانية على تقدير الأول هل يؤدي الكل بتسليمة واحدة أو بتسليمتين واختار الأول فيهما وأطال [ ص: 55 ] الكلام فيه إطالة حسنة كما هو دأبه وظاهره أنه لم يطلع عليه في كلام من تقدمه ولم يذكر المصنف من المندوبات صلاة الضحى للاختلاف فيها فقيل لا تستحب لما في صحيح البخاري من إنكار ابن عمر لها وقيل مستحبة لما في صحيح مسلم عن عائشة { أنه عليه السلام كان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء } وهذا هو الراجح ولا يخالفه ما في الصحيحين عنها { ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط وإني لأسبحها } لاحتمال أنها أخبرت في النفي عن رؤيتها ومشاهدتها وفي الإثبات عن خبره عليه السلام أو خبر غيره عنه أو أنها أنكرتها مواظبة وإعلانا ويدل لذلك كله قولها وإني لأسبحها وفي رواية الموطإ وإني لأستحبها من الاستحباب وهو أظهر في المراد وظاهر ما في المنية يدل على أن أقلها ركعتان وأكثرها ثنتا عشرة ركعة لما رواه الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ومن صلى أربعا كتب من العابدين ومن صلى ستا كفى ذلك اليوم ومن صلى ثمانيا كتبه الله من القانتين ومن صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة وما من يوم وليلة إلا ولله من يمن به على عباده وصدقة وما من الله على أحد من عباده أفضل من أن يلهمه ذكره } قال المنذري ورواته ثقات ولم أر بيان أول وقتها وآخره لمشايخنا هنا ولعلهم تركوه للعلم به وهو أنه من ارتفاع الشمس إلى زوالها كما لا يخفى ثم رأيت صاحب البدائع صرح به في كتب الأيمان فيما إذا حلف ليكلمنه الضحى فقال أنه من الساعة التي تحل فيها الصلاة إلى الزوال وهو وقت صلاة الضحى ا هـ .

. ومن المندوبات تحية المسجد وقد قدمناها في أحكام المسجد قبيل باب الوتر وصرح في الخلاصة باستحبابها وأنها ركعتان ومن المندوبات ركعتان عقيب الوضوء كما في شرح النقاية والتبيين ومن المندوبات صلاة الاستخارة وقد أفصحت السنة ببيانها فعن جابر [ ص: 56 ] قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجله فاصرفه عني واصرفني عنه وقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به قال ويسمي حاجته } رواه البخاري وغيره ومن المندوبات صلاة الحاجة وهي ركعتان كما ذكره في شرح منية المصلي مع ما قبله من الاستخارة والأحاديث بها مذكورة في الترغيب والترهيب ومن المندوبات صلاة الليل حثت السنة الشريفة عليها كثيرا وأفادت أن لفاعلها أجرا كبيرا فمنها ما في صحيح مسلم مرفوعا { أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } وروى ابن خزيمة مرفوعا { عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم } وروى الطبراني مرفوعا { لا بد من صلاة بليل ولو حلب شاة وما كان بعد صلاة العشاء فهو من الليل } ا هـ .

وهو يفيد أن هذه السنة تحصل بالتنفل بعد صلاة العشاء قبل النوم وقد تردد في فتح القدير في صلاة التهجد أهي سنة في حقنا أم تطوع وأطال الكلام على وجه التحقيق كما هو دأبه وأوسع منه ما ذكره في أواخر شرح منية المصلي ومن المندوبات إحياء ليالي العشر من رمضان وليلتي العيدين وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان كما وردت به الأحاديث وذكرها في الترغيب والترهيب مفصلة والمراد بإحياء الليل قيامه وظاهره الاستيعاب ويجوز أن يراد غالبه ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد قال في الحاوي القدسي ولا يصلى تطوع بجماعة غير التراويح وما روي من الصلوات في الأوقات الشريفة كليلة القدر وليلة النصف من شعبان وليلتي العيد وعرفة والجمعة وغيرها تصلى فرادى انتهى ومن هنا يعلم كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب [ ص: 57 ] في أول ليلة جمعة منه وأنها بدعة وما يحتاله أهل الروم من نذرها لتخرج عن النفل والكراهة فباطل وقد أوضحه العلامة الحلبي وأطال فيه إطالة حسنة كما هو دأبه وفي الفتاوى البزازية


[ ص: 54 ] ( قوله لأنها ثابتة بيقين ) تعليل للمنفي وقوله ويكون مستأنف والأولى أن يكون مجزوما عطفا على تكن المنفي بلم وقوله لأنه لم يذكر تعليل للنفي أعني قوله لم تكن وحاصل كلامه أن الحديثين المذكورين قد اتفقا على ركعتين وزاد أحدهما على الآخر ركعتين ومقتضى ذلك أن يكون ما اتفقا عليه سنة لأنه ثابت منهما بيقين ويكون الأربع مستحبا والجواب أنه لم يكن كذلك لأنه لم يذكر في حديث عائشة رضي الله عنها للعصر سنة راتبة لا ركعتين ولا أربعا فيقتضي عدم المواظبة على الركعتين أيضا ولا بد من المواظبة حتى تثبت السنة هذا ومقتضى الحديث الأول أن الأولى في الأربع الفصل لكن ذكر الشيخ إسماعيل عن الترمذي أن إسحاق بن إبراهيم اختار أن لا يفصل في الأربع قبل العصر واحتج بهذا الحديث وقال معنى أنه يفصل بينهن بالتسليم يعني التشهد ا هـ .

ولعله جواب علمائنا أيضا ( قوله ولم ينقلوا حديثا فيه بخصوصه ) نقل في الاختيار عن عائشة رضي الله عنها { أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي قبل العشاء أربعا ثم يصلي بعدها أربعا ثم يضطجع } ا هـ .

ونقله عنه أيضا في إمداد الفتاح ثم قال وذكر في المحيط إن تطوع قبل العصر بأربع وقبل العشاء بأربع فحسن لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لم يواظب عليها ( قوله فإنه نص في مواظبته على الأربع إلخ ) لأن مفاد الحديث أنه صلى الله تعالى عليه وسلم تارة يصلي ستا وتارة يقتصر على الأربع وعلى كل فالأربع مواظب عليها لأنها بعض الستة ( قوله وقد يقال إلخ ) أي قد يقال في دفع المواظبة .

أقول : ولي هنا نظر لأنه لا يخلو من أن يكون المراد من الركعتين في هذه المواضع المذكورة في حديث ابن عمر أنها الراتبة أو غير الراتبة فإن كان الأول يرد مثل ما أورده في التي قبل الظهر والتي بعد الجمعة فإنه يقتضي عدم المواظبة على الأربع فيهما وإن كان الثاني وهو الذي جمع به في الفتح بين هذا الحديث وحديث عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم { كان يصلي أربعا قبل الظهر } بقوله أما بأن الأربع كان يصليها عليه السلام في بيته وما رآه ابن عمر تحية المسجد أو بأن ابن عمر كان يرى تلك وردا آخر سببه الزوال وهو مذهب بعض العلماء ا هـ .

ثم ذكر حديث { أنه عليه السلام كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس } ثم قال وقد صرح بعض مشايخنا بعين هذا الحديث على أن سنة الجمعة كالظهر لعدم الفصل فيه بين الظهر والجمعة ولم يجب عن التي بعد الجمعة ولا التي بعد العشاء فيقتضي أن الأربع بعد الجمعة غير راتبة وأن الركعتين بعد العشاء هي الراتبة وبه يتم ما ذكره المؤلف من الدفع لكن يحتاج إلى الجواب عن التي بعد الجمعة نعم هو ظاهر على رواية عن أبي حنيفة ذكرها في الذخيرة أنها ركعتان فليتأمل وقد يقال أنها الركعتان الزائدتان على الأربع كما هو قول أبي يوسف كما مر

( قوله واختار الأول فيهما ) أي اختار ما تضمنه الترديد الأول في كل من المسألتين لكن يرد عليه ما ذكروه في صلاة الست بعد المغرب فإن مقتضى كلامه أن الأولى فيها أن تكون بتسليمة واحدة وقد صرح بأن الراتبة تحتسب منها والتصريح بخلاف كل ثابت قال الشيخ إسماعيل وفي المفتاح [ ص: 55 ] وندب ست ركعات بعد المغرب يعني غير سنة المغرب لقوله عليه الصلاة والسلام { من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن عبادة ثنتي عشرة سنة } كذا في الإيضاح ا هـ .

وفي الغزنوية وصلاة الأوابين وهي ما بين العشاءين ست ركعات بثلاث تسليمات قال أبو البقاء القرشي في شرحها يصلي ست ركعات بنية صلاة الأوابين يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة { قل يا أيها الكافرون } مرة { وقل هو الله أحد } ثلاث مرات قاله الشيخ عبد الله البسطامي ا هـ .

وكذلك صرح في التجنيس وغرر الأذكار بأنها بثلاث تسليمات ثم قال في الغرر الأذكارية وفسره يعني أنسا راوي الحديث بثلاث تسليمات ا هـ .

كلام الشيخ إسماعيل ثم قال مع أن الحديث يشير إلى ذلك حيث قال لم يتكلم فيما بينهن بسوء إذ مفهومه أنه لو تكلم بخير استحق الموعود ا هـ فظهر أنها ست مستقلة كما هو صريح المفتاح وظاهر شرح الغزنوية وأنها بثلاث تسليمات وإن قال في الدرر والتنوير أنها بتسليمة واحدة قال الرملي والذي يظهر لي في وجه الفرق بين هذه الست وبين الأربع في الظهر والعشاء أنها لما زادت عن الأربع وكان جمعها بتسليمة واحدة خلاف الأفضل لما تقرر أن الأفضل فيهما رباع عند أبي حنيفة رحمه الله ولو سلم على رأس الأربع لزم أن يسلم في الشفع الثالث على رأس الركعتين فيكون فيه مخالفة من هذه الحيثية فكان المستحب فيه ثلاث تسليمات ليكون على نسق واحد هذا ما ظهر لي من الوجه ولم أره لغيري فليتأمل ا هـ وهو حسن

( قوله ولم يذكر المصنف من المندوبات إلخ ) أقول : لم يذكر المؤلف أيضا صلاة التوبة وصلاة الوالدين وصلاة ركعتين عند نزول الغيث وركعتين عند الخروج إلى السفر وركعتين في السر لدفع النفاق والصلاة حين يدخل بيته ويخرج توقيا عن فتنة المدخل والمخرج كما في شرح الشيخ إسماعيل عن الشرعة ( قوله ولم أر إلخ ) .

أقول : لم يذكر وقتها المختار وفي شرح الشيخ إسماعيل عن الشرعة ويتحرى لها وقت تعالي النهار حتى ترمض الفصال من الظهيرة قال وفي شرحها تعالي النهار علوه وارتفاعه وترمض من باب علم أي تحترق أخفاف الفصال جمع فصيل ولد الناقة إذا فصل عن أمه والظهيرة نصف النهار هذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم عن زيد بن أرقم كما ذكره في المشارق من قوله عليه الصلاة والسلام { صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال } قال الشيخ إسماعيل أقول : ومقتضاه أفضلية كونها أقرب إلى الظهيرة ا هـ .

قلت : وفي شرح المنية عن الحاوي ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار ثم ذكر الحديث وذكر الشيخ إسماعيل عن الشرعة أنه يقرأ فيها سورتي الضحى أي سورة { والشمس وضحاها } وسورة { والضحى والليل } ا هـ .

قلت رأيت في التحفة لابن حجر الشافعي ما نصه : قال بعضهم : ويسن قراءة والشمس والضحى لحديث فيه رواه البيهقي ا هـ .

قال ولم يبين أنه يقرؤهما فيما إذا زاد على ركعتين في كل ركعتين من ركعاتها أو في الأوليين فقط وعليه فما عداهما يقرأ فيه الكافرون والإخلاص كما علم مما مر ا هـ .

ومراده بما مر ما نقله عن بعضهم بحثا أنهما يسنان أيضا في سائر السنن التي لم ترد لها قراءة مخصوصة ( قوله ومن المندوبات صلاة الاستخارة ) قال الشيخ إسماعيل وفي شرح [ ص: 56 ] الشرعة من هم بأمر وكان لا يدري عاقبته ولا يعرف أن الخير في تركه أو الإقدام عليه فقد { أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع ركعتين يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب { وقل يا أيها الكافرون } وفي الثانية الفاتحة { وقل هو الله أحد } فإذا فرغ قال اللهم } إلخ ثم المسموع من المشايخ ينبغي أن ينام على الطهارة ومستقبل القبلة بعد قراءة الدعاء المذكور فإن رأى في منامه بياضا أو خضرة فذلك الأمر خير وإن رأى فيه سوادا أو حمرة فهو شر ينبغي أن يجتنب عنه ا هـ .

( قوله ومن المندوبات صلاة الحاجة إلخ ) قال الشيخ إسماعيل ذكرها في التجنيس والملتقط وخزانة الفتاوى وكثير من الفتاوى وفي الحاوي وشرح المنية أما في الحاوي فذكر أنها ثنتا عشرة ركعة وبين كيفيتها بما فيه كلام وأما في التجنيس وغيره فذكر أنها أربع ركعات بعد العشاء وأن في الحديث المرفوع يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب مرة وثلاث مرات آية الكرسي وفي الثانية فاتحة الكتاب مرة و { قل هو الله أحد } مرة { وقل أعوذ برب الفلق } مرة و { قل أعوذ برب الناس } مرة وفي الثالثة والرابعة كذلك كن له مثلهن من ليلة القدر قال مشايخنا صلينا هذه الصلاة فقضيت حوائجنا مذكور في الملتقط والتجنيس وكثير من الفتاوى كذا في خزانة الفتاوى وأما في شرح المنية فذكر أنها ركعتان وأخرج الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم { من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله تعالى وليصل على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين } ا هـ .

( قوله وقد تردد في فتح القدير إلخ ) حيث قال بقي أن صفة صلاة الليل في حقنا السنة أو الاستحباب يتوقف على صفتها في حقه صلى الله تعالى عليه وسلم فإن كانت فرضا في حقه فهي مندوبة في حقنا لأن الأدلة القولية فيها إنما تفيد الندب والمواظبة الفعلية ليست على تطوع لتكون سنة في حقنا وإن كانت تطوعا فسنة لنا وقد اختلف العلماء في ذلك ثم ذكر الأدلة للفريقين والذي حط عليه كلامه أن الفرضية منسوخة كما قالته عائشة رضي الله عنها في حديث رواه مسلم وأبو داود والنسائي ( قوله ومن هنا يعلم إلخ ) قال الشيخ إسماعيل وقد ذكر الغزنوي صلاة الرغائب ثنتي عشرة ركعة بين العشاءين بست تسليمات وصلاة الاستفتاح عشرين ركعة في النصف من رجب به صلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة بخمسين تسليمة وينبغي حمله على الانفراد كما مر وصلاة ليلة النصف [ ص: 57 ] ذكرها الغافقي المحدث في لمحات الأنوار وصاحب أنس المنقطعين وأبو طالب المكي في القوت عبد العزيز الديريني في طهارة القلوب وابن الجوزي في كتاب النور والغزالي في الإحياء قال الحافظ الطبري جرت العادة في كل قطر من أقطار المكلفين بتطابق الكافة على صلاة مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان بألف قل هو الله أحد وتروى في صحتها آثار وأخبار ليس عليها الاعتماد

ولا نقول أنها موضوعة كما قال الحافظ ابن الجوزي فإن الحكم بالوضع أمره خطير وشأنه كبير مع أنها أخبار ترغيب والعامل عليها بنيته يثاب ويصدق عزمه وإخلاصه في ابتهاله يجاب والأولى تلقيها بالقبول من غير حكم بصحتها ولا حرج في العمل بها ا هـ .

( قوله وفي الفتاوى البزازية ) أي وأوضحه في الفتاوى البزازية .

التالي السابق


الخدمات العلمية