البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله وتطوع قبل الفرض إن أمن فوت الوقت وإلا لا ) أي وإن لم يأمن لا يتطوع لأن صلاة التطوع عند ضيق الوقت حرام لتفويتها الفرض وإن لم يضق الوقت فله أن يتطوع فإن كانت سنة مؤكدة ولم تفته الجماعة فإنه يسن في حقه الإتيان بها باتفاق المشايخ وإن فاتته الجماعة ففيه اختلاف والصحيح أنه يسن الإتيان بها كما ذكره قاضي خان في شرحه لكونها مكملات للفرائض وإن لم تكن مؤكدة فإن كان من المستحبات يستحب الإتيان بها وإلا فهو مخير .


( قوله وإن فاتته الجماعة ) أي وصلى منفردا كما في الزيلعي ( قوله كما ذكره قاضي خان في شرحه ) أقول : نص كلامه : الإنسان إذا صلى وحده إن شاء أتى بالسنن وإن شاء تركها وهو قول الكرخي رحمه الله لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما أتى بالسنن إلا عند أداء المكتوبات بالجماعة والأول أصح والأخذ به أحوط لأن السنة بعد المكتوبة شرعت لجبر نقصان يمكن في المكتوبة وقبلها لقطع طمع الشيطان عن المصلي فيقول لما لم يطعني في ترك ما لم يكتب عليه كيف يطيعني في ترك ما كتب عليه والمنفرد إلى ذلك أحوج ا هـ .

وفي الزيلعي المصلي لا يخلو إما أن يؤدي الفرض بجماعة أو منفردا فإن كان بجماعة فإنه يصلي السنن الرواتب قطعا وإن كان يؤديه منفردا فكذلك الجواب في رواية وقيل يتخير والأول أحوط ا هـ .

والعجب مما وقع لصاحب النهر في هذا المحل فإنه بعدما ذكر المسألة على الصواب قال قيد بفوت الفرض لأنه لو خشي فوت الجماعة لو أتى بها اختلفوا والصحيح أنه يسن الإتيان بها كما ذكره قاضي خان في شرحه كذا في البحر وهو مشكل كيف والجماعة واجبة كما مر ا هـ .

وأنت قد سمعت نص كلام قاضي خان وأن ما ذكره المؤلف هو ما نقلناه عنه ولا إشعار له بما ذكره صاحب النهر أصلا وقد وقع هذا الوهم أيضا لتلميذ المؤلف في منح الغفار فذكر عبارة شيخه ثم استشكل بما تقدم في الفجر وأعجب من هذا أن عبارة الدرر كعبارة قاضي خان وقد ذكر الشيخ إسماعيل إشكال صاحب النهر ووجهه عليها وقد علمت أن إشكال النهر ليس في هذه الصورة ووقع للشيخ علاء الدين في شرح التنوير نظير ما وقع للشيخ إسماعيل بل أبدع وأغرب محشيه المداري الحلبي فجزم بأن ما في الدرر باطل وتعجب من الشرنبلالي حيث لم يتعرض لذلك في حاشيته على الدرر .

والحاصل أن أصل السهو من صاحب النهر والمنح منشؤه عدم فهم المسألة وقد نبه على ذلك العلامة الرملي في حاشيته على المنح وفي حاشيته على هذا الكتاب فقال بعد تصويره المسألة على وجه الصواب فافهم ذلك وكن على [ ص: 83 ] بصيرة منه فإن صاحب النهر ومنح الغفار وقد خلطا وخبطا في هذه المسألة خلطا فاحشا والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية