البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
[ ص: 180 ] ( باب صلاة الكسوف ) .

مناسبته للعيد هو أن كلا منهما يؤدى بالجماعة نهارا بغير أذان ، ولا إقامة وأخرها عن العيد ; لأن صلاة العيد واجبة على الأصح يقال كسفت الشمس تكسف كسوفا وكسفها الله كسفا يتعدى ، ولا يتعدى قال جرير يرثي عمر بن عبد العزيز

الشمس طالعة ليست بكاسفة تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

أي ليست تكسف ضوء النجوم مع طلوعها لقلة ضوئها وبكائها عليك ولأجل ذلك لم يظهر لها نور فعلى هذا انتصب قوله نجوم على المفعول به والقمر معطوف عليه وتمامه في السراج الوهاج ومنهم من جعل الكسوف للشمس والقمر ومنهم من جعل الكسوف للشمس والخسوف للقمر والأصل في صلاة الكسوف حديث البخاري { إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموها فصلوا } ، وفي رواية { فادعوا } ( قوله يصلي ركعتين كالنفل إمام الجمعة ) بيان لمقدارها ولصفة أدائها أما مقدارها فذكر أنها ركعتان ، وهو بيان لأقلها ; ولذا قال في المجتبى إن شاءوا صلوها ركعتين أو أربعا أو أكثر كل ركعتين بتسليمة أو كل أربع وأما صفة أدائها فهي صفة أداء النفل من أن كل ركعة بركوع واحد وسجدتين ومن أنه لا أذان له ، ولا إقامة ، ولا خطبة وينادى : الصلاة جامعة ليجتمعوا إن لم يكونوا اجتمعوا ومن أنها لا تصلى في الأوقات المكروهة ومن أنه لا يكره تطويل القيام والركوع والسجود والأدعية والأذكار الذي هو من خصائص النوافل واحترز بقوله كالنفل عن قول أبي يوسف فإنه قال كهيئة صلاة العيد وتقييده بإمام الجمعة بيان للمستحب قال القاضي الإسبيجابي ويستحب في كسوف الشمس ثلاثة أشياء : الإمام والوقت والموضع أما الإمام فالسلطان أو القاضي ومن له ولاية إقامة الجمعة والعيدين وأما الوقت فهو الذي يباح فيه التطوع والموضع الذي يصلى فيه صلاة العيد أو المسجد الجامع ، ولو صلوا في موضع آخر أجزأهم ولكن الأول أفضل ، ولو صلوا وحدانا في منازلهم جاز ويكره أن يجمع في كل ناحية ا هـ .

وبه اندفع ما في السراج الوهاج أن في ذكر الإمام إشارة إلى أنه لا بد من شرائط الجمعة ، وهو كذلك إلا الخطبة ا هـ .

لكن جعله الوقت من المستحبات لا يصح ; لأنه لا تجوز الصلاة في الأوقات المكروهة ، ولم يبين المصنف رحمه الله صفتها من الوجوب والسنية و قد ذكر في البدائع قولين وذكر محمد في الأصل ما يدل على عدم الوجوب فإنه قال ، ولا تصلى نافلة في جماعة إلا قيام رمضان وصلاة الكسوف استثناها من النافلة والمستثنى من جنس المستثنى منه فدل على كونها نافلة لكن مطلق الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام { فصلوا } يدل على الوجوب إلا لصارف ، وما قد يتوهم من أنه ذكره مع قوله { وادعوا } فإن الدعاء ليس بواجب إجماعا فكذا الصلاة غير صحيح ; لأن القران في النظم لا يوجب القران في الحكم .


[ ص: 180 ] ( باب صلاة الكسوف ) .

( قوله وبه اندفع ما في السراج إلخ ) قال في النهر معنى قوله لا بد من شرائط الجمعة أي في تحصيل كمال السنة نعم ظاهر ما قاله الإسبيجابي يفيد أنه لو صلاها عند الاستواء صحت فتدبره ( قوله فدل على كونها نافلة ) ذكر في البدائع الجواب عنه وهو أن تسمية محمد إياها نافلة لا ينفي الوجوب ; لأن النافلة عبارة عن الزيادة وكل واجب زيادة على الفرائض الموظفة . ا هـ .

قلت : لي فيه نظر فإنه إذا كان المراد من النافلة الزائد على الفرائض يلزم عليه خروج العيد مع أنها لا تصلى بدون جماعة ، وفي العناية ذهب إلى وجوبها بعض أصحابنا واختاره صاحب الأسرار والعامة ذهبت إلى كونها سنة ; لأنها ليست من شعائر الإسلام فإنها توجد بعارض لكن صلاها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فكانت سنة والأمر للندب

التالي السابق


الخدمات العلمية