صفحة جزء
في قسم الفيء وأرض الخراج والخمس قلت : أرأيت الفيء كيف يقسم وهل سمعت من مالك فيه شيئا ؟

قال : قال مالك : الفيء والخمس سواء يجعلان في بيت المال . قال : وبلغني عمن أثق به أن مالكا قال : ويعطي الإمام أقرباء رسول الله على قدر ما يرى ويجتهد ، وأما جزية الأرض فإنه لا علم لي بها ولا أدري كيف كان يصنع فيها ، إلا أن عمر بن الخطاب قد أقر الأرض ، فلم يقسمها بين الناس الذين افتتحوها ، وكنت أرى لو أن نزل هذا بأحد سأل أهل تلك البلدة وأهل العلم والأمانة كيف كان الأمر فيه ، فإن وجد علما يشفيه وإلا اجتهد في ذلك هو ومن حضره من المسلمين .

قال ابن القاسم وأخبرني من أثق به عن مالك ، أنه قال في المال الذي يقسم في وجوه مختلفة ينظر في البلد الذي فيه ذلك المال وفي غيره من البلدان ، فإن رأى غيره من البلدان والبلد الذي فيه المال متكافئين في الحاجة ، بدئ بالذي فيه المال وأعطاهم بقدر ما يسعهم ويغنيهم ، فإن فضل فضل أعطاه غيرهم أو يوقفه إن رأى ذلك لنوائب أهل الإسلام ، فإن كان في غير البلدة من هو أشد حاجة منهم فقد يأتي على بعض أهل البلدان بعض الزمان وبهم حاجة شديدة من الجدوبة وهلاك المواشي والحرث وقلة المال ، فإذا كان على ذلك أعطى أهل ذلك البلد الذي فيه المال من ذلك المال ، وينقل أكثر ذلك المال إلى البلد الذي فيه الجدوبة والحاجة ، وكذلك حق أهل الإسلام إنما هم أهل الإسلام وإن تفرقوا في البلدان والمنازل لا يقطع ذلك حقهم .

قلت : أرأيت الفيء الذي قال مالك يجعل الفيء والخمس في بيت المال ، أي فيء هذا ؟

قال ما أصيب من العدو فخمس ، وكل أرض افتتحها أهل الإسلام بصلح فهذا فيء لأن المسلمين لم يكن لهم أن يقتسموها وأهلها على ما صالحوا عليه فهذا فيء ، وكل أرض افتتحوها عنوة فتركت لم تقسم ولو أرادوا أن يقسموها لقسموها فتركوها لأهل الإسلام ، فهذا الذي قال مالك يجتهد الإمام فيها ومن حضره من المسلمين ، وأما الجماجم في خراجهم فلم يبلغني عن مالك فيه شيء إلا أني أرى الجماجم تبعا للأرض إذا كانوا عنوة أو صلحا . ابن وهب ، عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ، أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص يوم افتتح العراق : أما بعد ، فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس قد سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عليهم ، فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك إلى العسكر من كراع أو مال ، فاقسمه بين من حضر من المسلمين واترك الأرضين والأنهار لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين ، فإنك لو [ ص: 515 ] قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء . قلت لابن القاسم : فما قول مالك في هذا الفيء أيسوى بين الناس فيه أم يفضل بعضهم على بعض ؟

قال : قال مالك : يفضل بعضهم على بعض ، ويبدأ بأهل الحاجة حتى يغنوا منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية