صفحة جزء
قلت : أرأيت الجعائل في البعوث أيجوز هذا أم لا في قول مالك ؟

قال : سألنا مالكا عن هذا فقال لا بأس به ، لم يزل الناس يتجاعلون بالمدينة عندنا يجعل القاعد للخارج ، قال : فقلنا لمالك : ويخرج لهم العطاء ؟

قال مالك : ربما خرج لهم وربما لم يخرج لهم ، قلت : فهذا الذي ذكر مالك أنه لا بأس به ، فالجعائل بينهم لأهل الديوان منهم ؟

قال : نعم ، قلت : فلو جعل رجل من أهل الديوان لرجل من غير أهل الديوان شيئا على أن يغزو عنه ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يعجبني .

قال : ولقد سألنا مالكا عن الرجل يأتي عسقلان وما أشبهها غازيا ولا فرس معه ، فيستأجر من رجل من أهلها فرسا يغير عليه أو يرابط عليه ؟ فكره ذلك ولم يعجبه أن يعمد رجل في سبيل الله معه فرس فيؤاجره ، قيل لمالك : فالقوم يغزون فيقال لهم من يتقدم إلى الحصن وما أشبهه من الأمور التي يتعب فيها نفسه وله كذا وكذا ، فأعظم ذلك وابتدأنا فيه بالكراهية من أن يقاتل أحد على مثل ذلك هذا ، أو يسفك فيه دمه .

قلت : أرأيت الذي قلت لي إن مالكا كره للرجل يكون بعسقلان فيؤاجر فرسه ممن يحرس عليه ، لا يشبه الذي جعل لغيره على الغزو ؟ فقال : هذا أيسر عندي في الفرس منه في الرجل ، ألا ترى أن مالكا قال : يكره للرجل أن يؤاجر فرسه في سبيل الله ، فهو إذا آجر نفسه هو أشد كراهية ، ألا ترى أن مالكا قد كره للذي يعطيه الوالي على أن يقدم للحصن فيعاض فكره له على هذا الجعل فهذا يدلك ، قلت : فلم جوز مالك لأهل العطاء يتجاعلون بينهم ؟

قال : ذلك وخدماتهم لأنها مباعث مختلفة ، وإنما أعطوا أعطياتهم على هذا وما أشبهه فأهل الديوان عندي مخالفون لمن سواهم . قال : والذي يؤاجر نفسه في الغزو إن ذلك لا يجوز في قول مالك وهو رأيي أنه لا يجوز ، وأما أهل الديوان فيما بينهم فليس تلك إجارة ، إنما تلك جعائل لأن سد الثغور عليهم وبهذا مضى [ ص: 528 ] أمر الناس .

ابن وهب عن ابن لهيعة عن بكر بن عمرو المعافري عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقول : لا بأس بالطوى من مأحوز إلى مأحوز إذا ضمنه الإنسان ابن وهب عن ابن لهيعة عن يحيى بن سعيد قال في الطوى : لو أن رجلا قال لرجل : خذ بعثي وآخذ بعثك وأزيدك دينارا أو بعيرا أو شاة فلا بأس به ، وقال الليث مثله ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح قال : يكره من الطوى أن يعقد الرجلان الطوى قبل أن يكتتبا في البعثين اللذين يتطاويان فيهما ، وذلك أن يقول الرجل للرجل قبل الطوى اكتتب في بعث كذا وكذا وأنا أكتتب في بعث كذا وكذا ثم يتعاقدان على ذلك ، وأما الطوى بعد الكتابة فلم أسمع أحدا ينكر ذلك إلا الرجل الذي يقف نفسه ينتقل من مأحوز إلى مأحوز التماس الزيادة في الجعل . ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة ، أنه كان يقول : لا نرى بأسا بالطوى من مأحوز إلى مأحوز .

سحنون .

قال الوليد وحدثني أبو عمرو الأوزاعي وابن جابر وسعيد بن عبد العزيز التنوخي عن مكحول : أنه كان لا يرى بالجعل في القبيلة بأسا . قال ابن جابر : سمعت مكحولا وهو يقول : إذا هويت المغزى فاكتتبت فيه ففرض لك فيه جعل فخذه ، وإن كنت لا تغزو إلا على جعل مسمى فهو مكروه . قال ابن جابر : فكان مكحول إذا خرجت البعوث أوقع اسمه في المغزى بهواه ، فإن كان له فيه جعل لم يأخذه وإن كان عليه أداه . قال الوليد : وحدثني ابن لهيعة عن ابن ميسرة عن علي بن أبي طالب ، أنه قال في جعيلة الغازي : إذا جعل رجل على نفسه غزوا فجعل له فيه جعل فلا بأس به ، وإن كان إنما يغزو من أجل الجعل فليس له أجر . ابن وهب عن ابن لهيعة عن حيوة بن شريح عن حصين بن علي الأصبحي عن الصحابة ، أنهم قالوا : يا رسول الله أفتنا عن الجاعل والمجتعل في سبيل الله ، فقال : { للجاعل أجر ما احتسب وللمجتعل أجر الجاعل والمجتعل } . ابن وهب عن الليث بن سعد ، أن قيس بن خالد المدلجي يحدث عن عبد الرحمن بن وعلة الشيباني أنه قال : قلت لعبد الله بن عمر : إنا نتجاعل في الغزو فكيف ترى ؟

قال عبد الله بن عمر : أما أحدكم إذا أجمع على الغزو فعرضه الله رزقا فلا بأس بذلك ، وأما أحدكم إن أعطي درهما غزا وإن منع درهما مكث فلا خير في ذلك .

حيوة بن شريح عن زرعة بن معشر عن تبيع ، أن الأمداد قالوا له : ألا تسمع ما يقول لنا الربطاء ، يقولون : ليس لكم أجر لأخذكم الجعائل ، فقال : كذبوا والذي نفسي بيده إني لأجدكم في كتاب الله كمثل أم موسى أخذت أجرها وآتاها الله ابنها . ابن وهب عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الجيلي ، وعمرو بن بكر عن تبيع مثله . سحنون عن الوليد قال : أخبرني أبو بكر عن عبد الله بن أبي مريم عن عطية بن قيس الكلابي قال : خرج على الناس بعث في زمن عمر بن الخطاب غرم فيه القاعد مائة دينار .

التالي السابق


الخدمات العلمية