صفحة جزء
[ ص: 529 ] باب الجزية قلت أرأيت الأمم كلها إذا رضوا بالجزية على أن يقروا على دينهم أيعطون ذلك أم لا في قول مالك ؟

قال : قال مالك في مجوس البربر إن الجزية أخذها منهم عثمان بن عفان ، قال : قال مالك في المجوس ما قد بلغك عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { سنوا بهم سنة أهل الكتاب } فالأمم كلها في هذا بمنزلة المجوس عندي .

قال ابن القاسم : ولقد قال مالك في الفزازنة وهم جنس من الحبشة سئل عنهم مالك ؟ فقال : لا أرى أن يقاتلوا حتى يدعوا إلى الإسلام ، ففي قول مالك هذا لا أرى أن يقاتلوا حتى يدعوا ففي قوله هذا أنهم يدعون إلى الإسلام فإن لم يجيبوا دعوا إلى إعطاء الجزية وأن يقروا على دينهم ، فإن أجابوا قبل ذلك منهم فهذا يدل على قول مالك في الأمم كلها إذ قال في الفزازنة أنهم يدعون فكذلك الصقالبة والآبر والترك وغيرهم من الأعاجم ممن ليسوا من أهل الكتاب ابن وهب عن مسلمة عن رجل عن أبي صالح السمان عن ابن عباس قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منذر بن ماري ، أخي بني عبد الله من غطفان عظيم أهل هجر يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام ، فرضي بالإسلام وقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل هجر ، فمن بين راض وكاره فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إني قرأت كتابك على أهل هجر ، فأما العرب فدخلوا في الإسلام ، وأما المجوس واليهود فكرهوا الإسلام وعرضوا الجزية ، وانتظرت أمرك فيهم ، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم { إلى عباد الله الأسديين فإنكم إذا أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ونصحتم لله ولرسوله وآتيتم عشر النخل ونصف عشر الحب ولم تمجسوا أولادكم ، فإن لكم ما أسلمتم عليه غير أن بيت النار لله ولرسوله ، فإن أبيتم فعليكم الجزية } .

فقرأ عليهم فكرهت اليهود والمجوس الإسلام وأحبوا الجزية ، فقال منافقو العرب : زعم محمد أنه إنما بعث يقاتل الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب ، ولا نراه إلا وقد قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب ، فأنزل الله تبارك وتعالى { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم ، قال : هذا كتاب أخذته من موسى بن عقبة فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول الله إلى منذر بن ساوي هلم أنت فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو ، أما بعد : فإن كتابك جاءني وسمعت ما فيه فمن صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبائحنا فإن ذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله ، ومن يفعل ذلك منكم فهو آمن ومن أبى فعليه الجزية .

التالي السابق


الخدمات العلمية