صفحة جزء
قلت : أرأيت إن رميت حجرا وأنا أظنه حجرا فإذا هو ' صيد ، فأصبته وأنفذت مقاتله آكله أم لا ؟ قال : لا ، ألا ترى أن مالكا قال في الذي يرمي الصيد بسكين فيقطع رأسه وهو لا ينوي اصطياده : إنه لا يأكله ، فهذا الذي رمى حجرا لم ينو اصطياد هذا الصيد الذي أصاب فلا يأكله ، قلت : وكذلك إن رمى صيدا وهو يظنه سبعا أو خنزيرا فأصاب ظبيا أنه لا يأكله ؟

قال : نعم مثل ما أخبرتك لأنه حين رمى لم يرد برميته الاصطياد فلا يأكله .

قلت : لم كره مالك هذا الذي رمى ظبيا وهو يظنه سبعا ؟ فقال : لا يأكله ، أرأيت لو أن رجلا أتى إلى شاة له فضربها بالسكين وهو لا يريد قتلها ولا ذبحها ، فأصاب حلقها ففرى الحلق والأوداج أيأكلها في قول مالك ؟

قال : لا يأكلها لأنه لم يرد بها الذبح ، لأن مالكا قال : لا تؤكل الإنسية بشيء مما يؤكل به الوحشي من الضرب والرمي ، فهذا والذي سألت عنه من إرساله على الصيد وهو يظن أنه سبع فهو سواء لا يؤكل واحد منهما لأنه إذا لم يرسله على صيد فلم يرد الذكاة ، وكذلك إذا ضرب شاته بسيفه وهو لا يريد ذكاتها ففرى أوداجها فلا يأكلها .

قلت : أرأيت إن طلب الكلاب الصيد أو البزاة فلم تزل في الطلب حتى مات من غير أن تأخذه الكلاب أو البزاة مات قبل أن يأخذه أيؤكل ؟

قال : لا يؤكل قلت : أرأيت إن أخذته الكلاب فقتلته ولم تدمه ، أيؤكل أم لا في قول مالك ؟ وكيف إن صدمته الكلاب فقتلته ولم تدمه أيؤكل أم لا ؟ وكيف إن أدركت الصيد فجعلت أضربه بسيفي ولا يقطع السيف حتى مات من ذلك [ ص: 541 ] أيؤكل أم لا ؟ وهل السيف في هذا إذا لم يقطع والكلاب إذا لم تنيب وتدم بمنزلة واحدة لا يؤكل شيء من ذلك في قول مالك ؟

قال : لا يؤكل شيء من ذلك كله في قول مالك ، لأن السيف إذا لم يقطع فهو عندي بمنزلة العصا لا تأكله ، وأما الكلاب إذا صدمت فقتلت ولم تنيب فهو عندي بمنزلة العصا ، ولا أرى أن يجوز من قتل الكلاب إلا ما يجوز من قتلك بيدك ، وما مات من الصيد من طلب الكلاب أو مات من عضها ولم تنيبه فلا يؤكل وهذا قول مالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية