صفحة جزء
المفقود تتزوج امرأته ثم يقدم والتي تطلق فتعلم الطلاق ثم ترتجع فلا تعلم قلت : أرأيت المرأة ينعى لها زوجها فتعتد منه ثم تتزوج والمرأة يطلقها زوجها فتعلم بالطلاق ثم يراجعها في العدة وقد غاب عنها فلم تعلم بالرجعة حتى تنقضي العدة فتتزوج وامرأة المفقود تعتد أربع سنين بأمر السلطان ثم أربعة أشهر وعشرا فتنكح أهؤلاء عند مالك محملهن محمل واحد ؟

قال : لا ، أما التي ينعى لها فهذه يفرق بينها وبين زوجها الثاني وترد إلى زوجها الأول بعد الاستبراء وإن ولدت منه أولادا ، وأما امرأة المفقود والتي طلقت ولم تعلم بالرجعة فإنه قد كان مالك يقول مرة : إذا تزوجتا ولم يدخل بهما زوجاهما فلا سبيل إليهما ، ثم إن مالكا وقف قبل موته بعام أو نحوه في امرأة المطلق إذا أتى زوجها فقال مالك : زوجها الأول أحق بها ، قال : وسمعت أنا منه في المفقود أنه قال : هو أحق بها ما لم يدخل بها زوجها الثاني ، وأرى أنا فيهما جميعا أن زوجاهما إذا أدركاهما قبل أن يدخل بهما زوجاهما هؤلاء الآخران فالأولان أحق وإن دخلا فالآخران أحق .

قال سحنون وقال أشهب مثل قوله ، واختار مثل ما اختار هو ، وقال المغيرة وغيره بقول مالك الأول وقالوا : لا توارث امرأة زوجين توارث زوجها ثم ترجع إلى زوج غيره ، وقال مالك وليس استحلال الفرج بعد الإعذار من السلطان بمنزلة عقد النكاح وقد جاء زوجها ولم يمت ولم يطلق .

قلت : أرأيت إن قدم زوجها الأول بعد الأربع سنين وبعد الأربعة أشهر والعشر أتردها إليه في قول مالك ويكون أحق بها ؟

قال : نعم ، قلت : أفتكون عنده على تطليقتين ؟

قال : لا ولكنها عنده على ثلاث تطليقات عند مالك وإنما تكون عنده على تطليقتين إذا هي رجعت إليه بعد زوج .

قلت : أرأيت المفقود إذا ضرب السلطان لامرأته أربع سنين ، ثم اعتدت أربعة أشهر وعشرا أيكون هذا الفراق تطليقة أم لا ؟

قال : إن تزوجت ودخل بها فهي تطليقة ، [ ص: 30 ] قلت : فإن جاء زوجها حيا قبل أن تنكح بعد الأربعة أشهر وعشر أتمنعها من النكاح ؟

قال : نعم ، وهي امرأته على حالها وبعد ما نكحت قبل أن يدخل بها يفرق بينها وبين زوجها الثاني وتقيم على زوجها الأول .

قال سحنون : فإن تزوجت بعد الأربعة أشهر وعشر ثم جاء موته أنه قد مات بعد أربعة أشهر وعشر أترثه أم لا ؟

قال : إن انكشف أن موته بعد نكاحها وقبل دخوله بها ورثت زوجها الأول لأنه مات وهو أحق بها ، فهو كمجيئه أن لو جاء أو علم أنه حي وفرق بينها وبين الآخر واعتدت من الأول من يوم مات ; لأن عصمة الأول لم تسقط وإنما تسقط بدخول الآخر بها وكذلك لو مات الزوج الآخر قبل دخوله بها فورثته ثم انكشف أن الزوج الأول مات بعده أو قبله بعد نكاحه أو جاء أن الزوج الأول حي بطل ميراثها مع هذا الزوج وردت إلى الأول إن كان حيا وأخذت ميراثه إن كان ميتا ، فإن انكشف أن موته بعد ما دخل بها الآخر فهي زوجة الآخر ولا يفرق بينهما لأنه استحل الفرج بعد الإعذار من السلطان وضرب المدد ، والمفقود حين فقد انقطعت عصمة المفقود ، وإنما موته في تلك الحال كمجيئه لو جاء ولا ميراث لها من الأول ، وإن انكشف أنها تزوجت بعد ضرب الأجل وبعد الأربعة الأشهر والعشر بعد موت المفقود ، في عدة وفاته ودخل بها الآخر في تلك العدة فرق بينها وبين الآخر ولم يتناكحا أبدا وورث الأول ، وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما وورث الأول وكان خاطبا من الخطاب إن كانت عدتها من الأول قد انقضت ; لأن عمر بن الخطاب فرق بين المتزوجين في العدة في العمد والجهل وقال : لا يتناكحان أبدا ، وهذا المسلك يأخذ بالذي طلق وارتجع فلم تعلم بالرجعة حتى انقضت العدة وتزوجت زوجا في موتهما وفي ميراثهما وفي فسخ النكاح وإن انكشف أن موت المفقود وانقضاء عدة موته قبل تزويج الآخر ورثت المفقود وهي زوجة الأخير كما هي .

قال : وقال مالك في امرأة المفقود إذا ضرب لها أجل أربع سنين ثم تزوجت بعد أربعة أشهر وعشر ودخل بها ثم مات زوجها هذا الذي تزوجها ودخل بها ، ثم قدم المفقود فأراد أن يتزوجها بعد ذلك أنها عنده على تطليقتين إلا أن يكون طلقها قبل ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية